خارج الحدود

“داعش” تسيطر بالكامل على مدينة تدمر الأثرية

سيطر تنظيم الدولة الاسلامية بشكل كامل على مدينة تدمر الاثرية في الصحراء السورية بعد منتصف ليل الاربعاء الخميس، ما يثير مخاوف جدية على الآثار القيمة الموجودة في المدينة والمدرجة على لائحة التراث العالمي.
وتفتح هذه السيطرة الطريق امام التنظيم الجهادي نحو البادية السورية الممتدة من محافظة حمص (وسط) حيث تدمر حتى الحدود العراقية شرقا. وبالتالي، بات التنظيم يسيطر على نصف مساحة سوريا الجغرافية تقريبا.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن اليوم “انتشر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في كل انحاء المدينة بما فيها المنطقة الاثرية في جنوب غربها والقلعة في غربها”.
وتحدث الناشط محمد حسن الحمصي المتحدر من تدمر لوكالة فرانس برس عن “انهيار قوات النظام التي انسحبت من معظم المواقع من دون مقاومة تذكر”.
واوردت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” ان “قوات الدفاع الشعبي انسحبت من أحياء تدمر بعد تأمين خروج معظم الأهالي واستقدام تنظيم داعش الإرهابي أعدادا كبيرة من إرهابييه”.
وانسحبت معظم قوات النظام في اتجاه مدينة حمص، بحسب المرصد الذي اشار الى ان “قسما من السكان نزح الى حمص، بينما لازم آخرون منازلهم”.

وبدأ التنظيم هجومه في اتجاه مدينة تدمر في 13 ايار/مايو وسيطر على مناطق محيطة بها خلال الايام الماضية وسط معارك ضارية مع قوات النظام. وتمكن من دخول المدينة بعد ظهر امس وتقدم فيها سريعا.
ولم يعرف بالتحديد مصير نزلاء سجن تدمر الواقع شرق المدينة والذي وصفه الناشط محمد الحمصي على حسابه على موقع “فيسبوك” بـ”القبر الكبير”، وهو سجن ذاع صيته في الثمانينات بسبب ممارسات القمع التي حصلت فيه على يد نظام الرئيس الراحل حافظ الاسد.
وقال المرصد ان قوات النظام قامت خلال الايام الماضية بنقل السجناء الى مكان آخر لم يحدد.
وبحسب المرصد، اسفرت معركة تدمر التي استمرت ثمانية ايام عن مقتل 462 شخصا على الأقل، هم 71 مدنيا و241 من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها، و150 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية.
ويثير دخول التنظيم الجهادي الى المدينة العريقة قلقا في العالم، إذ سبق للتنظيم ان دمر وجرف مواقع وقرى اثرية في سوريا وفي العراق خصوصا بينها آثار الموصل ومدينتا نمرود والحضر التاريخيتان.
وحذرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) ايرينا بوكوفا في شريط فيديو نشر على موقع المنظمة الالكتروني الخميس من ان “اي تدمير لمدينة تدمر لن يكون جريمة حرب فحسب وانما ايضا خسارة هائلة للبشرية”.
وطالب المدير العام للمتاحف والآثار السورية مامون عبد الكريم الخميس المجتمع الدولي بالتحرك لانقاذ المدينة.
وقال لوكالة فرانس برس “اناشد المجتمع الدولي، لا تكونوا متقاعسين اكثر من ذلك يكفي من التقاعس… طالما ان التراث السوري هو تراث انساني فعلى المجتمع الدولي ان يتحرك ويمنع التهريب والتدمير بحق التراث”.

وكانت تدمر قبل اندلاع الازمة السورية في 2011 الوجهة الاساسية للسياح في سوريا، اذ كان يزورها سنويا اكثر من 150 الف سائح.
وقالت مها قندلفت، المسؤولة في شركة أدونيس للسفر والسياحة، وهي من ابرز الشركات في القطاع السياحي السوري، لوكالة فرانس برس “كانت مكاتب السياحة العالمية تطلب ادراج تدمر على راس المعالم الاثرية في برامج الرحلات”.
واضافت قندلفت “كانت حجوزاتنا (في المنشأة السياحية التي تملكها الشركة في تدمر) كاملة لمدة عام، ما كان يضطرنا الى الحجز في فنادق اخرى في المدينة”.
وفتحت السيطرة على تدمر الطريق للتنظيم على البادية السورية حيث لا يزال النظام يحتفظ فقط ببعض المواقع العسكرية بينها ثلاثة مطارات عسكرية “س 1″ و”س 2” ومطار تيفور العسكري.
وقال عبد الرحمن “بات التنظيم بعد سيطرته على كامل منطقة تدمر والغالبية الساحقة من البادية السورية يسيطر على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسوريا”، اي ما يوازي نصف مساحة البلد، وان كانت هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية.
واوضح الخبير الفرنسي في الشؤون السورية فابريس بالانش ان سيطرة التنظيم “تؤمن تواصلا جغرافيا مع العراق من خلال البادية السورية”.
واشار الى ان السيطرة على تدمر تعني ايضا “السيطرة على حقول مهمة للغاز تغذي محطات التوليد الكهربائي السورية”. ورأى انه على الرغم من ان تنظيم الدولة الاسلامية “لن يتمكن من استثمار هذه الحقول، لكنه يحرم المناطق الحكومية من جزء آخر من تموينها بالطاقة”.
وبات تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على “الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا”، بحسب المرصد. وبقي خارج سيطرته حقل شاعر الذي تسيطر عليهما قوات النظام في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في ريف الحسكة.
ويتواجد التنظيم في حوالى 30 في المئة من محافظة الحسكة (شمال شرق) وفي محافظة الرقة باستثناء بعض القرى التي استولى عليها المقاتلون الاكراد وفي كامل محافظة دير الزور (شرق) باستثناء نصف مدينة دير الزور ومواقع اخرى محددة للنظام، والجزء الشمالي الشرقي من محافظة حلب باستثناء بلدة عين العرب (كوباني) الكردية ومحيطها. كما بات له تواجد كثيف في ريف حمص الشرقي من تدمر الى الحدود العراقية، وفي ريف حماة الشرقي (وسط).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *