متابعات

تنظيم الدولة الإسلامية بالمغرب .. مرحلة البحث عن الكفاءات

لم يعد استقطاب تنظيم الدولة لشباب مغاربة يقتصر على أوساط فقيرة أو مهمشة، بل بدأ يمتدّ إلى فئات جديدة من الشباب مؤهلة ماديا وعلميا. وبينما يقلّل البعض من أهمية التحاق هذه الفئات، يرى آخرون أن التحاقها يعكس أزمة الهوية.

يدفع الحديث عن التحاق فئات جديدة من الشباب المغربي بتنظيم الدولة الإسلامية إلى البحث عن الأسباب التي تدفعهم إلى ذلك، غير الأسباب المتعلقة بالوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو المرتبطة بمستوى التعليم والوعي، خصوصا بعد أن كشفت التقارير الأخيرة عن التحاق أستاذ في علوم الحياة والأرض، ورياضي ينشط في المنتخب المغربي لكرة القدم، بتنظيم الدولة.

ويرى رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات عبد الرحيم المنار اسليمي أنه يوجد لحالة الأستاذ المغربي الملتحق أخيرا بتنظيم الدولة “قاسم مشترك بمكونات أجنبية أخرى التحقت بالتنظيم يتعلق بالتكوين العلمي التجريبي الطبي أو العلوم الطبيعية، وينبغي أن نلاحظ في المقابل غياب ملتحقين ذوي تكوين في علم الاجتماع أو الفلسفة أو القانون والاقتصاد”.

ويرى اسليمي أن عموم المغاربة الملتحقين بالتنظيم أقل تعليما مقارنة مع نظرائهم من فرنسا وبريطانيا وكندا ودول عربية كالسعودية وتونس”. كما قلّل من أهمية التحاق هذه الفئة بتنظيم الدولة، قائلا “إنهم لا يمثلون سوى 2% بينما تشير بيانات الملتحقين بهذا التنظيم إلى أن المستويات التعليمية لـ 98% منهم متدنية أو منعدمة”.

وحول الطرق المعتمدة لاستقطاب فئات جديدة، قال اسليمي إن التنظيم “يقدّم عروضا واسعة تستوعب حاملي الفكر المتطرف، والباحثين عن دخل مادي”.

ويفسّر الحالة المغربية بـ”سهولة تحرك القيادات الموالية للتنظيم بين ضفتي المتوسط خلال السنتين الأخيرتين، والانفتاح الحاصل لمناطق شمال المغرب على ما هو قادم من أوروبا بحكم القرب الجغرافي”.

أما الباحث في علم الاجتماع رشيد الجرموني، فيرى أن الدوافع “لا تتعلق دائما بضعف الإمكانيات المادية بل قد ترتبط ببحث هؤلاء الشباب عن نموذج يقدّم تدينا حقيقيا وصافيا”.

وأوضح أن من بين هذه الدوافع “أزمة الهوية، والبحث عن الخلاص الفردي، وهذا يدفع الشباب إلى السقوط في أحضان جماعات تقدم نفسها بديلا في وقت تفتقر فيه المجتمعات العربية إلى تنمية حقيقية”.

ونبه الجرموني إلى أن الظاهرة “محدودة في المغرب حتى ولو بلغ عدد الملتحقين أكثر من 1500”. وقال إن هذا الوضع “جاء نتيجة لإصلاح الحقل الديني وإطلاق مجالات التنمية، وكان من الممكن أن تتحقق نتائج أكبر لو تم إشراك مكونات الحركة الإسلامية بالمغرب بدل الإصلاح الفوقي الذي تقوده الدولة لوحدها”.

ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية محمد بالدوان أن “الانجذاب نحو تنظيم الدولة لا يأتي من عوامل مادية فقط، وإنما من عوامل دينية ودوافع نفسية ومزاجية لأشخاص يشغلون مناصب ووظائف يميلون إلى أفكار راديكالية بحكم نشأتهم منذ الصغر بمزاج حاد يجنح بشكل مبالغ فيه نحو الصرامة”.

وفي حديث للجزيرة نت، قال وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي إن المملكة “طوّرت مقاربة شاملة تقوم على التنمية وتعزيز حقوق الإنسان وفرص المشاركة السياسية ودعم المسار الديمقراطي”.

وأوضح أن هذه المقاربة “استباقية وتتكيف مع تحولات الخطاب التكفيري الاستقطابي الذي يستعين بوسائل التكنولوجيا الحديثة، ومن بين مؤشرات هذا التكيّف تكثيف عمليات التفكيك الاستباقي للخلايا، حيث تضاعف عدد الخلايا التي جرى تفكيكها في السنتين الأخيرتين ثلاث مرات وبلغ ثلاثين خلية مقارنة مع ما قبل 2013”.

كما أضاف الخلفي إلى ذلك “تقوية التعاون الدوالي، ومواجهة الجذور الفكرية لهذه الظاهرة بمقاربة دينية تقوم على نشر الإسلام الوسطي المعتدل وتقوية دور العلماء في التصدي للتطرف، وتعزيز دور المساجد في محاربة الأمية، حيث ينتشر في المغرب حوالي خمسين ألف مسجد”.

* الجزيرة نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *