آخر ساعة

كرونولوجيا عداء البوليساريو للالتزام الديني والروحي

تعتبر جبهة البوليساريو الانفصالية، والتي تجثم مند عقود على نفوس مئات الصحراويين بدعم من السلطات الجزائرية داخل السجن الكبير للرابوني بتندوف، بحسب عدد من التعريفات حركة انفصالية مليشياوية اعتمدت في تأسيسها على التناقضات الجيو استراتيجيه الإقليمية (المغربية /الجزائرية) والدولية في مرحلة الحرب الباردة من أجل إيجاد موطأ قدم لها في المنطقة.

استغلت البوليساريو الصراع الدبلوماسي والقانوني المحموم بين المغرب والاستعمار الاسباني من اجل استرداد الصحراء الغربية لكي تبدأ نشاطها العسكري في الصحراء إبان تواجد الاستعمار الإسباني في 20 مايو 1973 وذلك بالهجوم على الحامية الإسبانية بموضع الخنكة وتم دعمها من طرف نظام القذافي في ليبيا منذ 1973 ثم نظام بومدين في الجزائر منذ 1975، وقاما بتوفير معسكرات لتدريب أعضائها في الدولتين إبان السبعينيات.

عملت كلتا الدولتين بالإضافة إلى المستعمر الاسباني على اللعب بورقة المرجعية اليسارية والقومية من اجل استقطاب دعم عدد من دول العالم الثالث التي كانت تتبنى آنذاك الأطروحة الاشتراكية لمساندة مشروع البوليساريو للانفصال بالصحراء المغربية التي تم تحريرها من الاحتلال الاسباني سنة 1975 عبر المسيرة الخضراء
كما عمل النظام الجزائري على دعمها من اجل تأسيس جمهورية وهمية فريدة من نوعها تستند على المعطى الجغرافي- المناخي (الصحراء) تحت مسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية) والدفع بمنظمة المؤتمر الإفريقي للاعتراف بها ضد منطق الأمور و مقتضيات العلاقات الدولية وحسن الجوار مع المغرب
تم تقديم هذه الحركة الوهمية باعتبارها حركة تحررية تدافع عن حق شعب عالم ثالثي في الاستقلال و عملت بالتالي على بناء علاقات خارجية مع بعض الدول خاصة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا بدعم مكثف من الآلة الدبلوماسية الجزائرية وبتمويل من القذافي و بالاعتماد على الدعاية الإيديولوجية الاشتراكية لتسويغ وجودها الحركي و مظاهرها المسلحة وتوجهاتها الانفصالية وهذا الأمر جعلها تتخذ سياسة معادية للممارسة والهوية الدينية الإسلامية التي تنادي بالوحدة الإسلامية والتآخي ونبذ الفرقة والصراع والاجتماع على كلمة واحدة
لم يكن للمؤثر الديني والروحي الإسلامي أي وجود وأي اثر تماما في فكر و منهجية هذه الحركة الانفصالية بل إن قيادتها اتخذت منذ تأسيسها مواقف عدائية من الدين والممارسة الدينية نظرا لتبني اغلب مؤسسيها النظرية الماركسية الملحدة وسبق انضمامهم للحركات الماركسية الراديكالية في الجامعة المغربية نهاية الستينيات وبداية فترة السبعينيات بالرغم من أن إعلانها السياسي عن تأسيس الجمهورية الصحراوية الوهمية تضمن أنها تتبنى حكم وطني ديمقراطي عربي وحدوي الاتجاه، إسلامي العقيدة، تقدمي المنهج.

عملت عصابة الرابوني خلافا لذلك التصريح ومنذ عهد الولي مصطفى السيد بكل جهودها على ضرب الانتماء الديني الإسلامي والروابط الروحية للصحراويين في مخيمات الاحتجاز بفصلهم تماما عن البيئة الإسلامية و ضرب كل المقومات الروحية التي تجمع شيوخ و قبائل الصحراء وزواياها وطرقها الصوفية العريقة بأشقائهم وأبناء جلدتهم في شمال المغرب مقابل زرع ثقافة الكراهية والعداء.

وعلى الرغم من أن التاريخ المحلي الصحراوي حافل بنماذج الدعاة والشيوخ والعلماء والزوايا والطرق الصوفية التي حاربت المستعمر الاسباني والفرنسي و حملت لواء الوحدة بين شمال المغرب وجنوبه و ارتبطت بروابط البيعة الشرعية بسلاطين وملوك المغرب إلا أن جبهة البوليساريو ضربت صفحا عن كل ذلك وزورت تاريخ المنطقة وعملت على مسخ هويتها ومحاربة العامل الديني لأنه لا يخدم أطروحة الانفصال التي تتبناها الجبهة بل بالعكس فالعامل الديني والروحي يؤكد الوحدة المذهبية والدينية و الارتباط الروحي و الوحدة الترابية بين شمال المغرب وجنوبه وسيادة الدولة المغربية على الصحراء منذ تأسيسها قبل نحو 1200 سنة.

عملت عصابة الرابوني على التضييق المستمر على مظاهر الممارسة الدينية والالتزام الديني في مخيمات تندوف عكس الانتماء والتعصب القبلي الذي اعتمدت عليه بشكل أساسي وساهمت في بروزه والتركيز عليه من اجل ضمان شرعية مؤسسيها و اختيار قياداتها الذين ينتمي اغلبهم لقبيلة الركيبات الشهيرة ومحاولة خلق وضع اجتماعي هجين تكون فيه الغلبة لهذه القبيلة على باقي القبائل عن طريق اختطاف أبناء القبائل الصحراوية الأخرى وتهجيرهم القسري إلى المخيمات.

عملت كذلك القيادة الهجينة المؤسسة للجبهة على تضخيم التعصب القبلي واستثارته من اجل تأجيج الدعوات الانفصالية لدى أبناء المناطق الجنوبية في إطار خطة ممنهجة بدأها الاستعمار الاسباني منذ بداية القرن العشرين لبث التفرقة والتجزئة وضرب الوحدة الترابية والسياسية والخصوصية الحضارية والدينية المغربية وتم استئنافها في منتصف السبعينيات بدعم مباشر من نظام بومدين في الجزائر بل أنها عملت في محاولة خادعة على التلبيس على الكثيرين بادعاء العروبة رغم أن الصحراء أغلبية سكانها هم مزيج من عرب و أمازيغ تعايشوا في ود وتفاهم لقرون تحت ظل الدولة المغربية قبل أن يضرب الاستعمار أسافين الفرقة والتقسيم في المنطقة.

يقول الدكتور إدريس جنداري في هذا الصدد ”لقد تم التركيز بداية على زرع بذور الانفصال بين سكان الصحراء المغاربة عبر دفعهم إلى الدفاع عن الجهة التي ينتمون إليها – وهي جهة مغربية بمعايير التاريخ والجغرافيا- باعتبارها منطقة منفصلة عن المغرب ولها خصوصياتها التاريخية والجغرافية وتبدو لمسة الاستعمار الإسباني جلية في نسج فكرة الانفصال لدى المواطنين المغاربة الصحراويين والذين تلقوا دعما لا محدودا سياسيا وعسكريا وماليا مكنهم من إخراج الفكرة إلى الوجود – أطروحة البوليساريو الجذور الاستعمارية و الإيديولوجية لفكرة الانفصال”.

وتتبث عدد من الشهادات أن قيادة البوليساريو منعت إقامة المساجد بمخيمات تندوف طيلة عقدي السبعينيات والثمانينات حيث يقول مصطفى سلمى ولد سيدي مولود احد القياديين السابقين في الجبهة في حوار مع احد المواقع الالكترونية ”أن جبهة البوليساريو ارتكبت أخطاء شنيعة وفضيعة في حق الدين الإسلامي، لأن جبهة البوليساريو وجدت المجتمع الصحراوي مجتمعا محافظا وبدرجة قياسية جدا، ولما أُخذ هذا المجتمع إلى المخيمات تم تحويله إلى مجتمع شيوعي بامتياز، وتم إجبار الناس كلهم على الصلاة بالتقصير، وممنوع عليك الصلاة أربع ركعات، وكان الصوم ممنوعا، لأن القادة أصدروا فتوى أنه لا يجوز الصوم، ولم تبن جبهة البوليساريو أي مسجد، والشباب الذين طردتهم الجزائر وأحالتهم على المخيمات هم من بنى أول مسجد في المخيمات، وقبلها جبهة البوليساريو منذ 1976 لم تبن ولو مسجدا واحدا في أي مخيم من المخيمات، بل بالعكس، وقعت كارثة في المخيمات، وأظن في نهاية التسعينات، وكان المسجد الوحيد الذي بناه الشباب موجود في مخيم الداخلة، وحول أحد ولاة البوليساريو المسجد الوحيد الموجود في المخيمات إلى ناد للرقص، وهو حدث لم يقع في التاريخ إلا مع سقوط غرناطة الأندلس حيث تحولت المساجد إلى كنائس، ولكن لم يحولوها إلى أماكن للرقص، واليوم تجد الاحتفالات التي تقع في مخيم الداخلة هو في الأصل مسجد مبني تم تكسير مئذنته وتم تحويله إلى مكان للسهرات العمومية والرقص والأغاني، وهذه الحالة لما تسمعها في أي مجتمع إسلامي فإنها ولا شك أكبر جريمة، بل إن اليهود لم يتجرؤوا على تكسير المساجد، وهذا وقع في المسجد الوحيد في المخيمات..”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *