آراء

المخزن والحرب على الاستثمار

عرفنا والكل عرف أن المستثمر في سنوات الرصاص وقبلها وبعدها عانى الأمرين من ابتزاز كل ذي سلطة في المغرب، سواء كبيرة أو صغيرة، لدرجة كان المقدم وحارس الأمن والمخزني يبتز المستثمر في دولة مخزنية، الابتزاز فيها سلوك واجب ومن لا يقوم به ينظر إليه على أنه تافه وجبان.

بحق كانت الدولة تحرض مساعديها على الشعب وهي كانت لا تسدد لهم أجورا كافية وكانت تحضهم على اقتطاع رواتبهم من جيوب الشعب الذي لم يكن يتقبل بعد أن يسدد ضرائب باهظة.

لكن أعوان المخزن ورجاله بكل أنواعهم ناضلوا من أجل الحصول على رواتبهم كاملة وما كان على الدولة إلا أن رفعت الضرائب على المواطنين وزادت فيها حتى أصبح المواطن يسدد ضرائب فاحشة جدا ترهقه وتدفعه للانهيار والاستسلام والخراب الاقتصادي للوطن عامة.

الكارثة هي أنه ورغم الضرائب الفاحشة التي أرهقت المستثمر وكلفته مبالغ خيالية بالنسبة له وهو العاجز عن توفيرها، رغم هذا ما يزال من حصلوا على حقوقهم كاملة يحاولون ابتزاز المواطن المستثمر, والكثير منهم يفهم احترام المستثمر لهم على أنه خوف أن ضعف أو جبن، فيحاول لوي ذراع المستثمر لكي يستغله أكثر ويبزه أكثر.

الدولة ومن أموال دافعي الضرائب طبعا خصصت لرجالها بكل أنواعهم رواتب مهمة تضاعفت خلال السنوات الأخيرة وخصصت لكل من انتقل منهم لمباشرة مهمة خارج مدنيته تعويضات مهمة عن المبيت والتنقل والأكل.

الكثير من أولائك الرجال ممن حصلوا على رواتبهم كاملة والتعويضات عن التنقل يرغبون في ابتزاز المستثمرين ابتزاز فاحشا حتى أن الكثير منهم يحسب عدم الخضوع لابتزاهم عصيانا يلفق الراغب في الابتزاز للمستثمر بناء عليه تهما كاذبة.

المستثمر في المغرب كالقصعة الكل يمد يده إليها راغبا في اقتطاع جزء منه لنفسه والدولة في الأخير تطالب المستثمر بأن يسدد لها أكثر من نصف القصعة وهي لم تمنع عن المستثمر أعوانها الذين يحاولون اقتطاع أكثر من نصف القصعة لأنفسهم.

ما الذي سيتبقى للمستثمر في المغرب إن كان أعوان الدولة يريدون لأنفسهم نصف القصعة والدولة تريد أكثر من نصفها, ما الذي سيفعله المستثمر في هذه الحالة؟ هل يكذب على الدولة أو يكذب على أعوانها وهي لم تمنعهم عنه.

كفى ابتزازا للمستثمرين وكفى عدوانا يا عون الدولة, أنت تحصل على راتبك كاملا ولن تسمح للدولة فيه في درهم واحد, لكنك تحارب اقتصاد وطنك بابتزازك من يسددون الضرائب للدولة ويساهمون في تشغيل أبناء الشعب.

إن ما يقع في المغرب من حرب على الاستثمار فاق المعقول وأصبح الجميع يحارب الاستثمار والجميع يصرخ منددا بغياب الاستثمار.

عرفت اليوم أيها المواطن ما الذي يرهق من يفترض فيه أن يشغلك؟ إنهم أعوان الدولة ممن حصلوا على حقوقهم كاملة ويأكلوا حقك أيها العاطل ويبتزوا من يفترض فيه أن يشغلك.

* مدير صحيفة الوحدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *