آراء

وداعا “عمر خالق” .. شهيد الإرهاب الجامعي

بعد الهجوم العدواني من جانب كتائب إرهابية في جلباب طلابي في حق طلبة عزل ينتمون للحركة الثقافية اﻷمازيغية بجامعة القاضي عياض بمراكش، حاول الكثير من المنابر الإعلامية، لأسباب غير مفهومة، إيهام المغاربة أن الأمر يتعلق بـ “مواجهات” بين “الفصائل” الطلابية، في حين أن الأمر يتعلق بهجوم غادر مع سبق الإصرار والترصد، أنهى حياة طالب أعزل قدم من جبال “صاغرو” الشامخة، موطن قبائل “أيت عطى” المقاومة ليحقق حلم الزعيم “عسو أوبسلام” الذي قال يوما: “إننا نحمل السلاح اليوم كي يحمل أبناؤنا القلم في المستقبل”.

هذا العدوان الجبان إذا، شُنّ باسم الماركسية والاشتراكية المفترى عليها، وباسم الولاء لـ “الجمهورية الصحراوية” الوهمية التي آن الأوان أن تتحمل الدولة المغربية مسؤوليتها في كيفية التعامل مع الحالمين بها، ذلك أن أسلوب “الخصوصية” والامتيازات في كل شيء، والذي ما فتئت الدولة تتعامل به مع ساكنة هذه البقعة من الوطن بمن فيهم الطلبة، جعل هؤلاء يعتبرون أنفسهم فوق القانون وأنهم فوق المواطنة المغربية، ولا أدل على ذلك تمتيعهم ببطائق “الإنعاش” وخدمة النقل المجانية وتفضيلهم في شتى الخدمات داخل الجامعات وأحيائها، ثم في المباريات والتوظيفات المباشرة.

إن مرتكبي التصفية الجسدية التي ذهب ضحيتها الطالب “عمر خالق” ليسوا مجهولين بالمرّة، فبعد العدوان المشؤوم، تبادل مرتكبو المجزرة التهاني عبر المواقع الالكترونية بتمكنهم من إصابة الطلبة العزّل قبل أن يستشهد الضحية، لكن بعد موجة السخط العارمة، اضطر الجناة إلى حذف المنشورات التي قد تدينهم، وهنا، لا يمكن أن نصدق عجز الاستخبارات المغربية عن رصد الفاعلين، والقبض على دواعش الجامعة وتقديمهم للمحاكمة، احتراما لهبة الدولة المغربية، وعبرة لكل من “يأكل النعمة ويسب الملّة”.

ﻻ نحتاج أن نبرهن للعالم بعد اليوم أن هناك من ﻻ يتحمل سماع الحقيقة، حقيقة هذا الوطن من حيث هويته ووحدته الترابية، ويسعى في الإرهاب والدعشنة بسيوف مكشوفة داخل الساحات الجامعية أمام مرأى السلطات التربوية بل والأمنية، لعله يستطيع إقبارها والتشكيك فيها، ويجدر بالمسؤولين بمختلف تخصصاتهم التنسيق لمواجهة من يجاهرون بنيّتهم في تشتيت وطننا حاملين أعلاما انفصالية، وموالين لأعداء وحدتنا الترابية.

إن يقيننا ثابت في عدم إمكانية حضور رئيس الحكومة ووزيره في التعليم العالي لمراسم الدفن وإدراف الدموع كما فعلا يوما في حادث مماثل، رغم أن الأحداث والملابسات تتشابه كثيرا، ولا يجوز أن يدّعي أحدهم أن الوزيرين حضرا بصفتهما الحزبية وليس الحكومية لكون الحدود غير واضحة بين الصفتين، لكن نطالب، وبكل إلحاح، الدولة المغربية في شخص وزير العدل والنيابة العامة بإعمال القانون بكل جدّية ومعاقبة شرذمة ما يسمى “البوليزاريو” من داخل الجامعة بكل حزم وصرامة، ودفع كل المكونات الطلابية إلى احترام المؤسسة الجامعية من حيث كونها فضاء للعلم والبحث يحكمه ميثاق شرف بين الفصائل الطلابية، وليس ساحة وغى تستبيح الأرواح البريئة من خلال أياد آثمة تتقن اللعب بـ “التوافقات”.

لا ضير أن نذكر من يريد أن يوهمنا أن الأمر يتعلق “بمواجهات”، أن الحركة الثقافية الامازيغية هي الوحيدة التي نادت، ولا تزال، بصياغة و توقيع ميثاق لنبذ العنف والإقصاء داخل المؤسسة الجامعية، وتظل تنادي بضرورة إحلال المقارعة الفكرية والمحاججة الموضوعية بدل العنف بشكليه اللفظي والمادي الذي تتبناه كتائب الفكر الأحادي الإقصائي، وتعيش من خلاله فصائل الدم التي يعرفها الجميع.

فلترقد روحك في سلام .. أيها الشهيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *