آراء

القانون الجنائي لن يمر! من سيوقفه؟

منذ أن ظهرت إلى الوجود “مسودة مشروع القانون الجنائي”، طفا على السطح نقاش ساخن، في غالبه مناهض لبعض بنوده و مواده، (مع استثناء العدالة و التنمية وجيشها الإليكتروني المجنَّد لتبرير أي من ممارساتها وإجراءاتها حتى ما تناقض منها مع ما كانت تدعي تبنيه).

كانت بداية التعبير عن موقف الرفض عبر مواقع التواصل الإجتماعي (فايس بوك وتويتر على وجه الخصوص)، عبر هاشتاج #القانون_الجنائي_لن_يمر، تلته تغطيات إعلامية، استجوابات ومقالات تحليلية في الجرائد الإليكترونية وبعدها الورقية، ما فرض تنظيم ندوات على مختلف المستويات لنقاش الموضوع، فاق عددها الخمسة عشر ندوة في الرباط وحدها في الفترة الماضية، ما بين الندوات المنظمة في مقرات الأحزاب والنقابات والجمعيات الحقوقية وتلك المنظمة في الجامعات والمؤسسات الرسمية.

هذه الندوات كانت فرصة لتحليل تناقضات هذا النص القانوني وخطورته على الحريات السياسية والنقابية، وتضمنه لتعابير مبهمة يمكن تأويلها في اتجاه التضييق على الحريات بشكل كبير من قبيل: الأمن الداخلي للدول، زعزعة الولاء للدولة، ازدراء الأديان، الإساءة إلى الله … وما إلى ذلك، إلى درجة أن البعض اعتبرها مسودة قانون “داعشي”. وهو ما ساهم في توسيع دائرة معارضيها –المسودة- إلى درجة أن نبيل بن عبد الله نفسه أعلن رفضه لها (دون الدخول في خلفيات التعبير عن هذا الموقف لأن المجال لا يتسع لذلك).

ظهرت أحداث أخرى عديدة، جعلت هذا النقاش يخفُت نوعا ما، و يتراجع في سلم الأولويات، أمام نقاشات وسجالات أخرى كعلاقة الوزيرين الشوباني وبنخلدون، و”سرير الوزير عمارة”، سقوط الطائرة المغربية في العدوان على اليمن … وآخرها شريط نبيل عيوش وما أثاره ولازال يثيره من جدال.

لكن كل هذا لا يمنع من القول أن مسودة القانون الجنائي وإن كانت قد نالت حظا وافرا- تستحقه – من الإهتمام من حيث نقاش المضمون، لكنه غير كاف ما دام قد أغفل التركيز على الجانب الأهم المتمثل أساسا في كيفية مجابهتها ووقف تمريرها، وهو ما يستدعي عملا تنسيقيا يتجاوز المعتاد، المتمثل في اللجان والإئتلافات بين بعض مكونات المشهد السياسي والحقوقي بالمغرب، التي تكتفي عادة ببيانات وعرائض لا يكون لها التأثير المطلوب، أو بوقفات يحضرها العشرات من الوجوه المألوفة، ينتهي تأثيرها بانتهائها، إذ أن حجم رهان النظام على هذا النص، يفرض كما تمت الإشارة إلى ذلك الإجتهاد في إبداع أشكال للمقاومة تعمل على إشراك كل المعنيين من قريب أو بعيد بوقف تمريره. و هو ما يتطلب نوعا من الشجاعة السياسة و الإبداع النضالي.

فهل سيكون الفاعلون السياسيون، الحقوقيون، الجمعويون، بل و المثقفون والأكاديميون المغاربة في مستوى اللحظة؟ أم أن الأمر سيظل حبيس العالم الإفتراضي ونقاشات القاعات والصالونات؟ wait and see

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *