مقال رأي:
أهمية قضية الصحراء المغربية التي تسترعي الانتباه منذ أكثر من أربعة عقود تتجلى في كونها مرتبطة بمعطيات آنية تشغل بال العالم من قبيل الإرهاب والحرب على التطرف حاضرا غير انه والى أمد قريب ارتبطت القضية بمحاولات استعمارية تهدف إلى تجزئة وتفتيت وحدة التراب الوطني عن طريق السيطرة الاستعمارية حينا وأحيانا أخرى المعاهدات التي تفرضها الدول الكبرى بالذات على المناطق المستعمرة.
ففي فترة الاستعمار الفرنسي والاسباني تلاحمت المقاومة المغربية وانخرطت فيها مختلف المناطق من الشمال الى الصحراء ولعل المعارك التي نشبت بالمنطقة حجة بينة على انخراط القبائل الصحراوية ضمن قوافل المقاومة تحت قيادة جيش التحرير المغربي مما جعل الحركة الوطنية توالي الضربات طامحة لبزوغ فجر الاستقلال مما حذا بفرنسا أن تقدم لحليفتها اسبانيا قواعدها في موريتانيا والجزائر للحد من الضربات التي كانت توجه لها تحت راية المقاومة المغربية من طنجة الى تخوم الصحراء.
لقد كان انسحاب اسبانيا من الصحراء بعد المسيرة الخضراء ضربة موجعة للأطماع الجزائرية التي وقفت حائرة أمام اتفاقية مدريد 1975 وهي الاتفاقية الدولية التي تثبت بالتاريخ والجغرافيا سيادة المغرب على أراضيه لتتأكد هته السيادة بقوة القانون الدولي.
ما يجعل قضية الصحراء المغربية مرتبطة بأبعاد دولية هو مسببات الصراع في الأصل إذا ما اعتبرنا امتداد المغرب عبر التاريخ إلى تامبوكتو و نهر السنغال والبيعة في مساجد مالي يضعنا في البعد التاريخي بالإضافة إلى البعد الجغرافي والاستراتيجي.
إطلالة المغرب على واجهتين بحريتين يجعل من دول الجوار أعداءا بالفطرة بالإضافة لتراجع الجزائر وتنكرها لوعودها التي قطعتها على نفسها إبان الفترة الاستعمارية ، ومن جهة أخرى وجود الصحراء المغربية ضمن المناطق البحرية التي تحظى بمكانة متميزة يضاف إلى ذلك المسافة الطويلة لشريطها الساحلي مما يجعلها ذات أهمية جيو إستراتيجية والأمر راجع إلى إمكانية ربط الاتصال المباشر للسواحل المغربية مع دول حوض الأطلسي وما يجعل أطماع أعداء الوطن الحالمين بتقسيمه يسيل هي الثروة السمكية أيضا حيث أن الملاحة تنشط طول العام لدفئ مياهه ووفرة مصايده.
أما بخصوص البعد الديموغرافي والاثنوغرافي، فارتباط قبائل الصحراء بالمملكة يجعل إمكانية تعداد سكان المنطقة مستحيلا والأمر مرده لتنقل القبائل عبر مجمل التراب الوطني فقبيلة أولاد بن سبع ارتبطت بشكل وثيق بمراكش ونواحيها و ولاد دليم بمدن اخرى بالإضافة إلى أحياء أطلقت على استقرار الرحل في عدة مدن مغربية حي لعرب ببويزكان أو حي الخيام باكادير.
أما عن العناصر المكونة للمجتمع الحساني فهي تتحدث اللغة الحسانية بالإضافة لأقليات من الامازيغ وتتشكل القبائل عبر تجمعيين أساسيين هما تجمع تكنة والركيبات، وبالعودة لنضالات قبائل الصحراء ضد المستعمر فانه يتأكد ان القبائل الصحراوية ترتبط بالعرش العلوي، تعمل باوامره وتنتهى بنواهيه مما يقطع الطريق أمام الأفراد في توجيهاتهم التي لا تغدو إلا أن تكون تعليمات تمارس بالوصاية وعموما فان المثل الشعبي الصحراوي يقول” لي ما كر فيه خيرنا عمروا ما يكر فيه الخير.”