آراء

وسائل النقل ومعاناة أهالي الجنوب الشرقي

إن الحديث عن مغرب التنمية والتطور، فرض علينا البدء بالبنيات التحية مرورا بالصحة، وصولا إلى كل وسائل الراحة المادية منها والمعنوية.

ووسائل النقل لا تنفصل عن كل ما هو ضروري داخل دولة توصف بالنامية التطورية. هذا ما جعلنا نعزم على كتابة هذه الحروف لوصف هذا الواقع المرير الغتيت، المثقل بالنفاق الاجتماعي، والفساد الإداري. الذي يعيشه النسق السياسي وساكنة الجنوب الشرقي خاصة إقليم زاكورة.

نموج الحديث سيقتصر على جهة سوس ماسة درعه، هذه الجهة الناكرة لخيرات زاكورة من طاقات بشرية وكذا مادية.

وأنت تمر بأزقة أكادير خاصة حي السلام، الداخلة، المسيرة… تعاكس أوجه سمراء البشرة، تبادلها السلام وكأنك في وسط بلدتك، هذا إن ذل فإنما يذل على العدد الهائل للطلبة المقيمين بأكادير. لكن تبدأ المعضلة في العطل حينما يقررون هؤلاء المثقفين العودة إلى أرضهم الأم.

تستغرب عندما تتابع نتائجهم الدراسية، تجدهم يحتلون المراتب الأولى، من حيث الترتيب العام. لكن عندما تغوص في وضعيتهم الاجتماعية، تكتشف أنه الفقر بعينه. لعل هذا موضوعا آخر يحتاج إلى بحوث أكاديمية وليس إلى مقال فقير مثل هذا. لهذا سنحاول توجيه النقاش حول وسائل النقل.

ما استفزني، هو هذه الحافلة التي كلما تغير لونها، كلما زادت معاناة الركاب فيها. ناهيك عن هذه الطريق التي تخرج الجنين من بطن أمه وهي في شهرها الرابع. حينما تقرر السفر في على متنها، يفرض عليك إحضار “الكمامات” أو قماش تغلق و تغلف به أنفك خوفا من الغبار الذي يوجد بداخل الحافل، أو ربما في فيها.

كل هذه المعاناة أحاول وصفها و أنا على في هذه الحافلة الغريبة. ربما يبدو لي الأمر غريبا، لأنني كنت أسافر ليلا ولا أرى هذه الكوارث، أو ربما أجلس في المقاعد الأولى. وهذه المرة حالفني الحظ وشاركت مرارة الطريق مع باقي الركاب، وأنا في المقعد الأخير من الحافلة.

حينما نتحدث عن مغرب المساواة والديمقراطية، يفرض علينا الأخذ بعين الاعتبار هذه اللامساواة، واللاديمقراطية الاجتماعية. فمنذ سنة 2003 أو 2004 وطلبة إقليم زاكورة يطالبون بسندات النقل، كحق مشروع من بين الحقوق الاجتماعية المجهض عليها. كلما حاول الطالب التحدث  عن هذا  المطلب، زج به إلى مطرقة المحاكم بتهم أخرى. لكن الغريب في الأمر، هو أن بعض المناطق اقرب مسافة من زاكورة و ورزازات. تستفيد من سندات النقل. أهذه هي المساواة؟

لا أظن هذا. لأن كل دولة ديمقراطية تراعي احترام المتطلبات الاجتماعية بغض النظر عن الفوارق الطبقية أو العرقية، أو الجنسية.

مع الأسف، لا يمكننا الحديث عن الديمقراطية والمساواة، في ظل وجود  هيئات سياسية تنظيمية تدعوا إلى تكريس مثل هذه المقترحات القمعية، الداعية إلى الخنق الاجتماعي، من خلال تمرير عنفها الرمزي اللين اللاملموس على ساكنة الجنوب الشرقي، خاصة أهالي درعه. حيث يتم استغلال أخلاقهم العالية وصبرهم الجبار،في الترويج و بسط الهيمنة. وما دمنا في دولة تسير وفق هذه السياسات فلا داعي إدعاء الديمقراطية والمساواة. وتستمر معاناة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *