خارج الحدود | هام

أضرار سعودية محدودة بعد وثائق ويكيليس

ألقت عشرات الآف الوثائق المتعلقة بالخارجية السعودية التي نشرها موقع ويكيليكس الضوء على استخدام المملكة للمال لدعم شبكة نفوذها الإعلامي والسياسي، إلا أن الأضرار تبدو محدودة حتى الآن بالنسبة لها بحسب مسؤولين ومحللين.

وقال مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس: «ليس هناك مفاجآت» في الوثائق التي نشرت حتى الآن والتي لم تتمكن وكالة فرانس برس من التأكد من مصداقيتها، وهي تتعلق بوزارة الخارجية.

إلا انه أضاف: «إننا حزينون بغالبيتنا لأن بعض المسائل الشخصية نشرت عبر الإنترنت» مشددًا على أن الوثائق تتعلق بشكل عام بأشخاص وليس بمسائل دبلوماسية ذات أهمية.

وتضمنت الوثائق التي لم يتضح كيف حصل عليها موقع «ويكيليكس» آلاف الوثائق غير الهامة وأيضا عددا من الوثائق التي تكشف عن أمور «سرية».

وأظهرت الوثائق على سبيل المثال حصول قناة «إم تي في» اللبنانية المؤيدة لتيار «14 آذار» المناهض لحزب والله والنظام السوري، على دعم بمليوني دولار، وهو عشر المبلغ الذي طلبته القناة، وذلك مقابل التزام القناة بدعم الخط السياسي للمملكة ومواجهة الإعلام المعادي لها.

كما أظهرت الوثائق تهافت سياسيين وصحفيين وشخصيات معروفة وغير معروفة خصوصا لبنانية على طلب الدعم من المملكة التي ترد سلبًا أو إيجابًا معتمدة على تقييمها لمدى خدمة صاحب الطلب لمصلحة المملكة.

كما تقرر المملكة بحسب الوثائق منح أو عدم منح تأشيرات ودعوات لصحفيين على أساس انتماءاتهم السياسية، وذلك للحد من قدرة وصول الشخصيات «المشبوهة» – بحسب الدبلوماسية السعودية – إلى الأمراء في المملكة من خلال المشاركة في لقاءات مثل مهرجان الجنادرية.

وقال المحلل السياسي المقيم في لندن عبد الوهاب بدرخان: «إن الوثائق المسربة التي نشرت حتى الآن تتناول أمورا كانت دائما متداولة وسياسات معروفة. ليس هناك سر».

وأضاف: «السعودية مثل دول أخرى تبحث عن موالين لها في العمل السياسي، وهي معروفة منذ عقود بالقوة الناعمة» و«مسألة تقديم مساعدات لمجموعات لديها نشاط سياسي أو ثقافي لا يخفى على أحد، ولكن السعودية ليس لديها تنظيم لذلك مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على سبيل المثال، بل تفضيلات وتقريب أو إبعاد لأشخاص بحسب انتماءاتهم».

وخلص المحلل إلى أن «ما كشفته الوثائق ليس فيه أي مفاجأة أو فضيحة يمكن أن تحدث خضة إقليمية أو خلافا دوليا، ويمكن القول أن الأضرار معقولة ومحدودة بالنسبة للسعودية حتى الآن أما الأضرار الكبرى فهي للأشخاص الذين وردت أسماءهم في الوثائق».

إلا أن بعض الوثائق أظهرت معطيات سياسية مهمة، وبحسب إحدى الوثائق، طالب أحد أبناء أسامة بن لادن الولايات المتحدة بشهادة وفاة لوالده الذي قتل عام 2011 في باكستان في عملية لقوات النخبة في البحرية.

كما أظهرت وثائق أخرى أن فرنسا طلبت عام 2012 من السعودية أن تحصل على تسهيلات لوجستية لقواتها التي تعمل في إطار مكافحة القرصنة، وأن دبلوماسيين سعوديين أفادوا بان إيران نقلت معدات نووية إلى السودان في السنة نفسها.

كما تظهر وثيقة أن ألمانيا عرضت معالجة عدد اكبر من المصابين السوريين في مستشفياتها إذا ما تكفلت السعودية بنفقة العلاج.

وتتخذ بعض الوثائق طابعًا فضائحيًا مثل الكشف عن عدم تسديد أميرة سعودية فاتورة ضخمة لشركة لخدمات الليموزين في سويسرا، وتركها المشكلة لتحلها السفارة، أو عن تسجيل أخذ ورد بين وزارتي الخارجية والداخلية حول سبب منح الفنانة نانسي عجرم تأشيرة دخول للمملكة برفقة زوجها.

إلا أن الموقع لم ينشر حتى الآن إلا 70 ألف وثيقة من اصل حوالي نصف مليون وثيقة قال أنه حصل عليها من الخارجية السعودية.

وقد طلبت السلطات السعودية من وسائل الإعلام والمواطنين عدم نشر ما تضمنته الوثائق.

وقال بدر خان في هذا السياق: «لا نعرف ما إذا كان هناك وثائق أخرى اكثر أهمية تتناول مسائل حساسة مثل العلاقات بين دول الخليج أو العلاقات مع واشنطن أو روسيا أو عن الصفقات الضخمة ذات البعد السياسي».

وفي كل الأحوال، لا يعتقد بدر خان أن اكبر أسرار الدولة يتم التعاطي بها من خلال دبلوماسيي وزارة الخارجية، بل هي في معظم الأحيان في عهدة الديوان الملكي ووزارتي الدفاع والخارجية إضافة إلى المخابرات.

وتؤكد وثائق ويكيليكس ما يعرفه الجميع حول المواجهة الشرسة بين الرياض وطهران في كل المجالات.

وغالبا ما تظهر الوثائق المسربة سعي المملكة إلى مواجهة مد النفوذ الإيراني في المنطقة، لاسيما على المستوى الإعلامي.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدة اللويزة اللبنانية إيلي الهندي: «إن الوثائق تعطي بأحسن الحالات صورة مجتزأة عن الحقيقة، لأن خصوم السعودية، لاسيما إيران يملكون شبكاتهم الخاصة لدعم معارضي السعودية إعلاميا وسياسيا وحتى عسكريا».

وأضاف «للأسف نحن في منطقة تعج بالزبائنية والولاءات الخارجية ولم تكشف ويكيليكس ما لم يكن معروفا، لكن السعودية ستتضرر من دون شك، خصوصا من خلال الاستغلال الإعلامي للوثائق»، وقد نشرت الوثائق المسربة جريدة الأخبار اللبنانية المؤيدة لحزب الله.

وقال بدر خان في هذا السياق «اكثر الأطراف سعادة حاليا بالتشهير بالوثائق هم المرتبطون بإيران».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *