متابعات

الرد على كتاب منير الركراكي الذي “يقدس” فيه الشيخ ياسين

في هذا المقال يرد الأستاذ مصطفى الخدير رئيس جمعية دار الحديث بأكادير على ما ورد في كتاب “الدعوة إلى الله تعالى همّ ووعي، إرادة وسعي” لصاحبه منير الركراكي، إذ وصفه الخدير بأن هذا الكتاب “حصر فيه كاتبه الدعوة في شيخه وفي جماعته بأسلوب ماكر كذبا زورا وبهتانا”، حسب تعبيره.

نص المقال:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الكريم وعلى آله وصحبه الغر ميامين.

أما بعد: فالدعوة إلى الله من أجل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه إذ هي مهنة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وما أعظمها من مهنة وأجلها من مهمة كلف بها الله سبحانه وتعالى أصفياؤه من خلقه الأنبياء والمرسلين وأرسل إليهم بها أفضل ملائكته جبريل عليه السلام وأمر بها في كتابه خاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”.

وجعلها من أحسن القول حيث قال سبحانه: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، فورثها العلماء عن نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد حثهم على ذلك بقوله: “نضَّرَ الله عبدًا سَمِع مقالتي فوعاها، فبلغها مَن لَم يَسْمعها، فرُبَّ حامل فِقْه إلى مَن هو أفقه منه”، رواه من الصحابة قرابة عشرين صحابيا بألفاظ مختلفة، وفهم علماء الأمة وجوب الدعوة الى الله من كلام الله سبحانه لما قال: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر”.

ومن قوله سبحانه: “قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”. فقام العلماء بالدعوة إلى الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم خير قيام منذ الصحابة الأخيار إلى يوم الناس هذا ما خلا زمان ولا مكان من داعية إلى الله والدعاة هم العلماء أما الجهال فلا دعوة لم بل واجبهم السكوت وسؤال العلماء وطلب العلم والتفقه في الدين، إذ العلماء المقصود بهم: العالمون بشرع الله، والمتفقهون في الدين، والعاملون بعلمهم على هدى وبصيرة، على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلف الأمة، الداعون إلى الله بالحكمة.

قال تعالى: “وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”. والحكمة: العلم والفقه. والذين يخافون الله ويتورعون في مخالفة سنة رسول الله، قال تعالى: “إنما يخشى اللهً من عباده العلماءُ”. فعلى هذا فالعلماء هم الدعاة حقيقة، والدعوة هي وظيفتهم ووظيفة من تربى على أيديهم من طلبة العلم، لأنهم هم ورثة الأنبياء لقوله صلى الله عليه وسلم: “إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر”.

ولا يحق لغيرهم أن يمتهنوا مهنتهم ولا أن يتطاولوا عليها إلا إذا كان مشهودا لهم بالعلم وهذا سبيل الصالحين من سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين فهذا الإمام مالك لم يُفتِ حتى شهد له بالعلم سبعون عالما من علماء التابعين ومن تابعيهم، وسار الأمر على ذلك طيلة القرون الماضية، لا يتصدى للدعوة إلا أهلها من العلماء وطلبة العلم، إذ العلم هو المادة الأساس في الدعوة إلى الله، أما الجاهل الذي لا يمتلك هذه الوسيلة فلا يحق له أن يدعوا، فحقه التعلم واتباع العلماء، ولزوم غرزهم ولا يتكلم قبل أن يتعلم، وإلا وقع في الضلال، وأوقع غيره فيه، فصار ضالا مضلا. وقديما قيل لو سكت الجاهل لقلّ الخلاف.

وهاهو اليوم يطلع علينا رويبضة ويأتي لنا بطامة أخرى من طوامه وفضيحة جديدة من فضائحه، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في ما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: ثالرجل التافه يتكلم في أمر العامة”.

فكتب كتابا سماه “الدعوة إلى الله تعالى همّ ووعي، إرادة وسعي”، حصر فيه الدعوة في شيخه وفي جماعته بأسلوب ماكر كذبا وزورا وبهتانا، والغرض من ذلك تلميع صورة الجماعة ومرشدها ودعوة إلى حزبية مقيتة وسياسة التجميع والتلميع من أجل المصالح الدنوية الدنيئة، فمن هو ياترى هذا الغمر؟

إنه سُمِيَّ بمنير وما هو في حقيقة بمنير، إذ المنير من نور الله قلبه بنور العلم وبصره في دينه، اسمه منير الركراكي؛ وهو معروف عند القاصي و الداني بتطرفه واتباع متطرف إنه استاذ اللغة العربية ومريد إمام الخوارج في هذا العصر عبد السلام ياسين؛ هذا الأخير الذي لا تخفى حاله عن المغاربة وغيرهم من المسلمين.

إنه الداعية إلى الضلالة والزيغ إذ ليس عنده إلا ذاك حيث أنه لم يكن في يوم من الأيام طالبا لعلم فضلا أن يصير عالما فقد كان صوفيا مع العباس البوتشيشي وطامعا في الشهرة والرئاسة، فخرج عن طريقة شيخه وأسس جماعة بناها على الباطل وأراد أن يلمع نفسه ويشهرها فدفعه شيطانه وزين له الخروج على الحاكم وألبسه لباس الداعي الناصح الذي لا يخاف في الله لومة لائم، فلبَّس عليه كما لبَّس على غيره من الجهال، حتى ظن أنه يحسن صنعا.

فكتب بعض الكتابات تنم على سوء تعلمه وفهمه للدين، وقد قرأت بعضها ورأيت فيها من الضلال المخالف للكتاب والسنة والزيغ عن الصراط المستقيم ما الله به عليم، فهو داعية إلى الضلال وكتبه تنبئ الخبير بذلك وهذه بعض ضلالاته:

يقول عن عثمان رضي الله عنه “كانت أيامه رضي الله عنه أيام انحطاط من حياة الجماعة الإيمانية”، 
ويقول في ثنائه على إخوانه الروافض: “لا يعذر إخواننا الشيعة أحدا ولا يهون عليهم شيء من سكوت أهل السنة والطاعة ومعهم من النصوص ما إليه يطمئنون يجدون فيها الوصية النبوية بلزوم الثقلين كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم. والقرآن وأهل البيت في اعتقادهم واعتقادنا مترابطان”.

ويقول عن الصوفية مدعيا أنه وصل إلى ما يريد أن يصل إليه المريد “ووجدت أن الحق مع الصوفية و ا أقول اعتزل وأتواضع وإنما اذكر نعمة الله علي وعلى ما وهبني وعلمني من علم لأنه وهبني بعد وفاة شيخي منذ 3 سنوات ما يقصده المريدون من الصحبة”.

ويقول: “مالي أتغذى من فتات موائد الكرام ولا أبحث كما بحثوا لأزاحم بالركب. كبار الصوفية كالغزالي ينظرون في اللوح المحفوظ فما مقامي أنا في ظلمة الجهل وابن تيمية يقرأ في اللوح المحفوظ وينبئ بغيب المستقبل”، 
 يقول داعيا إلى تمجيد نفسه وتعظيمها من طرف أتباعه: “إمام الدعوة قبلة للقلوب فإن كان كاملا الكمال الروحي فهو الطود الشامخ، لا تزعزعه المظاهر، فقد مات عن الدنيا، وحي بروح الله، وطاعته عندئذ تنفع مثلما تنفع محبته، وهو لا يضر من ذلك شيء، إنه عندئذ مثال للأبوة الروحية لجميع المسلمين، فذلك الإمام تسطع نورانيته، ويتذكرونه، ويذكرون الله بذكره، وليس من القداسة أبعد من هذا”.

ويقول في ثنائه على ابن عربي الحاتمي صاحب كتاب الفتوحات المكية: “والشيخ الأكبر كان رجل عاطفة وقلب طاوعه المنطق ما لم يطاوع غيره فنطق بالحقيقة نطق ما هو بأفصح ولا أجمل ولا أجمع من حديث رسول الله المحدث عن ربه حين أخبره أن الله عز وجل يحب عبده فيكون له سمعا وبصرا ويدا”.

ويقول في وحدة الوجود على طريقة ابن عربي: “ومقام الإحسان تحقيق لقابليات الكمال الانساني الكامنة في كل منا فيه تقوى النظرة الفطرية وتستوعب آفاق السالك حتى لا يرى في الوجود إلا الله”. 
ويقول: “هذا ولي الله تعالى مولانا عبد العزيز الدباغ الرجل الأمي يشرح لنا الفتح الذي يقع لمن سمت همته وتطلعت لما وراء الحس واتخذ لبلوغ غايته سبيلا يقول السيد عبد العزيز الدباغ: وأما أهل الحق فلهم فتح في أول الأمر وفتح في ثاني الأمر، وأما الفتح في أول الأمر فجميع ما سبق فتحه لأهل الظلام في هذا العالم سمائه وأرضه، فيشاهد صاحب الفتح الأرضين السبع، وما فيهن والسماوات السبع وما فيهن، ويشاهد أفعال العباد في دورهم وقصورهم، لا يرى ذلك ببصره وإنما ببصيرته، التي لا يحجبها ستر ولا يردها جدار، وكذا يشاهد الأمورلاالمستقبلية مثل ما يقع في شهر كذا وفي سنة كذا .. وأما الفتح الثاني في ثاني الأمر، فهو أن يفتح عليه في مشاهدة أسرار الحق التي حجب عنها أهل الظلام فيشاهد الأولياء العارفين بالله ويتكلم معهم ويناجيهم على بعد المسافة مناجاة الجليس لجليسه، وكذا يشاهد أرواح المؤمنين فوق القبور، والكرام الكاتبين والملائكة والبرزخ وأرواح الموتى التي فيه، ويشاهد قبر النبي صلى الله عليه وسلم وعمود النور الممتد منه إلى قبة البرزخ، فإذا حصلت له مشاهدة ذات النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة حصل له الأمان من تلاعب الشيطان لاجتماعه مع رحمة الله تعالى وهي سيدنا ونبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم …”.

ويقول مربيا أتباعه على الخروج على الحكام زاعما أن ذلك من الجهاد في سبيل الله: “السير الثابت الخطى بلا فتور إلى ساحة الشهادة في سبيل الله هو ما نريده ممن نربيهم من الناس وممن ننظمهم من جند الله”.

ويقول مميعا لدين الله: “لا تبغض يهوديا ولا نصرانيا، لكن أبغض نفسك التي بين جنبيك”، 
ويقول: “لا مانع عندنا أن يعلن حزب أو تجمع إلحادهما”
، ويقول: “كلمة دمقراطية تعني حكم الشعب واختيار الشعب والاحتكام إلى الشعب، وهذا أمر ندعو إليه ولا نرضى بغيره”. وقوله في شريط له مرئي سنة 1989: “إن أول دكتاتور عرفه الإسلام هو معاوية بن أبي سفيان”. وقال: “إن الحسن لم يكن متهورا في دينه مثل أبيه علي بن أبي طالب”، وغيرها من الطوام القاصمات للظهر.

ففي كتبه تكفير المسلمين والاستهزاء بالحجاب الشرعي حيث يصفه بالخيمة والتحريض على الخروج على الحكام والدعوة إلى التحزب وتمجيد الصوفية والراوافض وما الله به عليم من المخالفات الشرعية التي تبرهن أن الرجل لم يطلب علما لم تتعلم، وإنما اغتر بما ما حصّل من الدرسة النظامية وأعجب بنفسه كما وقع لسيد قطب فأغرقا الأمة بالكتب المليئة بالضلالات والمخالفات والخرفات والمناهج المخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه و سلم، فإلى الله المشتكى.

فأي دعوة تريد أيها الركراكي؟ أفهذه الدعوة التي تريد أن تقول لنا في كتابك بأسلوبك الماكر أن شيخك تفرد بها وأختص بها؟ أما الدعوة إلى الله فلا، لأن الدعوة إلى الله لها رجالاتها وأعلامها، وشيخك ليس منهم، لأن الدعوة إلى الله تنبني على العلم الصحيح والفهم السديد للدين على منهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ومن تبعهم من الأئمة الربانيين.

أما مثل شيخك فهو داعية إلى نفسه وجماعته، فصحيح قد تفرد بالدعوة إلى الخروج على الحكام وإفساد الأمة بالخرفات وتعطيل عقولهم. ومن قبل كنا نقول سبحان الله عجيب كيف أن عبد السلام ياسين أقنع أتباعه بخرفاته رغم أنك تجد كثيرا منهم أصحاب شواهد عالية ـ نعم كان إماما في الباطل والتطاول على حرمات الحكام مربيا أتباعه وأبناءه أن يلقبوهم بالطواعيث.

نعم كان وحيد دهره في إدعائه الخلافة والمنامات حيث كم سمعنا من مناماتكم أيها الركراكي ما يبكي اللبيب ويضحك الحزين، أفهذه هي الدعوة التي ىريد أن تلمع بها شيخك؟ فخير لك لو سكت وتركته فقد مات لعل الله يخفف عنه إذا قل أتباعه، فخير لك إن تصحح تدينك لتنفع شيخك بأن تبين أخطاءه وضلالاته حتى لا يتبعه التابعون فيزداد إثما على إثمه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا”.

فكلما اجتهدت أيها الركراكي وشيعتك في دعوة عبد السلام ياسين كلما زدتم في ضرره وأكثرتم من أوزاره، فربأ بنفسك وتعلم دينك وكفاك تشغيبا وتلميعا وتهييجا سالكا بذلك طرق الغواية ومنهج المفسدين داعيا إلى الفساد والفجور، ولا تظن أن الفساد والفجور فقط يطلق ويراد به الزنا والفساد الأخلاقي، بل أفسد الفساد هو إفساد عقائد المسلمين بالخرفات والمناهج الهدامة وأفجر الفجور أن تقول على الله غير الحق وأن تقول على الله بغير علم.

والله المستعان وعليه التكلان ولا حول و ا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهديك ويبصرك بدينك وأن يصلحك من معك من أتباع عبد السلام ياسين حتى يسلم الناس من شركم المستطير.

* رئيس جمعية دار الحديث بأكادير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *