خارج الحدود | هام

الأزمة…مليون جزائري يواجهون كابوس “التسريح” من العمل في 2016

عاد نافع شوادرة (عامل بمزرعة نموذجية تابعة للدولة) إلى بيته ذات مساء وهو في قمة الإحباط، بعدما أخبره مديره بأن المؤسسة التي يعمل بها سيتم بيعها للقطاع الخاص وفق قانون الموازنة الجديد في الجزائر.

عائلة نافع المكونة من 7 أفراد وتقطن بلدية عين الروى بمدينة سطيف (350 كلم شرق العاصمة الجزائر) تترقب توقيف “عمدة” البيت عن عمله في أية لحظة بسبب الأصداء الواردة من مقر العمل.

لذا فالعائلة تستعد بكل الطرق لمجابهة المرحلة القادمة، عبر العودة إلى صناعة الفخار وبيعه، وكذا تربية الدواجن والأغنام.

 

كابوس 2016

 

في مزرعة الشهيد العيفة بـ”ورقبة النموذجية”، التي كانت ثمرة الثورة الزراعية التي قادها الرئيس الراحل هواري بومدين، يعمل 370 عاملاً في مجال الزراعة والتشجير والإدارة، كلهم – بحسب نافع – يترقبون السنة الجديدة بقلق كبير.

وإن كان حلم الكثيرين خلال العام الجديد، كما قال نافع لـ”هافينيغتون بوست عربي”، هو السفر وتحقيق الأمنيات، “فنحن العمال لا نتمنى سوى البقاء في مناصب عملنا، وتحقيق لقمة عيش طيبة”.

مدير المزرعة كل صباح يستقبل العمال بعبارات الاستعداد للرحيل، وكأن الأمر عنده محسوم بأن هذه المؤسسة ستتحول لملكية أحد رجال الأعمال الذين سيتصرفون في هيكلتها كما يحلو له.

 

مليون عامل يواجهون التسريح

 

يعتبر الإعلامي والمحلل الاقتصادي عبدالنور جحنين أن الجزائر باتت مرغمة على اتخاذ إجراءات فتح رأس مال الشركات والمؤسسات العمومية، بسبب ما وصفها بـ”الصدمة البترولية” التي عصفت بها مؤخراً.

وتنبأ جحنين بمستقبل أكثر تعقيداً في حال استمرار تهاوي أسعار النفط؛ لأن الجزائر في فترة ما لم تتخذ تدابير ناجعة لمواجهة هذه المرحلة، كدعم قطاعات الفلاحة والسياحة والاعتماد كل الاعتماد على البترول.

المؤشرات – حسب جحنين – تنبئ بتسريح نحو مليون عامل في القطاع العمومي، وسيكون قطاع الأشغال العمومية والبناء والري الأكثر تضرراً، إلى جانب مشاريع دعم الشباب في حال استمرار تجميد الهياكل الكبرى للدولة، لاسيما البرنامح الخماسي (2014-2019).

وحذر المتحدث من تكرار سيناريو تسعينيات القرن الماضي، حيث قامت الدولة بخصخصة المؤسسات والمصانع بشكل مباشر، ما جعل صندوق النقد الدولي يتدخل في غلق أو فتح مؤسسة ما، وهو ما أدى إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال حينها.

 

الشارع مصير آلاف العائلات

 

مع موجة تسريحات العمال المنتظرة سيكون الشارع والتشرد مصير آلاف العائلات، لتفاقم النفقات والمصاريف اليومية، خصوصاً أن ثلث الموظفين في الجزائر يستأجرون شققاً لعدم امتلاكهم مسكناً دائماً.

قضية القروض الممنوحة في إطار تشغيل الشباب، ستسهم في تشتيت اليد العاملة، عندما يجد المستفيدون صعوبات في تحصيل القيم الممنوحة وإعادتها إلى البنوك في ظل توقف العمل بمشاريع كبرى بسبب الأزمة والتقشف في الجزائر.

هذه المعطيات ستجعل الآلاف من المنازل والعقارات المرهونة لدى البنك بين أيدي الدولة، وهو ما يترك الشباب المستفيد وعائلاتهم بين سندان القرض ومطرقة ضياع المنزل وبينهما ضغط الحكومة والشارع.

 

هل يفيدهم الاحتجاج؟

 

استقبل المدير العام لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، محمد عبدو بودربالة، في 27 ديسمبر/كانون الأول 2015 لائحة مطلبية موقع عليها من طرف عمال الشركة بعد إضراب دام 3 أيام.

المحتجون طالبوا برفع الأجور، وعدم المساس بالشركة بعد تداول أخبار تتحدث عن عرضها للبيع للقطاع الخاص، كما حذروا من مغبة توقيف أي عامل، وقد وعد المدير العام للشركة في تصريح إعلامي بالرد على المطالب.

وكان الإعلام المحلي في الجزائر قد نقل بداية هذا الشهر احتجاجات عمال شركة “سوناكوم” المتخصصة في صناعة الشاحنات، ومقرها بمنطقة “الرويبة” في العاصمة، طالبوا فيها الحكومة عدم خصخصة الشركة التي يعملون بها.

 

المادة المثيرة للجدل

 

منذ المصادقة على قانون المالية الجديد في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، يترقب آلاف العمال بخوف كبير دخول العام الجديد بتخصيص الشركات التي يعملون بها.

المادة 66 من قانون الموازنة الجديد تسببت في إثارة حالة الجدل في الجزائر، إذ تتيح المادة للشركات العمومية بيع 64% من أسهمها لشركات القطاع الخاص، وتمكين الشريك الخاص من شراء الشركة بعد 5 سنوات من امتلاك أسهم فيها.

رئيس الكتلة البرلمانية “الخضراء” المعارضة التي تضم 3 أحزاب الدكتور نعمان لعور، اعتبر في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي” أن المادة بمثابة إشارة بأن “الجزائر أصبحت للبيع”.

وستجعل المادة أيضاً آلاف العمال في تعداد البطالة، وستزيد من نفوذ رجال الأعمال والأثرياء لبسط سيطرتهم على المؤسسات الكبرى، وأضاف “المادة جاءت لإنشاء دولة داخل دولة”.

 

فلتطمئنوا

 

وزير الصناعة والمناجم عبدالسلام بوشوارب اعتبر في تصريح للإذاعة الجزائري 28 ديسمبر/كانون الأول 2015، قانون المالية الجديد “انطلاقة حقيقية نحو اقتصاد قوي”، ودعا إلى توقيف الأطراف المعارضة التي تشكّ في كل شيء.

وبشأن المادة 66، طمأن الوزير شريحة العمال وقال إنها ستمسّ الشركات ذات المردود المتواضع، واستثنى في ذلك شركات “سوناطراك” و”نافطال” البتروليتين، وكذا شركة الكهرباء والغاز “سونلغاز” دون إعطاء توضيحات عن الشركات الوطنية الأخرى.

وكان الوزر الأول عبدالمالك سلال في آخر تصريح له خلال زيارته إلى ولاية سطيف في 19 ديسمبر/كانون الأول 2015، أكد أن الشركات الثلاث السالف ذكرها، تضاف لها مؤسسة البريد وتكنولوجيا الإعلام، غير معنية بالخصخصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *