آخر ساعة

عندما تجري البوليساريو ومعها الجرائر وراء السراب

في الوقت الذي يحاول المغرب إيجاد حل للملفات التي ترهق كاهل وتستنزف ثروات بلدان المنطقة، وفي الوقت الذي تتنازل فيه سلطاته لتجلس بجانب الخونة المارقين فتفاوضهم حول إمكانية إقامة حكم ذاتي في أقاليمنا الصحراوية يتولى المغاربة الصحراويون تدبيره، إشراكا لهم في المسؤولية والسلطة، وفي الوقت الذي لا يأل فيه المغرب جهدا في حل هذا المشكل المفتعل من قبل دول لها مطامع في بلادنا، نفاجأ بشرذمة من المغاربة الذين أعمتهم الأطماع الجزائرية، واستهوتهم الأطروحة الانفصالية يخونون بلادهم ويلتحقون بأعداء الأمة للتنسيق معهم ضد مصالح بلادهم وشعبهم، ويقفون في صف أعداء المغرب والمغاربة، للتشغيب على المفاوضات الجارية حول حل الحكم الذاتي.

’’الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” جبهة أسسها الرئيس الكوبي السابق “فيديل كاسترو” كإجراء انتقامي ضد المغرب احد الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة الأمريكية و سندها في المنطقة.

فعلى إثر اختفاء المهدي بن بركة توعد الرئيس الكوبي السابق بالإنتقام من المغرب فخلق الفتنة وزرع هذا الجسم اليساري الاشتراكي اللقيط في المنطقة، بتمويل من كل من كوبا ثم الجزائر، ليدعمها بعد ذلك القذافي الذي كان ضد الملكيات، وإسبانيا التي خرجت مرغمة بعد تنظيم المسيرة الخضراء، والتي كانت تخشى من مطالبة المغرب بسبتة ومليلية وبجزر الكناري أيضا. ثم جاء بعد ذلك دور الدول العظمى التي عرفت كيف تستغل هذه القضية جيدا، قصد ترويج أسلحتها واستغلال نفوذها في الأمم المتحدة لكي تأزم الوضع وقتما تشاء وتخفف الضغط وقتما رأت ذلك مناسبا لها ولمصالحها المشركة.

فكانت المؤامرة الكبرى، لا على المغرب وحده بل على كافة دول المغرب العربي، ليعيش في تشرذم وتفرق واستنزاف للثروات في الوقت الذي تمكنت فيه الدول الغربية من التكتل والتوحد.

إن الحدود التي خلفها الاستعمار الأوروبي بين دول المنطقة، والتقسيمة التي خطتها أنامل سيكسبيو لا تعكس أبدا حدود ما كان يسمى سابقا المغرب الأقصى التي كانت تضم بلاد شنقيط، والتي أطلق عليها الاحتلال حين طمع في احتلالها اسم مورطانيا.

فهذا الجسم الدخيل على المغرب العربي لم يعرف له وجود إلا في ماي 1973م، وفي الثمانينيات استطاع المغرب أن يعزز وجوده العسكري في الصحراء، مانعا هجمات البوليساريو العسكرية المتكررة من اختراق الجدار الرملي المنيع الذي أقامه المغرب لمنع مقاتلي الكيان الوهمي من التسلل إلى داخل الصحراء المغربية.

وفي سنة 1988م اندلعت الانتفاضة التي أربكت حسابات البوليساريو والجزائر، حين خرج الآلاف من الصحراويين ثائرين في وجه دعاة الفتنة وقادة الانفصال مطالبين بمغادرة مخيمات الخزي والعار التي تفتقد إلى أدنى ظروف العيش والعودة إلى أرض الوطن، فووجهوا إثر ذلك بالرصاص والسجن والتعذيب.

يمكننا القول دون مواربة أن المغرب قام تقريبا بكل ما يتوجب في حقه في هذا المجال، سواء فيما يخص المناطق الصحراوية أو الجارة الجزائر، فرغم أن الصحراء المتنازع عليها اليوم أرض مغربية بشهادة التاريخ، فقد وافق المغرب سدا لباب الفتنة على حل الحكم الذاتي الذي اقترحه‏ “جيمس بيكر” والقائم على منح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا واسعا تحت الإدارة المغربية، فرفضت البوليساريو الاقتراح‏‏ وتضامنت معها الجزائر، ثم دخل المغرب بعد ذلك في مسيرة طويلة من المفاوضات شهدتها “مانهاست” بالولايات المتحدة الأمريكية، توقفت بعد التقرير الذي قدمه الوسيط الأممي الهولندي “بيتر فان والسوم” والذي أكد فيه أن “استقلال الصحراء أمر غير واقعي وغير قابل للتحقيق”، اتهم إثره من طرف جبهة البوليساريو والجزائر بـ”تحويل مسار القضية الصحراوية، التي هي مسألة تصفية استعمار”.

وطالب المغرب الجزائر غير ما مرة بإعادة فتح الحدود وتحسين العلاقات بين الدولتين في أفق بناء مغرب عربي موحد وقوي باستطاعته مواجهة التحديات والتكتلات الإقليمية والدولية، طلب جوبه هو الآخر بالرفض غير المبرر.

وبعد الفشل الذريع الذي منيت به عصابة الرابوني في المجال السياسي أقدمت على استغلال ورقة جديدة وهي ورقة حقوق الإنسان والحريات العامة، لتشهرها كسلاح جديد في وجه المغرب، وتعمل على محاولة الإساءة إليه وتشويه صورته أمام الرأي العام العالمي، وتصويره على أنه بلد مستبد مناهض للحقوق والحريات.

وهذا توظيف بائد وتزييف مكشوف، فمخيمات الخزي والعار خير شاهد على ما نقول، فهذه التجمعات السكنية البدائية لا يمكن وصفها حاليا إلا بالسجن الكبير الشبيه ب”ستالاكات” النازية المحاط بالأسلاك الشائكة و الكهرباء والألغام، كما أن ألوان التعذيب التي يمارسها الانفصاليون على كل من سوّلت له نفسه مخالفة النظام أو العزم على الفرار فوق ما يوصف، وقد كشف بعض الناجين عن بعض ألوان التعذيب اليومي التي كانت تمارس عليهم.

وسجلت الجمعيات والمنظمات الحقوقية الغربية، كالمرصد العالمي للسجون، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة فرنسا الحريات…، بشاعة ووحشية كل أشكال التعذيب اليومي، التي يمارسها البوليساريو في مواقع الحصار.

لقد بات شعار حقوق الإنسان اليوم سلاحا يرفعه كل من رام الدفاع عن أطماعه أو شهواته، حيث يمكن الجزم أن الصبغة المطاطية التي هي من أهم خصائص حقوق الإنسان أضفيت عليها من طرف القوى الكبرى لتمكنها من استغلالها في كل الأحوال على اختلاف المشاكل الدولية.

إن قادة البوليساريو لا تهمهم مصالح الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف ولا حقوقهم الوهمية بل يلعبون بحياتهم وآمالهم من أجل الحصول على السلطة والمال، ولو رفع عنهم الحصار ما بقي أحد في تلك المخيمات ولالتحق كل المحتجزين بإخوانهم في الأقاليم الصحراوية ليدركوا أن صحراءهم أصبحت مدنا عصرية حديثة.

ثم لو افترضنا أن قيادة البولساريو تمكنت من إنشاء دولة هل يمكن أن يكون حال مواطنيهم أفضل من حال مواطني الدولة التي تأويهم؟ لا بالطبع بل أفظع وأنكى.

إن مسألة الوحدة الترابية مسألة لا جدال فيها ولا مساومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *