آراء

لماذا أحب ريال مدريد؟

أن تنشأ في مدينة صغيرة لا يجد أطفالها سوى كرة القدم كلعبة جماعية وحيدة لا تكلف سوى كرة بلاستيكية رخيصة وملعب خال، فأكيد ان قلبك الغض سيتعلق بكرة القدم كقدر لامفر منه.

تجد نفسك محاطا بالبارصاويين في كل مكان،يفرضون عليك حب فريق البارصا… ويغرقونك بهدايا بارصوية..فتجد نفسك بقميص يحمل اسم نجم بارصوي او مقلمة تحمل شارة البارصا او صورة كبيرة لاحد نجوم البارصا.

وقد يصطحبك خالك لتشاهد مقابلة البارصا بأحد مقاهي المدينة وسط مشجعين يبتسمون في وجهك بكل حماسة، وهم يعتقدون انك لامحالة ستصير برصاويا، فتستسلم لقدرك تماما وتنحاز للفريق الذي يكسب دائما ويمتع ويحصد الالقاب ويحبه الجميع.

فتهتف وانت خارج الى المدرسة تحمل محفظتك ونصف خبزة مغموسة في الزيت وسنك لم يتجاوز السابعة” انا برصاوي”.

غير أني ،عزيزي القارئ،قد اخترت ريال مدريد منذ الصغر، ومع مرور الوقت اكتشفت ان تشجيع البارصا “قدر”، اما تشجيع الريال فهو” اختيار”.

ربما يكون لمقهى “الطريف” فضل كبير في ذلك لأنه المقهى الوحيد في المدينة الذي يعشق المدريد… ولا يطلب من الأطفال أداء واجب الفرجة.

فكنا نحس عنده بالامان لانه لن يطردنا من اجل خمسة دراهم ثمن المشروبات، ونحس بالتقدير لهذا الفريق الذي يحبه مثل هؤلاء وفوق هذا كنا نحس بالمتعة لان اهداف المدريد تجعلنا نصرخ ونتعانق ويضرب بعضنا بعضا.. والاروع ان بعضنا يخرج للشارع يقلد اللاعب “سانشيز” في حركاته البهلوانية حين يسجل هدفا.

لقد منحني تعصبي لفريق الريال في مراهقتي وجهات نظر تستحق التأمل، فقد كنت أومن بان” طارق بن زياد” كان مدريديا لانه أحرق كل السفن من اجل الهجوم، وهذه الخطة هي سر تألق فريق الريال، وكنت اعتقد ان” كريستوف كولومبوس” مدريديا لانه اعتمد في مغامرته على” النجوم” فقد كان يبحر ليلا ويتوقف في النهار حتى لا يتيه عن مساره.

كولومبوس وضع ثقته في” النجوم” ولم يهتم بحسابات الهزيمة والانتصار…وكنت اومن ان “سقراط” مدريديا لان فلسفته قامت على “اعرف نفسك بنفسك” وفريق المدريد يهتم بتشكيلته اكثر من معرفة تشكيلة الخصم على رقعة الميدان.

كنت مراهقا يرى ان” الاسكندر المقدوني” هو ايضا مدريدي لانه شق طريق الانتصارات المتتالية، مما جعل العالم وقتها كله يرتعد حين يحل ضيفا ثقيلا عليه.وكنت اومن ان” بوجميع” مغني ناس الغيوان كان مدريديا.. لاني سمعته يقول حين شاهد الهجمات المتتالية للمدريد” دقة تابعة دقة شكون احل الباب”.

كنت اتمنى ان يشاهد نزار قباني او المتنبي ذلك الهدف البديع الذى سجله زين الدين زيدان من هجمة مرتدة فى مباراة كأس أبطال أوروبا بين ريال مدريد ولفركوزن الالماني… شىء متألق الجمال، وكأنه مقطوعة موسيقية من تمرير النغمات عوضا عن الكرات، وكان فريق الريال فى زيه الأبيض يُضفى على مشهد الهجمة المرتدة ثم الهدف التاريخي نوعا من التحليق السماوي.. كأنما الهجمة لعب طيور ناصعة مفعمة بالحيوية تحلق فى السماء، ولا تتراكض على الأرض.

حين أهدت ابني حمزة خالته قميص البرصا ،تفاجأت به واقفا امامي بقميص بارصوي يحمل اسم” نايمار”، لم احزن او اغضب بل ابتسمت وتمنيت له مستقبلا افضل مليئا بالفرحة خال من المفاجآت الثقيلة التي عانينا منها كثيرا في حب القلعة البيضاء..المدريديون يشجعون فريقا واحدا اما البارصاويون فيشجعون فريقين، يشجعون فريق البارصا والفريق الذي يلعب ضد المدريد لذلك اشعر بالشفقة اتجاههم ..

أحببت المدريد لاني اعشق الفن المهاري في كرة القدم فاحتسب “العارضة” بهدف و”البيضة” بهدفين و”التحميقة” بثلاث اهداف و”ضربة مقص” ببطولة، ولم اقتنع أبدا بنظرية النقاط الثلاث خير من الأداء.

أحب ريال مدريد لان السعادة بالنسبة لي صحبة وجماعة وأحلام اسعي لتحقيقها وفريق أشجعه،وفوق هذا انا ارتاح للون الابيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *