آراء

الصواب المهجور في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

تعيش الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أسوأ مراحل حياتها، ليس لأن حصاد شن حرب معلنة ضد الجمعية لن تنال من قوتها قيد أنملة، ولكن لأنها تواجه محاولة إجثتاتها من طرف الدولة وهي ضعيفة في تنوع قياداتها ووحدة قواعدها.

عشية المؤتمر الثامن فشلت قيادة الجمعية في التدبير الديمقراطي للاختلاف وللتعاطي الحكيم مع مختلف الحساسيات والمكونات السياسية التي تشتغل داخل الجمعية، وفطن أولوا الألباب لخطورة الأمر وتم تأجيل كل شيء إلى المؤتمر التاسع، وهي فترة كافية ليستوعب دعاة “الهيمنة” الدرس من جهة ومن جهة أخرى لقطع الطريق على المخزن الذي كان يتربص بجمعية قوية في تنوع تياراتها، وضعيفة في سيطرة مكون واحد ووحيد على أجهزتها.

غير أن خلال المؤتمر التاسع، تعاطى مهندسو الهيمنة المطلقة على الجمعية مع الوضع بعجرفة أكبر، الشيء الذي دفع بتيارات لها وزنها داخل الجمعية إلى مقاطعة انتخابات اللجنة الإدارية والمكتب المركزي الشيء الذي تكرر في المؤتمر العاشر، وشرع نفس التيار يخلف نفسه على رئاسة الجمعية لخمس ولايات متتالية.

وليس الإحتراب على كراسي القيادة وحده من فعل فعلته بل محاولة إقحام الجمعية في ملفات ثانوية وهامشية، بالنظر للوضع الحقوق بالبلاد، والعلمانية والغِلْمَانيّة والحريات الفردية كـ “وكالين رمضان” و”العلاقات الجنسية قبل الزواج” على حساب الحريات الجماعية النقابية والسياسية، أحيانا بخلفية “مزايدة حقوقية” وفي أحايين أخرى نكاية في تيارات أخرى داخل الجمعية كما هو الحال للموقف من قضية الصحراء المغربية.

وهكذا انفرد إخواننا الأعزاء في التيار المهيمن بقيادة الجمعية بينما باقي المكونات السياسية التزمت بالتشبت بالجمعية وبالاشتغال في القواعد، من موقع “سير راه اللي كايحسب بوحدوا غايشيط ليه”.

وبعد مرور أزيد من 6 سنوات على التدبير الانفرادي والبيروقراطي لتيار سياسي لقيادة جمعية حقوقية ترأى للجميع مستتبعات من يريد أن “يضوي لبلاد بوحدو ولهلا يقلب”.

وفي المقابل تعبدت الطريق أمام نظام الإستبداد للإنفراد بجمعية كانت أكبر جمعية بالمغرب، مصداقية وعددا وتاريخا.

إن مسار منظمات الكفاح في التاريخ البشري، كان بالطبع الخطأ يحتل فيه مساحة أكبر غير أن هذا الخطأ يتحول إلى جناية إذا لم يتم تداركه وتقويم الإعوجاج والسير إلى الصواب ولو كان مهجورا, في لحظة الوعي بهذا الخطأ، ولن يرحم التاريخ من يخطئ اللحظة.

إن واقع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يستدعي أكثر من أي وقت المبادرة إلى التنزيل العملي لتصحيح أخطاء الماضي والسعي الجماعي إلى سبل التدبير الديمقراطي والحكيم للإختلاف والتنوع، وهو المخرج من أجل جمعية قوية قادرة على مواجهة كل تحديات وصعاب الراهن والرهان، وما دون ذلك رهان خاسر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *