آراء

زاكورة .. دائما وأبدا على الهامش

“يبدو أن التهميش والفقر هو قدرنا الحتمي، وأن الربيع لا يأتي إلا يوما واحد، إكراما للحالمين، وأن الخريف أبدي ومتوالي ولا منتهي من السنين”.

لن نختلف كثيرا على كون الجهوية الموسعة قاطرة مهمة لدفع عجلة التنمية، وهناك تجارب دولية رائدة إستطاعت تحقيق تنمية حقيقة كسويسرا وإسبانيا. هذه الآخيرة قطعت أشواطا تاريخية في إعتماد نظام الحكم الذاتي في شكل مجموعات مستقلة.

المغرب طرح تساؤولات جمعت بين القانوني والاقتصادي والسياسي والتاريخي في الانتقال من لا مركزية إلى جهوية موسعة يتمتع فيها المجلس الجهوي بصلاحيات دستورية وتدبيرية، وبتاريخ 5 فبراير 2015 وافق المجلس الحكومي على قرارا لتحديد تقسيم جديد للجهات وتحديد مراكزها، حيث ثم إعتماد إثنتي عشر جهة بدل ستة عشر جهة.

هذا التقسيم أفرز جهات غنية وأخرى فقيرة ولعل جهة درعة تافيلالت والتي تضم كل من إقليم ميدلت، الراشدية، تنغير، ورزازات، زاكورة إحدى أهم تجليات التباين الذي عرفه التقسيم.

فبعد الإعلان عن هذا التقسيم خابت أمالنا جميعا من جديد بل وصدمنا من هذا التقسيم، فأول خلاصة يمكن الخروج بها بعد الاطلالة على هذا المشروع هي “تمخض الجبل فأنجب فأرا”، فأهم إعتبار ثم الاخذ به أثناء إحدات هذه الجهة هو الهاجس الأمني.

فهذا التقسيم كرس الثقافة السائدة مغرب نافع وآخر لافح، مغرب غني وآخر فقير، ثم بالتالي المغرب الحاضر والمغرب المنسي، فكيف لجهة مثل هذه أن تساير باقي الجهات كجهة طنجةـ تطوان وجهة مراكش ـ أسفي مثلا.

فالكل يعي خصوصية هذه المنطقة أي الجنوب الشرقي، فإقتصادها قائم على الفلاحة العائلية والسياحة وتقارير الدولة نفسها تتحدت عن تراجع مهول في هذا القطاع الأخير. فهذه الجهة يلزمها أشواط ومدة زمنية طويلة ودعم مادي كبير من أجل الإلتحاق بباقي الجهات أو ستصبح الحمار الأسود للجهوية بالمغرب.

وأكثر ما زاد الطين بلة هو إعتماد الراشيدية كمركز للجهة مما سيهمش بالأكيد كل من تنغير وزاكورة، فلماذا لم يتم إسناد الجهة إلى وارزازات وكل مقومات النجاح متوفرة على الأقل أفضل من الراشدية على مستوى البنية التحتية ومستوى الخدمات؟

ألم يكن أجدى خلق جهة أخرى بإسم جهة مكناس ـ تافيلالت تضم كل من فكيك ومكناس والراشدية وميدلت وإعطاء الزعامة لمكناس، وخلق جهة درعة الكبرى وتظم كل من تنغير وورزازات وزاكورة وإسناد الجهة لورزازات، فقد يتحدثوا عن خلق صندوق لتضامن بين الجهات فيا لوقاحتكم ألم يفشل الصندوق الخاص بالتضامن بين الجماعات المحلية فما بلك بالجهة.

ويا للغرابة وصدف التاريخ فبعد الحاق ميدلت بهذه الجهة، أضحت هذه الجهة جهة المعتقلات السرية بإمتياز من معتقل تاكونيت إلى معتقل تازمامارت مرورا بمعتقل أكدز وقلعة مكونة. فجحيم هذه المعتقلات هو تاريخ أسود شاهد على إنتهكات صارخة في حق الإنسانية في سنوات الجمر والرصاص.

إذن فالقاسم المشترك بين هذه المدن هو الفقر والجوع والمعاناة والتهميش وسرقة خيرات المنطقة ونشير في هذا الصدد إلى المناجم.

فما يمكن إستخلاصه من “المشاريع الكبرى” ببلادنا أنها لاتستند إلى العلمية ومطلبية الواقع المعاش فالتغير شيء جميل، ولكن الوصول إليه ينبغي أن يأخذ مساره السليم والعلمي فواقع هذه المشاريع كالدجاجة التي تنظر إلى النسور تحلق فوقها، فتظن أن التحليق مسألة جناحين وفقط.

في الأخير، أرى أنه دون إستحضار الروح الوطنية وتطلعات الشعب المغربي لا معنى لقوانين ومشاريع تهدف إلى تجاوز مراحل سياسية معينة وتأجيل الحلول العميقة. وكما قالها نزار: “قلبي عليك يا وطني … وأنت تنام على الحجر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *