آخر ساعة

تاريخنا وتاريخهم

ارتبط تاريخ القبائل الصحراوية بالمقاومة المغربية وهما وجهان لعملة واحدة إذ لا يمكن الحديث عن المقاومة ضد الاستعمار إلا وكانت ضربات القبائل الصحراوية للاستعمار الاسباني تشغل حيزا هاما من هاته الكتابات، ومن الحقائق التاريخية في الصحراء المغربية أن قبائل أولاد دليم والركيبات بمعية تلامذة الشيخ ماء العينين قاموا بشن العديد من الهجمات على الاستعمار الاسباني وحتى بعد وصول المولى الحسن الأول إلى الحكم قام بالتوجه لمدينة تيزنيت من اجل إثارة انتباه قبائل ايت بعمران وهي التي تدخل ضمن التجمع القبلي لتكنة بواد نون وقد تمكن من توحيد مجمل الأطراف في المنطقة تحت نفود العرش المغربي ولا غرابة في ذلك إذا ما علمنا أن ما اتفق عليه المؤرخون كون عرش الحسن الأول كان فوق صهوة جواده إذا كان يتنقل في أطراف المغرب مرة شرقا أخرى شمالا ومرات عديدة جنوبا.

وهنا تجدر الإشارة أن تنقله بمعية حاشيته والوفود كانت القبائل الصحراوية ممثلة فيها وهو ما يضرب في حقيقة تأكيد ولاء القبائل الصحراوية للسلاطين العلويين.

وقد جعل السلطان المغربي للشيخ ماء العينين احد أعيان القبائل الصحراوية مكانة داخل مجتمع البيظان فقد اصدر أوامره ببناء زاوية في عمق السمارة وهو ما مكنه من قيادة حركة إصلاحية جمعت كل القبائل الصحراوية التي اعتبرت الجهاد ضد الاستعمار عامة هدفا نبيلا وغاية قصوى تتحقق مجرد المناداة على القتال لتحرير المغرب من الاستعمار وهو ما مكن هذا الداعية المقاوم من أن يعتبر اسبانيا وفرنسا نازلة كبرى وجب النفير لها لطرد الاستعمار لا سيما في ظل وجود سلطان مغربي يحكم بما انزل الله.

وبمجرد وصول السلطة الفرنسية لمنطقة أم كرين التي تبعد عن مدينة السمارة بحوالي 200 كلم تقريبا قادمين من السنغال وتحت هدف القضاء على القبائل الصحراوية التي تمثلت كما اشرنا في ركيبات من ناحية الشرق واولاد دليم علي السواحل وهو ما جعل السلطان يعين بظهير شريف الشيخ ماء العينين ممثلا رسميا للسلطان في الصحراء.

وفي سنة 1836 وللمرة الثانية يحل المولى الحسن الأول بمنطقة سوس لتأكيد الامتداد السياسي والجغرافي و الارتباط التاريخي بين شمال المغرب و جنوبه ففي واد نون اجتمعت القبائل الصحراوية مرة أخرى لتقديم البيعة للسلطان مما جعل الأمر قطعي خصوصا إذا ما علمنا انه تم تعيين عبد لله ولد علي بيبا قائدا على أهم القبائل الصحراوية ألا و هي قبيلة ازركيين.

واد نون اختصها السلطان آنذاك بزيارتين امتدت الأولى خمسة عشر يوما والثانية لمدة شهر التقى فيهم بالشيخ بيروك على اعتبار انه من كان يملك جيشا ومقاتلين من مختلف القبائل وهذا ما يجعلنا نستفسر عن السلطة وكيف كانت أنداك؟.

الجواب يتجلى في الربط بين الشيخ ماء العينين والشيخ بيروك لنصل إلى الاستنتاج كون السلطان في تلك الفترة اعتمد على سلطة الخبر والالتقاء المباشر بمنبع الخبر وتوجيه ممثليه عبر التواصل القريب مما نسج علاقة فريدة بين السلطان وممثليه في مختلف المناطق.

وحتى القصبة التي نزل فيها السلطان وهي قصبة بيروك فان ما قامت عليه تم إتيانه من مختلف المناطق المغربية الأخرى لتمتزج بعمق الصحراء وتجعل من الثقافة المغربية الحسانية امتدادا في عمق التاريخ فمثلا يؤكد ولد بيروك ما من مرة أن سقف القصبة تم إحضاره من مدينة الصويرة وقناديل الكهرباء من مدينة فاس وهذا ما جعل حقيقة ارتباط حاضرة الصحراء واد نون بمدن مغربية أخرى ولا غرابة إذا ما علمنا أن واد نون او كلميم اتخذت موقعا رائدا في الدفاع عن مغربية الصحراء بشريا وتاريخيا وإذا كان هذا تاريخنا والذي يؤكد على مغربية الصحراء فأين تاريخ المشككين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *