وطنيات

المهاجرون الأفارقة بإنزكان .. أحلام وردية تصطدم بواقع مؤلم

يعدون بالآلاف ولا تخلوا منهم ولو مدينة واحدة من مدن الأقاليم الجنوبيــة، يتقاسمون أوضاعهم، فأغلبهم اختار الإقامة المؤقتة بالمغرب وقادتهم قســاوة الظروف المعيشية إلى إحتراف مهن هامشية، كالتجارة في الهواتف والمراهم ، والبعض الآخر يبيع الساعات اليدوية وحافظات النقود والمنحوتات الخشبية وآخرون يمارسون التسول.

“مشاهد.أنفو” إرتأت إعداد روبورتاج  خاص عن هذه الشريحة، واختارت مدينة إنزكان لرصد هذه الظاهرة وأحوال أفارقــة المدينة.

يتخذ أغلب الأفارقة المنحدرين من دول الساحل والصحراء من مدن المغرب مقاما مؤقتا قبل محاولات الهجرة، الفاشلة في أغلب الحالات، نحو أوروبا عبر شواطىء طنجة أو معابر مليلية وسبتة المحتلتين. وإعتبارا لجاذبية المغرب باعتباره آخر مراحل الرحلة الطويلة لبلوغ الفردوس الأوروبي، انساق وتفاعل آلاف المهاجرين السريين مع المجتمع المغربي، غير أن إشكال تعامل السلطات العمومية مع الظاهرة يطرح قراءات متعددة يتقاطع ضمنها الحقوقي والقانوني والإنساني والاجتماعي.

إنزكان: تسول وتجارة .. وأشياء أخرى

يتسلل المهاجرون الأفارقة إلى المغرب عبر مسلكين رئيسيين، المسلك الشرقي عبر الشريط الحدودي المشترك مع الجزائر أو المسلك الجنوبي عبر الأقاليم الصحراوية، ومن هاذين المسلكين تتواصل رحلة أفواج الأفارقة أساسا نحو مدن الأقاليم الجنوبية، بحثا عن فرص شغل أو نشاط مؤقت مدر للدخل يوفر لهم المؤونة في انتظار فرصة الهروب الكبير نحو ضفاف الجزيرة الايبيرية.

إنزكان مدينة تجارية بإمتياز لذلك كانت الوجهة المفضلــة لدى هؤلاء، وتبعا لذلك تشهد تنامي ظاهرة أمواج المهاجرين الأفارقة من دول السينغال ومالي ونيجريا وغينيا والطوغو وساحل العاج، ذكورا وإناثا. بعضهم يتاجر في الهواتف النقالة أو يبيع أنواعا من المراهم، والبعض الآخر يبيع الساعات اليدوية وحافظات النقود الجيبية أو المنحوتات الخشبية أو الأقراط والخواتم، بينما آخرون يمارسون التسول.

شهادة صادمة

“عمري ثمان وثلاثون سنة، هاجرت وتركت ورائي زوجة وثلاثة أبناء في بلدي السنغال، أتواصل معهم مرة في الأسبوع لأسمع صوتهم ولأسمعهم صوتي وكثيرا ما تنتهي المكالمة ببكاء الحنين والشوق ولكنها ظروف كسب الرزق التي تفرق بيننا كل هذه المسافة”، هكذا استهل أحدهــم حديثه في لقاء صحفي،  مضيفا أنه “منذ أزيد من سنة ونصف وأنا أعيش هنا في غرفة أكتريها لوحدي بمبلغ 500 درهم لمعظم شهور السنة عدا فصل الصيف حيث تفرض علي صاحبة البيت إضافة 100 درهم أخرى”.

ويضيف هذا المهاجر: “أنوي الهجرة إلى أوربا لعدة أسباب؛ أولا أن هناك العنصرية تجاه الأفارقة السود، ثانيا كل البلدان الأوربية تعيش أزمة اقتصادية خانقة، وثالثا لأني لا أعرف السباحة وأخاف كثيرا من البحر، كما أني لا أريد أن أغامر بحياتي وترميل زوجتي وترك أبنائي الثلاثة يتامى من بعدي”.

ويسترسل: “أنا أتطلع للرجوع يوما إلى بلدي وفتح محل أجعله مرسما ومعرضا لرسوماتي على اعتبار أني أهوى الرسم التجريدي وأمارسه على جلد الماعز الذي يجلبه لي أخي من مدينة الصويرة، حيث أرسم على مقاسات صغيرة لا تتعدى 30 / 40 سم في فصل الصيف الذي يكون فيه الإقبال كبيرا على الرسوم لأن مدينة الجديدة مدينة ساحلية تكتظ بالسياح الأجانب والمغاربة إضافة إلى ثمنها الذي لا يتجاوز 25 درهما للوحة الواحدة، أما في باقي فصول السنة فأنا أبيع الساعات اليدوية وحافظات النقود الجيبية رغم كون هامش الربح اليومي يكون ضئيلا ولا يبلغ 100 درهم إلا أنه يشكل تجارة وهي أحسن من لا شيء”.

خطة مغربية للاعتراف بالمهاجرين الأفارقة

حسب الأرقام التي كشفتها وزارة الداخلية، بمناسبة إعطاء انطلاقة عملية تسوية وضعية المقيمين غير الشرعيين داخل المغرب، فإن عدد المهاجرين في وضعية غير قانونية بالمغرب، يتراوح ما بين 25 و30 ألف مهاجر.

الراغبون في الحصول على بطاقة الإقامة، يملؤون استمارة تتضمن مجموعة من المعلومات، منها تاريخ القدوم إلى المغرب، وأوراق الهوية. المبادرة تندرج ضمن توجيهات ملكية “لبلورة سياسة شاملة جديدة لقضايا الهجرة”، بعد أن “أصبح المغرب أرضا لاستقبال المهاجرين، حيث تضاعف عدد المهاجرين، من دول جنوب الصحراء، 4 مرات”.

الملك وجه الحكومة نحو البدء بتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، من الذين يوجدون في وضعية قانونية، زيادة على نوع جديد من المهاجرين، قدموا من آسيا، أغلبيتهم يدخلون المغرب من الشرق عبر الحدود البرية مع كل من الجزائر وموريتانيا، كما أن “مجموعات تقوم بمحاولات اقتحام عنيفة”، ما يتسبب في “إصابات بين الأمنيين وبين المهاجرين أنفسهم”.

وقالت السلطات المغربية إن لديها خطة “استثنائية” لمنح أوراق رسمية لنحو 25 ألف مهاجر غير شرعي من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بعد انتقادات دولية متزايدة للمغرب بسبب أوضاع أولئك المهاجرين الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *