متابعات | هام

تساؤلات على هامش ما يتعرض له أساتذة المستقبل

مقال رأي:

لا نحتاج لمقدمات كما لا يحتاج أي واحد منا لتوطئة ليشعر بالحزن العميق لما وصلت إليه وحشية سلطاتنا وهي تعتدي على شباب من المفروض أن يتولوا مستقبلا تعليم أبناء المغاربة وتكوينهم.

اعتقدنا ونحن نرى بلادنا تتطور ببطء في ظل مناخ إقليمي متوتر وغير مستقر بأننا نسير نحو تحقيق دولة الحق والقانون، واعتقدنا بأن مثل ما تعرض له أساتذتنا أصبح من الماضي وبتنا نحلم بدولة تتعامل مع مواطنيها طبقا لمقتضيات الدستور والقانون وتحترم حقوقهم وحرياتهم في التعبير عن غضبهم وسخطهم وإيصال مطالبهم للمسؤولين عبر التظاهر، ولكن الحقيقة والوضع كما شاهدناه في مدننا وعلى وجه الخصوص ما وقع في مدينة إنزكان يشير لعكس ما حلمنا به وعكس ما كنا نتوقعه من الدولة.

ألم يشر دستور المملكة في فصله 22 بأنه: “لايجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن أي جهة كانت، خاصة او عامة. لايجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الانسانية. ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون”.

لماذا هذه الوحشية التي تمارس ضد أساتذة المستقبل؟ لماذا تحاول السلطات قمعهم ضدا على حقهم في مستقبل حلموا به وهم يلجون مراكز التكوين؟ لماذا تسعى الدولة لإرغامهم على تقبل الأمر الواقع وعدم إيلاء ملفهم أي اهتمام؟ لماذا هذه الإنتقائية في تعاطي الحكومة مع ملفات المغاربة؟

عندما ثار الطلبة الأطباء، اشتغلت كل الكاميرات وتعبأ الإعلام العمومي لتغطية تحركاتهم واستقبل وزير الصحة ممثلين عنهم واستمع الجميع لمطالبهم بما فيهم رئيس الحكومة في بيته. ما الفرق بين الطبيب والأستاذ؟ الأساتذة المتدربون أليسوا مغاربة كإخوانهم الطلبة الأطباء؟ أين إعلامنا العمومي؟ لماذا صمتت وهي ترى الأساتذة المتدربون يضربون ويقمعون ولم تصمت عندما ثار الطلبة الأطباء؟

من المسؤول عن هذه الجرائم التي أسالت دماء الأساتذة المتدربين؟ أليس لهم الحق في التظاهر ماداموا لم يخربوا ولم يعتدوا على الممتلكات العمومية ولا ممتلكات الخواص؟ من حق إخواننا الأساتذة أن يعبروا عن غضبهم وعدم رضاهم عن المرسومين الذين جاءت بهما الحكومة والذي ينسف حقوقهم المستقبلية والمكتسبة.

نعتقد جازمين بأن الحكومة وهي تمارس سياسة الآذان الصماء في تعاطيها مع حقوق المغاربة تلعب بالنار وتعمق الهوة التي تفصل بين الدولة ومؤسساتها ومواطني هذا البلد لأن أساس العلاقة التي يفترض أن يحكم هذه العلاقة الثنائية هو الثقة، وفي واقع حالنا أصبحت هذه الثقة تُفقد شيئا فشيئا وما يزيد من هذا التوجه هو عدم اكتراث الحكومة لأحزان المغاربة ولهمومهم.

أحزننا كثيرا تلك رؤسة تلك المشاهد المؤلمة لشباب لطخت الدماء أجسادهم وبذلاتهم البيضاء، كما أحزننا كذلك همجية التدخل الذي عكسته تدخلات القوات العمومية التي تكلفت بتفريق حشود المتظاهرين. هذا الحزن ليس جديدا، فمشاعر الحزن على أحوال البلاد ليس وليد اليوم ولم نقطع بعد مع عهد الزرواطة والهمجية في تعامل سلطاتنا مع الشعب.

هي إذن وصمة عار على جبين الدولة وحكومة بنكيران التي ادعت وتدعي اهتمامها بأحوال العباد والبلاد، العار كل العار على سلطاتنا التي لم ترحم مشروعية ما دفع أساتذتنا للخروج للشارع للتعبير عن رفضهم لإجراءات الحكومة، العار كذلك على جبين دولتنا التي لطخت ثيابها مرة أخرى بدماء أبنائها ولم تتق الله في شعبها وهي تهشم عظام المتظاهرين ضدا على ما جاء به دستورنا وقوانينا.

وفي الأخير أريد التغبير عن تضامني المطلق مع أساتذة المستقبل، والتنديد بما لحق أجسادهم وحرياتهم وأقول لمن ينتظر الخير من بلد لا يحترم أبنائه ناموا واحلموا فالبلاد لم تنس بعد ماضيها ولا زال الحنين لعهد القمع والتفرشيخ يراودها بين الفينة والأخرى، والتدخل الأخير ضد الأساتذة المتدربين خير دليل على ذلك.

لكم الله يا أساتذة المستقبل ولك الله يا تعليمنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *