آراء

حينما يحل الإعلام محل العقل .. نموذج حادث “شَارلي إيبدو”

قريبا ستشاهدون الجزء الثاني من مسلسل “شَارلي إيبدو”. ففرجة ممتع لكل المسلمين، وشهية طيبة إلى رواد التفكير الاستراتيجي الذكي.

قال أفلاطون: “الأغنياء، أغنياء لأنه بطبيعتهم أذكياء، والفقراء، فقراء لأنهم بطبيعتهم أغبياء”.

الظرفية تستلزم ضرورة ممارسة النقد الذاتي لطرق تفكيرنا في الأشياء. أصبحنا، نستهلك أكثر مما ننتج. ربما لكون النظام الأبوي المغربي هو من كرس فينا هذا الخمول، وهاته الإتكالية.

استغرب حينما أجد هاته الآلة الإعلامية تحركنا يمينا وشمالا، متى شاءت. ونحن لا نبدي أية محاولة، للاستفسار حول لماذا؟ وما الغاية؟ وإلى أين؟. أننا نجهل السبب، ونعي النتيجة. لكن الخطير في الأمر هو إدراكنا خطورة كل ما قد يأتي بسبب السبب المجهول.

أحيانا تجدنا نشترك مع الحيوانات في تقبلنا للأشياء، ونغفل أننا نمتاز عنها بمحرك خطير يعقل ويربط سلوكاتنا وتصرفاتنا (العقل)، ورغم ذلك نصل إلى نفس النتيجة.

قصة مجلة” شَارلي إيبدو” لا تنفصل عن باقي الممارسات السياسية الممنهجة والمدبرة، وما وسائل الاعلام بمختلف أشكالها إلا طبل من الطبول الموضوعة رهن إشارة الجهاز الصهيوني الذكي.

أحتار حينما أجد أكثر من ثلاث ألاف مسلم، تقتل في مجازر فلسطينية،جراء المجازر الصهيونية. وتلك الآلة الإعلامية لا تحرك ساكن، ليس هذا فحسب بل أزداد حيرة حينما أتصفح الأخبار وأعرف أن هناك مسيرات تضامنية مع “شارلي إيبدو” لا لشئ سوى لكون هاته المجلة تجسد مبدأ الحرية حتى على حساب الأخر، وذلك عن طريق ممارسة العنف اللاملموس على المعتقدات الدينية، و المس بقدوة المسلمين محمد صلى الله عليه وسلم.

تعرضت لعنف مضاد من طرف قوى لم تستطيع تملك أعصابها، ربما من أقدم على هذا الفعل، ما كان سيفعله لو لا أن وفرت له جميع اللوازم و الأشياء المادية لفعله.

ما يزيد الطين بلة هو خروج التباع في مسيرات تضامنية مع هذه المجلة. لماذا لم يخرج الشعب الفرنسي في مسيرات تضامنية مع أهالي عزة؟ لماذا لم تخرج الشعوب في مسيرات تنديدية بالهجوم الدموي على مسلمي بورما وكذا فلسطين؟

كل هذا يجسد تلك الاتكالية والنفاق المعرفي الذي نعيشه.

لا نستغرب حينما تخرج هذه المجلة من جديد بصور استهجانية قدحية في حق الإسلام، حيث سنجد فيها رسومات مشينة للرسول صلى الله عليه وسلم، مع العلم أن هذه المجلة قبل الهجوم الأخير كانت في اتجاه الإفلاس، وهذا يضع أكثر من علامة استفهام. أكيد وبعد أيام وكما وعدت المجلة ستنشر إعلانات مسيئة للمسلمين.

لهذا وكما سلف الذكر فالظرفية تستوجب ضرورة ممارسة الشك في كل شيء وإعمال العقل في جميع المسائل الصادرة من ذلك الجهاز الإعلامي، لأن الغباء ليس من شيم غير المتمدرسين وإنما هو لصيق المثقفين، فالمثقف هو من يحلل ويستقرئ ويركب وفق مجاله المعرفي، وليس من يأخذ ويخزن ويتفوه ويخرج في مسيرات محكمة التدبير القبلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *