آخر ساعة

عطر الليمون يوقف نمو الخلايا السرطانية

يمكن للعطر أن يكون قاتلًا للبشر، كما يمكن أن يكون خانقًا لخلايا سرطان الكبد، كما أثبت ذلك علماء ألمان، حيث وجدوا أن عطر الليمون يحد من نموّ هذه الخلايا.


اكتشف علماء ألمان، من جامعة الرور في بوخوم، أن جدران خلايا سرطان الكبد تحتوي على مستقبِل عصبي، يعمل بمثابة أنف بيولوجي مرهف. ويمكن لبعض الدهون الأثيريرة العطرية أن تخنق هذا الأنف، وأن تتسبب بالتالي في وقف نمو الخلايا السرطانية.

عطور أثيرية

جرب العلماء العديد من هذه العطور، التي يطلق عليها اسم العطور التربنتينية، إلى أن توصلوا إلى أن أنف خلايا سرطان الكبد مرهف جدًا لعطر الليمون (سترونيللا)، ويوقف نمو خلاياه بنفسه عند تعرضه لها.

ويعول العلماء على هذا الأنف، أو المستقبل العصبي في جدران الخلايا السرطانية، في تطوير عقار جديد ضد سرطان الكبد، وبما يفتح آفاق العثور على عطور أخرى يمكن أن تكون أنواع السرطانيات الأخرى حساسة تجاهها.

ويعرف الطب منذ سنوات تأثير هذه العطور الأثيرية ضد مختلف أنواع البكتيريا والفطريات والفيروسات، وكذلك ضد الأمراض السرطانية، إلا أن العلماء عجزوا حتى الآن عن تفسير سر هذا التأثير.

اكتشاف مهم

تتركز مستقبلات الروائح في الأنف كما هو معروف، لكنه ثبت تواجد بعضها في جدران خلايا جسمية أخرى مثل الجلد والبروستاتا والحيوان المنوي، لذلك اعتبر هانز هات، رئيس فريق العمل من جامعة الرور، اكتشاف مستقبلات الروائح في جدران خلايا الكبد السرطانية من الاكتشافات المهمة التي ستوسع آفاق البحث عن سلاح فعال ضد الأمراض السرطانية.

ويعتبر سرطان الخلايا الكبدية أكثر أنواع سرطان الكبد شيوعًا في العالم. وتتعامل منظمة الصحة العالمية مع هذا السرطان كثالث أسباب وفاة البشر بالأمراض السرطانية على المستوى العالمي.

على الصعيد الألماني، وبحسب احصائيات وزارة الصحة، يضاف 8900 إنسان (6200 رجل و2700 امرأة) سنويًا إلى قائمة المصابين بسرطان خلايا الكبد. وهو سرطان قاتل، ولا يمكن للتشخيص المبكر وعمليات الاستئصال الجراحية أن تزيد حظوظ المريض بالحياة لأكثر من خمس سنوات، بحسب تقدير نقابة الأطباء الألمان.

تحوّل سام

عرّض هات وزملاؤه 11 عينة من خلايا الكبد السرطانية لجرعات مركزة من مختلف العطور الأثيرية في المختبر. ولاحظوا بعد فترة أن الخلايا في 9 مستنبتات واصلت نموها رغم العطور التربنتينية، في حين تراجع نمو الخلايا السرطانية في مستنبتين. وكانت الخلايا التي توقف نموها قد تعرضت لعطري سترونيلال وسترونيلول في هذين المستنبتين.

وثبت للعلماء ارتفاع تركيز الكالسيوم داخل الخلايا السرطانية، وهو تحول سام عادة داخل الخلايا السرطانية من أي نوع. استنتج الباحثون من ذلك حساسية خلايا الكبد السرطانية لهذين العطرين، فتحولوا إلى المرحلة الثانية من التجربة، المتمثلة في الكشف عن أسباب هذا التأثير.

منفذ إلى داخل الخلية 

توصل هات في فحوصه المجهرية إلى وجود مستقبل عصبي للروائح في جدران خلايا الكبد السرطانية. ولاحظ كيف يتحول هذا المستقبل، بوجود عطري سترونيلال وسترونيلول، إلى منفذ في جدران الخلايا المنيعة عادة على الأدوية المختلفة.

وهذا يعني أن هذا المستقبل سمح بدخول العطور الأثيرية إلى داخل خلايا، وأن الأخيرة قد أوقفت نموها بنفسها بسبب حساسيتها تجاه العطر. وأطلق هات وزملاؤه على مستقبل الروائح في جدران خلايا الكبد السرطانية اسم OR1A2.

ويعتقدون أن أنواع الأمراض السرطانية الخلوية الأخرى قد تحتوي على “أنف” مماثل، قد يكون مفتاحًا لفتح ثغرة في جدرانها أمام العطور الأثيرية أو الأدوية الأخرى. والمهم في العلاج العطري للأمراض السرطانية هو أن هذا العلاج لا يتسبب تقريبًا بأي أعراض جانبية ومضاعفات واختلاطات.

جدعوا أنوف الخلايا 

للتأكد من تأثير عطري الليمون على خلايا الكبد السرطانية، عمل العلماء طويلًا حتى نجحوا في أزالة مستقبل الروائح من هذه الخلايا. وفعلًا، لم تتأثر هذه الخلايا بعطري سترونيلال وسترونيلول بعد أن أزيل الأنف.

استنتج العلماء من هذه الحقيقة أن هذا المرسل هو سر فتح الثغرة في جدران الخلايا السرطانية أمام عطر الليمون.

ونجح هات أيضًا في محاكاة عمل مستقل الروائح العصبي في جدران الخلايا السرطانية. وتمكن بهذه الطريقة من ارسال ايعاز بيولوجي كاذب إلى الأنف، يشي بوجود عطري اليمون، فلاحظ مجهريًا ارتفاع تركيز الكالسيوم داخل الخلايا السرطانية وتوقفها عن النمو.

سرطان الثدي

المشكلة الأساسية التي تواجه الأطباء في محاولاتهم لوقف تقدم سرطان الثدي، وخصوصًا النوع العدواني منه، هي قدرته على الانتقال سريعًا عبر الأوعية الليمفاوية والدموية إلى أعضاء الجسم الحيوية الأخرى. وربما بعد النجاح، الذي حققه الأطباء الالمان أخيرًا، على صعيد وقف انتشار المرض داخل الجسم، يعد بخفض نسبة الوفيات بشكل حاسم.

ذكر علماء معهد ماكس بلانك الألماني المعروف إنهم توصلوا، في التجارب المختبرية على الفئران، إلى آلية توقف انتشار المرض السرطاني من الثدي إلى بقية الأعضاء الأخرى. ويمكن لهذه الطريقة أن تحل محل العلاج الكيميائي وغيره، التي لا تسعف النساء المعانيات كثيرًا في وقف انتقال المرض داخل أجسامهن.

الباحث شتيفان اوفرمان، مدير قسم أبحاث القلب والرئتين في معهد ماكس بلانك، قال إن مجموعة العمل التي يترأسها توصلت في فئران الاختبار إلى كبح عمل بروتين في المستقبلات العصبية، ما يعتبر المسؤول عن انتقال سرطان الثدي من النوع العدواني.

وهذا النوع من السرطان لا يسمح بمجال حياة طويل للمرأة المصابة، بسبب سرعة انتقاله، ولا يصيب عادة سوى ربع النساء المعانيات من الأورام السرطانية في الثدي.

وقف عمل المستقبلات

العلماء نجحوا في وقف عمل بروتين المستقبلات المسمى بليكسن بي1(Plexin B1) وتبين من الفحوصات على عينات حية من سرطان الثدي العدواني أنه ينشط بفضل بروتين معين اسمه “ايرب ب2″(erbB2). يشكل هذا البروتين مع بروتين المستقبلات بليكسن بي1 وحدة في الأنسجة العصبية يكتسب منها السرطان عدوانيته وقدرته السريعة على الانتقال إلى الانسجة الأخرى.

وتبين من التجارب على إناث الفئران، المصابة بهذا النوع من السرطان، أن زرقها ببروتين آخر يوقف عمل بليكسن بي1 يجهض عملية الانتقال بأكملها. هذا يعني أنه من الممكن مستقبلًا، بعد نجاح التجارب على الإنسان، أن تستخدم الطريقة لوقف عدوانية السرطان المذكور.

أضاف اوفرمان أن فريق العمل تعمد إصابة إناث الفئران بسرطان الثدي الذي يحتوي على بروتين”ايرب ب2″، ثم حقنها لاحقًا بالبروتين المضاد فنجت الفئران من مضاعفات السرطان الانتقالية.

نتائج مماثلة

أجرى فريق العمل بعد ذلك تجاربه على أنسجة مريضة مأخوذة من أثداء النساء المعانيات من هذا السرطان، فتم التوصل إلى نتائج مماثلة، بمعنى أن الطريقة أوقفت قدرة الأنسجة السرطانية على الانتقال والتشبث بالأنسجة الحيوية الأخرى.

وعند تجربة الطريقة على النساء أنفسهن، ثبت من الفحص الطبي أن دماء النساء المصابات لم تحمل سوى كمية ضئيلة جدًا من بروتين بليكسن بي1، وهذا يعني أن خطر الانتقال قد انخفض بشكل مؤثر أيضًا، وارتفعت معه فترة الحياة المتوقعة لحياة المريضات.

تسبب سرطان الثدي بموت 565 ألف مواطنة من الاتحاد الأوروبي في 2011، وهو بذلك من أخطر الأمراض السرطانية على حياة النساء. ورغم أن نسبة الوفيات بسبب هذا الورم السرطان قد انخفضت، بفضل التشخيص المبكر وتحسن طرق العلاج، إلا أن نسبة الإصابات ترتفع كل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *