طب وصحة | هام

دراسة: الكوليسترول الجيّد قد يصيبك بنوبة قلبية

اعتقد الخبراء لفترة طويلة أن الكوليسترول المرتفع الكثافة “HDL” جيد، بينما الكوليسترول منخفض الكثافة “LDL” ضار، وبناءً على ذلك تعامل كثيرون مع الأسماك وزيت الزيتون على أنهما طعامٌ بفوائد جمّة دون إضرار، ولكن يبدو أن طفرةً جينية اكتشفت مؤخراً سوف تغيّر هذه الحقيقة لدى البعض.

فتشير آخر البحوث إلى أن الكوليسترول الجيد يمكن أن يؤدّي إلى نوباتٍ قلبية عند بعض الأشخاص، حسب تقريرٍ أعدّته صحيفة ديلي ميل البريطانية، الأحد13 مارس الجاري.

تسبّب الطفرات الجينية ارتفاع مستويات الكوليستيرول مرتفع الكثافة، وتزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 80%.

 

الكوليسترول الجيّد يمكن أن يصبح سيئاً لدى البعض

 

لقد تم إخبارنا لفترة طويلة أن هناك نوعين من الكوليسترول، أحدهما “جيّد” والآخر “سيء”.
ويوصي خبراء الصحة عادة بالحفاظ على مستويات الكوليسترول “السيء” منخفض الكثافة عند أدنى مستوى ممكن، كما ينصحون بتناول الأطعمة التي تحتوي على الكوليسترول مرتفع الكثافة، مثل زيت الزيتون والأسماك.

يرتبط الكوليسترول الجيد عموماً بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب، حيث أنه عادةً ما يقوم بتعويض آثار انسداد الشرايين الناتجة من الكوليسترول منخفض الكثافة.
الآن، يبدو أنه بالنسبة لبعض المرضى، المستويات العالية من النوع مرتفع الكثافة قد تؤدي في الواقع إلى النوبات القلبية.

يزعم العلماء أن هناك تحوّراً جينياً نادراً يعمل على جعل الجسم يحتوي على مستوياتٍ عالية من الكوليسترول مرتفع الكثافة، يمكن -للمفارقة- أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب بنسبة أكبر، ما يعادل التدخين تقريباً.
ووجدت الدراسة أشخاصاً لديهم تحوّر في جين يسمى ” SCARB1″، يؤثّر على شخصٍ من كل 1700 شخص، وكان لديهم أيضاً مستويات عالية جداً من الكوليسترول الجيد، ولكن خطر الإصابة بأمراض القلب لديهم كان أعلى بنسبة 80%.

يتكوّن معظم الكوليستيرول الذي يدور في الدم عن طريق الكبد، ومعظمه من الدهون المشبعة.
ينقل البروتين الدهني منخفض الكثافة الكوليسترول من الكبد إلى الخلايا، حيث تحتاج إليه في بعض العمليات مثل تعزيز جدران الخلية، وصنع الهرمونات.

على العكس تماماً، يقوم البروتين الدهني منخفض الكثافة بنقل فائض الكوليسترول من الخلايا إلى الكبد، حيث تتم إعادة تدويرها أو إزالتها من الجسم في المرارة.
وجد العلماء طفرة تحول دون نقل البروتين الدهني مرتفع الكثافة للدهون التي قام بتجميعها الكبد للمعالجة.

وقد قال الدكتور آدم بتروورث، أحد الباحثين من جامعة كامبريدج، أن النتائج كانت غير متوقّعة، حيث قال لموقع بي بي سي نيوز: “هذا أمرٌ هام، فلطالما اعتقدنا دائماً أن الكوليسترول الجيد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب”.

وأضاف: “هذه واحدةٌ من أولى الدراسات التي تظهر أن بعض الناس الذين لديهم مستويات مرتفعة من الكوليسترول الجيد هم فعلاً أكثر عرضة لأمراض القلب، لذا شكل هذا الاكتشاف تحدياً للاعتقاد السائد لدينا حول ما إذا كان الكوليسترول الجيد يحمي الناس من أمراض القلب أم لا”.

وقال أن هذا الاكتشاف يمكن أن يقود إلى إنتاج عقاقير جديدة من شأنها تحسين معالجة HDL-C لمنع النوبات القلبية القاتلة.
هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد أيضاً في تفسير فشل العقاقير التي تعزّز البروتين مرتفع الكثافة في الحصول على نفس تأثير العقاقير المخفضة للكوليسترول، والتي تعمل على خفض مستويات الكوليسترول السيء، حتى الآن.

 

هل تعيد شركات الأدوية حساباتها؟

 

تقوم شركات الأدوية بضخ الأموال في العلاجات التي ترفع مستويات الكوليسترول مرتفع الكثافة، معتقدةً أن المستويات العالية منه يمكن أن تقلل من حدوث السكتات الدماغية والأزمات القلبية، ولكن حتى الآن، باءت الجهود كلها بالفشل.
في وقت سابق في هذا العام، قام إليانو نافاريز، وهو أخصائي إيطالي بأمراض القلب ومدير شبكة SIRIO، وهي شبكة من الخبراء لمراجعة البحوث الطبية، قام بالتشكيك في فوائد الكوليسترول الجيد على الصحة، حيث قال: “إن التفكير في أن زيادة الكوليسترول مرتفع الكثافة، والذي ينصح به على نطاق واسع من قبل الأطباء، يمكنها أن توفر فوائد صحية، تم رفضه بناءً على مجموعة متزايدة من الأدلة”.

يمكن للأطباء إجراء فحص دم روتيني للتحقّق من مستويات كل من الكوليستيرول مرتفع ومنخفض الكثافة.
واقترح نافاريز أن المرضى الذين يشكون من مستويات مرتفعة من الكوليسترول مرتفع الكثافة بشكل غير طبيعي، قد يحتاجون إلى اختبارات إضافية، مثل اختبار مستوى الكالسيوم التاجي، لمعرفة مقدار التراكم ومستويات الخطر على الشرايين والقلب.

وقامت أحدث دراسة من قبل فريق دولي من العلماء بمعاينة الحمض النووي من 328 شخصاً ممن لديهم مستويات عالية جداً من الكوليستيرول مرتفع الكثافة في الدم، ومقارنتها بعينات من أناس لديهم مستويات الكوليسترول مرتفع الكثافة منخفضة نسبياً.

بعد ذلك، قام الباحثون بفحص تأثير الطفرة على الكوليسترول مرتفع الكثافة وأمراض القلب بين أكثر من نصف مليون شخص.

وقال دكتور بتروورث: “البحوث التعاونية على نطاق واسع كتلك، تمهد الطريق لمزيد من الدراسات حول الطفرات النادرة التي قد تزيد بشكل كبير من خطر إصابة الناس بنوبات قلبية قاتلة.
تعطي هذه الاكتشافات أيضاً الباحثين المعرفة التي نحتاجها لتطوير علاجات أفضل”.

وقال بيتر ويسبرج، المدير الطبي في مؤسسة القلب البريطانية التي دعمت تلك الدراسة، أن النتائج الجديدة تسلط الضوء على لغزٍ كبير، ويمكن أن تفتح آفاقاً طبية جديدة على المدى البعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *