خارج الحدود

وداعا ماركس .. المجر تتخلى عن آخر تمثال لكارل ماكس‎

صمد لمدة 25 عاما بعد انهيار النظام الشيوعي الا ان المجر بقيادة الشعبوي فيكتور اوربان قضت عليه… فتمثال كارل ماركس الذي اصبح رفيقا للطلاب في جامعة كورنيفوس في بودابست انزل في عطلة نهاية الاسبوع.

ويرى كثيرون في ذلك مؤشرا جديدا للتغيير الجذري الذي يريد اوربان ارساءه في هذا البلد البالغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة.

والتمثال البرونزي البالغ ارتفاعه اربعة امتار شيد بعد ثلاث سنوات على القمع الدموي للتمرد المناهض للشيوعية في العام 1956. وهو كان على الارجح احد اخر تماثيل ماركس التي بقيت في البلاد بعد حلول الديموقراطية العام 1989.

وقال زولت روستوفانيي رئيس الجامعة العريقة التي كانت جامعة كارل ماركس قبل ان تغير اسمها في العام 1990 “لم يعد هذا التمثال جزءا من هويتنا”.

وجامعة كورنيفوس ليست معقلا للناشطين الماركسيين ولا لاناس يحنون الى الحكم الحديدي الذي خضعت له المجر لاربعة عقود. الا ان عددا لا بأس به من الطلاب الذي التقتهم وكالة فرانس برس يأسفون لغياب تمثال المفكر الالماني (1818-1883).

التمثال الذي تمت إزالته لكارل ماركس

التمثال الذي تمت إزالته لكارل ماركس

ففي ردهة الاستقبال كان ماركس جالسا مع حاجبين مقطبين ويد ممدودة واخرى تحمل كتابا سميكا على الارجح هو عمله الشهير “رأس المال”.

الا ان صرامة التمثال لم تكن تلقي بظلها على الطلاب بل انه ماركس تحول الى حليف للطلاب.

فعند مطلع الموسم الدراسي في كل سنة يلتقط الطلاب الجدد الصور امامه. وما ان يحصلوا على الشهادة كانوا يضعونها في اليد الاخرى الحرة للتمثال قبل ان يلتقطوا صورة جديدة مع الاهل المتأثرين، على ما يذكر طلاب سابقون.

في عيد العشاق كان يضع مجهولون قلبا في يد الرجل الكبير. وتقول باتريسيتا وهي طالبة في السنة الثالثة “خلال الحفلات الطالبية في السنة الاولى كنا نضع طاولة الشراب امام التمثال. كما لو ان ماركس يقدم المشروب بنفسه!”.

بالنسبة لهذا الجيل الذي لم يعرف الحرب الباردة كان التمثال مجرد ملتقى، اذ كانوا يقولون لبعضهم البعض “نلتقي امام ماركس” من دون اي بعد سياسي.

ونقل التمثال الى موقع معرض تاريخي في الجامعة. ولا يعرف ماذا سيكون مصيره بعد ذلك.

وينفي روستوفاني ان يكون خضع لاي ضغوط لازالة التمثال رغم رسالة مفتوحة بهذا الشأن ارسلها وزير الى الجامعة في يناير.

ووصف الوزير المكلف التنظيم الاداري بينس ريتفاري فيها ماركس بانه “عنصري” ارسى اسس ديكتاتورية غير انسانية ومجازر القرن العشرين”.

لكن هل تعكس ازالة تمثال ماركس ارادة فيكتور اوربان الذي يتهمه منتقدوه بانه مشروع طاغية، لاحلال تغيير جذري في المجمتع؟. هذا هو رأي اندراس مينك المؤرخ في جامعة اوروبا الوسطى في بودابست.

ويوضح “هذا ربما عنصر ذو دلالات مهمة في خطاب الحكومة التي تعتد بانها باشرت ثورة عند وصولها الى الحكم في العام 2010”.

واعيد انتخاب فيكتور اوربان بهامش كبير في أبريل وهو ناشط سابق مناهض للشيوعية اصبح مشككا بالوحدة الاوروبية ومحافظا. وهو يمتدح “نجاح” روسيا فلاديمير بوتين.

تعديلاته الدستورية وقوانينه التي تحكم القضاء وتقيد حرية الصحافة والضرائب الثقيلة على الشركات الاجنبية، اثارت انتقادات كثيرة من الاتحاد الاوروبي وقلقا على الحريات الفردية ومن الهيمنة على الاقتصاد.

ومنذ الربيع، باتت بعض المنظمات غير الحكومية التي تمولها النروج والتي يأخذ عليها اوربان انها “عميلة تتقاضى اموالا من الخارج” ، كما في روسيا، في مرمى الشرطة. وتفيد منظمة هيومن رايتس واتش “انها خطوة جديدة في اطار تخويف المجتمع المدني”.

ويوضح اندراس مينك ان هذه السلطة تعتبر ان “ماركس يمثل استمرارية بين نهاية الشيوعية والعقدين الفوضويين اللذين تلاه. وبعد اعادة انتخابها تنوي الحكومة الانقطاع كليا عن هذا الماضي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *