متابعات

مشروع الدستور الجزائري…عهدة رئاسية تجدد مرة واحدة

أعلن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، رسمياً عن مشروع مراجعة الدستور، بعد 4 سنوات من المشاورات السياسية، وسنة ونصف من الترقب والانتظار، واختار مطلع العام الجديد ليعرض أهم مشروع سياسي له، منذ توليه الحكم سنة 1999.

واختلفت الطبقة السياسية موالاة ومعارضة، في تقييم وثيقة التعديل الدستوري، حيث رحبت الأولى وأبدت ارتياحها واستعدادها لدعمها على مستوى البرلمان، بينما هاجمت الثانية، واعتبرت بأن الدستور ليس أولوية ولا يستوفي شروط التوافق الوطني.

من جانب آخر، ظهرت التغييرات المقترحة، في مختلف المحاور الأساسية للدستور، سواء ما تعلق بالديباجة، الهوية الوطنية، السلطة التنفيذية، الحقوق والحريات، المعارضة، والجوانب الاجتماعية والاقتصادية.

 

لماذا هذا التوقيت للكشف عن الوثيقة؟

 

شكل الانتهاء من تعديل الدستور، أبرز وعد انتخابي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لولايته الرابعة الحالية. الأمر الذي جعل موعد الإعلان عنه محل ترقب الإعلاميين والسياسيين على حد سواء.

الخبير في القانون الدستوري، وعضو مجلس الأمة، بوجمعة صويلح، صرح لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن “المتعارف عليه، هو تمرير التغييرات الدستورية في كنف هدوء مجتمعي وسكينة، وهو الشيء غير المتوفر بشكل كلي في الجزائر حالياً”.

وأوضح صويلح، أن البلاد عرضة إلى تهديدات خارجية، بسبب تردي الأوضاع الأمنية في جوارها الإقليمي، وأخرى داخلية، وهي أحوج ما تكون إلى تعزيز الوحدة الوطنية قبل كل شيء.

واعتبر، رئيس حركة الإصلاح الوطني، فيلالي غويني، أن الدستور ليس أولوية، في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعرفها البلاد، وارتفاع الأسعار الذي ينذر باستنزاف جيوب المواطنين.

لكن المحلل السياسي، رشيد قريم، رأى عكس ذلك، وقال في حوار صحفي “بوتفليقة رجل سياسي واختار الفرص السانحة. 2015 كانت السنة التي استعاد فيها كامل سلطته وأبعد كل أعدائه، الجنرال توفيق (قائد جهاز المخابرات سابقاً) رحل وبعض الجنرالات في السجن، فهو ليس بحاجة لرأي أحد ويريد أن يقول لنا إنني الوحيد الذي أقرر”.

أما مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، فبرَّر التوقيت بكون “الدستور يواكب تحولات المجتمع الجزائري وتطلعاته في التنمية الاقتصادية”.

 

أخيراً الأمازيغية لغة وطنية ورسمية

 

هل ظهر في مشروع القانون التمهيدي لمراجعة الدستور، ما عبَّر عن تطلعات المجتمع الجزائري؟ سؤال جوهري، طرح فور الكشف عن وثيقة المشروع للرأي العام، والغرض من ورائه معرفة، ما إذا أخذت رئاسة الجمهورية، بمقترحات الشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والفئوية التي شاركت في 3 جولات من المشاورات.

مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، قال في ندوته الصحفية يوم الثلاثاء، 5 يناير/ كانون الثاني، إن الوثيقة تحتوي على 100 تعديل وأخذت من 70 – 80% من المقترحات بعين الاعتبار.

أول الأحزاب التي رحبت بالمشروع، كان حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يتصدر الحياة السياسية بامتلاكه الأغلبية في جميع المجالس المنتخبة، حيث أعلن أمينه العام عمار سعداني، أن الوثيقة تضمنت 17 مقترحاً للحزب من أصل 40 كان قد طرحها في المشاورات السياسية.

ومن أبرز ما ظهر في الدستور الجديد، هو ما تعلق بمسألة الهوية الوطنية، حيث تمت الاستجابة لمطالب الأغلبية، بترقية اللغة الأمازيغية إلى لغة وطنية ورسمية وجاء ذلك في المادة 3 مكرَّر، بإلاضافة إلى إنشاء مجمع لهذه اللغة على مستوى الرئاسة، يشكل من خبراء يعمل على ترقيتها وتوحيد مختلف اللهجات.

 

عهدة رئاسية تجدد مرة واحدة.. ولا عقاب قانوني للصحافة

 

وتعتقد فئات واسعة من النخب السياسية والإعلامية، أن تعديل الدستور، كان لغرض واحد فقط، يتمثل في العودة إلى العمل بولاية رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة، خاصة بعد الزلزال السياسي الذي أحدثه بوتفليقة في 2008، حينما قرر تعديل الدستور وفتح الولايات.

وكما كان متوقعاً، نصت المادة 74 للمشروع، على إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط، مع التأكيد على عدم مراجعة الدستور بهذا الخصوص (المادة 178). وعلق عليها نشطاء بالقول إن بوتفليقة يريد أن يكون عميد الرؤساء والوحيد الذي حكم البلاد ل20 سنة.

وعلى صعيد الحريات الديمقراطية، تمت دسترة، “ضمان حرية الصحافة في إطار احترام الثوابت الوطنية” والأهم هو ” إلغاء كل حرمان من الحرية أو عقاب قانوني لمخالفات الإعلام” ، الأمر الذي اعتبر مكسباً ثميناً للصحافة الجزائرية.

 

مكاسب للمعارضة والجالية الخاسر الأكبر

 

استجابت السلطة في التعديل الدستوري، لمطالب المعارضة السياسية، بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات، لتكريس ضمان النزاهة ومنع التزوير، وجاء ذلك في المادة 176 مكرر 3.

كما استفادت المعارضة البرلمانية، لأول مرة، من حق إخطار المجلس الدستوري، بعدم دستورية القوانين التي تناقشها السلطة التشريعية، بعدما كان الأمر مقتصراً في السابق على رئيسي الغرفتين البرلمانيتين.

لكن الأحزاب المعارضة، لم تبتهج لهذين البندين، واستمرت في انتقاد المشروع، من حيث الشكل والإجراء ” فالدستور ليس توافقياً ويفتقد للشرعية لكونه سيمر على برلمان مزور” طبقاً لما قاله رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري في بيان أصدرته الحركة فور الكشف عن الوثيقة.

وأول ما أثار الجدل في مشروع المراجعة الدستورية، كان حرمان مزدوجي الجنسية من تقلد الوظائف السامية في الدولة، واشتراط “أن يثبت إقامة دائمة في الجزائر دون سواها لمدة 10 سنوات على الأقل قبل الترشح” كل من يريد المنافسة على منصب رئيس الجمهورية. (المادتين 51-73).

ولم يخفِ أمين عام جبهة التحرير الوطني اعتراضه على المادة 51، وقال أنه سيتقدم للرئيس بطلب إعادة النظر فيها، عند عرض الوثيقة للنقاش على مستوى مجلس الوزراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *