متابعات

أطلال شاحنة “محرقة طانطان” .. هيكلٌ يذكر بمأساة حرب الطرق

يضطر المسافر إلى مدينة العيون أو القادم منها إلى التوقف عندما يقترب من جماعة الشبيكة القروية بإقليم طانطان إجباريا.

فالمنظر هنا لا يتعلق بمشهد سحري يغري الناضرين وله علاقة بطبيعة الأمكنة الصحراوية التي يتم الترويج لها بقنواتنا العمومية، ولكن الأمر مختلف؛ فسبب الوقوف يكون بسبب مجسم لهيكل شاحنة محترق عن آخره لا يبدو منه إلا السواد القاتم.

فالعجلات أضحت هياكل حديدية، والذي يتحدث اليوم في المكان فقط رياح محملة بحبات الرمال تزمجر وتحدث كل القادمين والعائدين بقصة حادث مفجع بين حافلة تقل ركابا أغلبهم تلاميذ شاركوا في ألعاب البطولة المدرسية بالرباط وشاحنة قادمة من موريطانيا. شبت حينها النيران في الأليتين لتكتسح الكراسي ومعها الأجساد الصغيرة التي التصقت بمكانها بفعل قوة لهيب النيران.

الوزارة الوصية على القطاع فضلت تعليق كل التفسيرات والاتهامات إلى حين انتهاء التحقيق الذي أكدت أولى بوادره أن الشاحنة كانت محملة بكمية إضافية من الوقود والذي لن يكون إلا مهربا.

واليوم، وعلى بعد أيام من الحادث مازالت بقايا الشاحنة قابعة في مكانها شاهدة على المجزرة وما تبقى من الحافلة لم يعد له أثر.

هيكل الشاحنة التي احترقت قرب طنطان(1)

كل المارين من هذه المنطقة يقفون ليتأكدوا أن الأمر حقيقة وليس خيالا، تناجيهم أرواح الأطفال والركاب الآخرين الذين بلغ عددهم الإجمالي 34 راكبا نحبهم هنا.

أرواحهم تستوقف كل المارة لتحملهم رسالة لكل المسؤولين، مفادها ان طرقات الصحراء والتي ليست إلا طريقا واحدة وتحمل رقم 1 تعاني كثيرا فهي طريق وطنية فقط بالاسم.

حافة جد خطيرة وبعيدة بحوالي 20 سنتم عن الأرض، ولايمكن لسائقين أن يتخالفا فيها بأمان وخاصة بين كلميم والعيون.

ففي بعض المناطق لابد لأحدهما أن يتنازل عن حقه ويخرج من الطريق، وغالبا ماتلجأ الشاحنات الكبيرة المحملة بـ “الاسماك المتفجرة” إلى استعمال الاضواء الكاشفة والمنبهات لإرغام كل من يأتي في الاتجاه المعاكس مغادرة مسارها.

وتبقى الجمال التي ترعى بكل حرية بالمنطقة عاملا آخرا يساهم في انتشار حوادث سير مميتة بالطريق المذكورة بحيث تعبرها دون مراقب وترعى في هذه المساحات التي تغلب عليها الرياح المحلمة بالرمال، مما يجعل في بعض الأحيان رؤيتها مستحيلة في ظل اقتراب لونها من لون الأرض.

والرمال بدورها التي يشكل زحفها هي الأخرى عاملا ثالثا يساهم في انتشار حوادث السير بالمناطق الصحراوية بحيث تغزو جنبات الطرق وتتسبب في عرقلة السير.

جمال تعبر وسط الطريق الوطنية رقم 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *