مجتمع

حاملات للإيدز بأكادير: “نحن وصمة عار في المجتمع رغم براءة البعض منا”

الإصابة بالإيدز ليست بالضرورة متعلقة بممارسة الجنس خارج العلاقات الشرعية كما يعلم الكثيرون، “مريم” فتاة تبلغ من العمر 20 سنة حدثت “مشاهد” عن كيفية إصابتها بمرض فقدان المناعة المكتسبة حيث قالت،” نُقلت إلي العدوى بسبب وخز إبرة تعرضت له بعرس تقليدي حضرته رفقت والدتي، ولم أعلم بإصابتي بالإيدز إلا بعد قيامي بكشف باحدى القوافل الطبية المتنقلة بأكادير، لقد كانت صدمة كبيرة أثرت بشكل كبير على نفسيتي ومستواي الدراسي، والحمد لله حضيت بدعم وتشجيع من لدن أبي وأمي لمواجهة هذا المرض الفتاك.”

“كنت خائفة من أن يشكك أحد في أخلاقي لكن والداي ساعداني على اخفاء المرض عن الجميع حتى أخي وأختي، وقاما بنقلي إلى خارج الوطن، من أجل تلقي العلاج فوضعنا المادي يسمح لنا بدفع التكاليف الباهضة أملا في الشفاء” حسب تعبير مريم.

ووسط ظروف أسرية واجتماعية قاهرة تكافح “نجاة” وهي أم لأربعة أبناء، هذا المرض الأسود حسب وصفها، والذي انتقل إليها عن طريق زوجها الذي اكتشفت مؤخرا أنه يمارس علاقات جنسية خارج المنزل، تقول بصوت خافت “دٌمرت حياتي، ولن يرحمني المجتمع عندما يعلم الكل بمرضي، فالمرأة تلام دائما رغم أن الخطأ يرتكبه زوجها، لقد لجأت إلى جمعية خاصة بمحاربة السيدا ومساعدة المصابين بالمرض متخفية تحت النقاب حتى لا يعرفني الناس مما أزم نفسيتي.

أحصل على مضادات لفيروس الإيدز وأدوية أخرى أتناولها من أجل الشفاء، وهناك أطباء يساعدوننا دون مقابل ويرفعون من معنوياتنا التي انهارت بسبب الخوف والدعر من الفضيحة التي سنتعرض لها إن اكتشف الناس نوع مرضنا فنحن وصمة عار للمجتمع في نظرهم رغم براءة البعض منا”.

أما “هاجر” فتاة قررت التحدث باسم مستعار تبلغ من العمر 25 سنة قالت، “عند بلوغي 15 من عمري تعرضت لإغتصاب من لدن قريب لي في العائلة، ومن شدة خوفي من والدي الذي كان قاسيا جدا، هربت من المنزل واختفيت عن أنظار الكل.

لم أكن أملك قوتي اليومي فقررت امتهان الدعارة حتى أتمكن من العيش وكسب المال، وذات يوم توجهت إلى مركز للكشف المجاني فعلمت بعد الفحص أنني حاملة لمرض الإيدز.

تقول “هاجر” بكل أسف، “حقيقة لم أصدم ! فوضعي الإجتماعي وعدم اهتمام اهلي بي هو ما دفعني لامتهان الدعارة، حتى اني راضية بهذه الإصابة فهي تشعرني بنشوة الإنتقام من نفسي، حتى والدتي التي أحب لم تقف بجانبي ولم تساعدني أثناء علمها بخبر اغتصابي”، وتضيف “موتي أنا والمصابون بالإيدز، أرحم من وشوشات ونظرات الآخرين في المجتمع، فالشخص السليم لا يرحم الحامل للسيدا بتاتا”.

وعكس كل هؤلاء الحاملات للسيدا، عبرت “جميلة” ذات 21 سنة لـ”مشاهد” عن عدم خوفها من أن يتحدث الناس عنها وعن إصابتها بالمرض، وتقول، ” الكل بالحي يعلم القسوة التي أعيشها رفقة امي التي تعنف دائما من قبل والدي المدمن على الكحول، كنت أهرب دائما من الجو المتوتر بالمنزل وأسافر إلى مدن أخرى وهناك نقل إلي المرض، الكل يعلم بإصابتي، لكن ما لا أعلمه أنا، هو إسم متبرع مجهول ساعدني على الشفاء النسبي من المرض.” حسب تعبيرها.

ورغم أن المغرب تبنى سنة 2013 استراتيجية لمكافحة الايدز في افق 2016، من أجل احتواء المرض والتقليل من حدة الإصابة به، إلا أن نسبة الإصابة بالسيدا مازالت في تزايد مستمر، ورغم كل ما عملت عليه وزارة الصحة بشراكة مع المؤسسات الصحية وغير الصحية من خطط عملية للحد من مخاطر المرض، والتي تشمل تفعيل برامج التثقيف الصحي في المدارس والجامعات حول طرق الوقاية، وكذلك تدريب العاملين الصحيين حول كيفية التعامل مع مرضى الايدز لتجنب الإصابة به، وتحسين الخدمات الصحية والعلاج، مازالت بعض الفئات تجهل طرق الوقاية من المرض.

لذا أشارت بيانات الرصد الوبائي لمختلف الدول “Surveillance data” إلى الحاجة الماسة لسد الفجوة المعرفية القائمة حول وباء الايدز بمختلف المناطق، مؤكدة على اهمية بناء القدرات والدعم النفسي والحاجة لعدم التميز ونبذ المصابين، كما دعت إلى انهاء مفهوم وصمة العار المرتبطة ارتباطا عميقا بالمصابين، ومساعدتهم على مواصلت العيش رغم الإصابة بالمرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *