الشريط الأحمر | متابعات

من يكون الحموشي الذي جمع بين مهام أخطر جهازين في المغرب؟

بعد تعيين الملك محمد السادس لعبد اللطيف الحموشي مديرا عامة لإدارة الأمن الوطني خلفا لبوشعيب الرميل، والاحتفاظ بها أيضا مديرا عاما لمراقبة التراب الوطني، تكون أسهم “المخبر” الأول في المملكة قد صعدت في بورصة الأسماء التي يود المغاربة معرفة عنها المزيد.

دخل الحموشي مبكرا إلى أقسام الشرطة، سنة 1993، وعمره لا يتجاوز 27 عاما، بعد تخرجه من كلية الحقوق، ظهر المهراز بفاس، سنة 1990.

ورغم أن الفترة التي درس فيها الحموشي بجامعة بفاس عرفت حدة الصراع بين الإسلاميين، واليساريين، وخاصة منهم القاعديين، إلا أن الحموشي كان بعيدا عن الانتماءات الإيديولوجية، والدينية، وكان تركيزه منصبا بالدرجة الأولى على دراسته.

وبسبب نباهته، وقدرته على التحليل والمتابعة، فقد تم توجيهه مباشرة بعد تخرجه إلى مديرية مراقبة التراب الوطني «الديستي»، وهو الجهاز الذي كان تابعا حينها لإدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الراحل الحسن الثاني.

وبعد سنة من توليه منصبه في جهاز المخابرات، عاش عبداللطيف الحموشي أول امتحان أمني، يتعلق بأحداث أطلس أسني في مراكش سنة 1994، حيث قامت عناصر مسلحة بإطلاق النار على سيّاح في فندق أطلس أسني في مراكش، مما أدى إلى وفاة سائحين.

ورغم عدم مشاركته في التحقيقات، إلا أنه بدأ يهتم منذ ذلك الحين بنشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة.

بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش، كان أول ما قام به هو تغيير قيادة جهاز الديستي، حيث عين الجنرال حميدو لعنيكري، على رأس هذه المؤسسة الأمنية.

كان الهدف من وراء تعيين شخصية عسكرية على رأس هذا الجهاز الأمني، هو إبعاد «الديستي» عن أعين وزير الداخلية البصري، وضمان استقلالية المؤسسة الأمنية وارتباطها مباشرة بالقصر، هذا فضلا عن وضع تصور جديد لعمل الجهاز ليستجيب للتحديات الأمنية الجديدة.

كان لعنيكري يعمل في جهاز لادجيد (المخابرات العسكرية)، حيث كان بمثابة الرجل الثاني، في هذا الجهاز خلف الجنرال عبدالحق القادري.

وبمجرد تعيينه في «الديستي»، قام بإحداث تغييرات كبيرة على رأس الجهاز، أبرزها إعطاء فرص أكبر للأطر الشابة لتحمل المسؤولية، وكان ضمن هذه الأطر عبداللطيف الحموشي.

وبعد أحداث 11 شتنبر 2001 في الولايات المتحدة، ظهر خطر إرهاب الجماعات الإسلامية، فدخل لعنيكري في اتصالات مكثفة مع المخابرات الأمريكية والغربية، من أجل التعاون في محاربة هذه الظاهرة وتبادل الخبرات والمعلومات.

وعشية أحداث 16 ماي 2003، وبسبب اهتمامه بظاهرة إرهاب “الإسلاميين”، شارك الحموشي فعليا في التحقيقات الميدانية، وظهر بسرعة بمثابة الذراع الأيمن للعنيكري.

وبعد شهرين من أحداث 16 ماي عرفت مديرية «الديستي»، تغييرا جديدا في مسؤوليها، حيث تم تعيين الجنرال حميدو لعنيكري، مديرا عاما للأمن الوطني، فيما تم تعيين أحمد حراري، المسؤول عن جهاز «الديستي» في الدار البيضاء على رأس المديرية، فيما بقي الحموشي مسؤولا بالخلية المكلفة بمحاربة الإرهاب في الجهاز، وبقي على اتصال برئيسه آنذاك حميدو لعنيكري.

لكن لم يكمل حراري سنتين في مسؤوليته قبل أن يتم التخلي عنه، ليخلفه عبد اللطيف الحموشي في دجنبر 2005، مديرا لجهاز الديستي، في وقت كانت الانتقادات الحقوقية موجهة إلى هذا الجهاز الذي اتهم من طرف معتقلين سابقين، بممارسة التعذيب خاصة في معتقل تمارة، خاصة بعد حملة الاعتقالات التي عرفتها البلاد بعد أحداث 16 ماي 2003.

كان عمره 39 عاما حين تولى مسؤولية أهم مؤسسة أمنية تُعنى بالأمن الداخلي، ويمكن اعتباره الشخصية الأصغر في تاريخ الجهاز التي تولت مسؤولية من هذا الحجم.

يقال إنه رجل كتوم، ومتحفظ، ويحافظ على الصلاة، ذكي وجدي، ومهمته تحليل المعطيات، ومهتم بالجماعات الإسلامية، في حين يرى البعض أن مدرسة الديستي والهاجس الأمني عنده فوق أي اعتبار وهو جزء من صقور المحافظة في النظام.

وبعد تعيينه ارتفعت عمليات تفكيك الخلايا، مثل خلية أنصار المهدي، سنة 2006، ولكن التحدي الأكبر الذي واجه الحموشي سنتين بعد تعيينه، كان هو التفجيرات التي عرفتها الدار البيضاء في سنة 2007، حيث وقعت ثلاثة تفجيرات خلال شهرين، والتي أسفرت عن قتل أصحابها، ورجل أمن، وإصابات في حق مواطنين.

هذه الأحداث دفعت الحموشي إلى التفكير في منهجية أخرى لمحاربة الإرهاب وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية فقط. ومن هنا بدأ الحديث عن حوارات تجري مع شيوخ السلفية في السجون.

ويقال إن الحموشي التقى شخصيا بالشيخ الفيزازي في سجنه، ورغم أن هذا اللقاء بقي سرا، إلا أنه بعد الإفراج عن الفيزازي، اعترف بأنه مدين للحموشي بخروجه من السجن.

وقال في حوار مع جريدة «المساء» تعليقا على اسم الحموشي «أرجو أن يواصل جهوده المثمرة من أجل إطلاق سراح ما تبقى من السلفيين الذين لم يتورطوا في دم، وإنني مدين له بشهادته الطيبة في شخصي، ولولاها، بعد الله تعالى، لما عانقت الحرية أبدا، ولا شك أنه ممن رفعوا إلى ملك البلاد استحسان إطلاق سراحي، وقد فعل».

وفي إحدى قصاصات ويكيليكس، تم الكشف عن برقية أرسلت من السفارة الأمريكية بالرباط، في يوليوز 2007، تتحدث عن زيارة قامت بها فرانسيس تاونسيند، مستشارة الرئيس أوباما في الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب، ولقائها مع الحموشي، حيث أشار هذا الأخير إلى أنه لمحاربة الإرهاب يجب مواجهته إيديولوجيا، أيضا، وهو ما أثار انتباه المسؤولة الأمريكية التي ردت بأن المغرب مؤهل أكثر من أمريكا للقيام بهذا الدور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *