جهويات | هام

منتزه أخنيفيس بطرفاية .. فضاء إيكولوجي لإنعاش السياحة المستدامة

يعتبر المنتزه الوطني لأخنيفيس، بإقليم طرفاية، والواقع على بعد 180 كلم شمال غرب مدينة العيون، والذي يزخر بمناظر طبيعية هامة وأصناف حيوانية ونباتية متنوعة، فضاء إيكولوجيا لإنعاش السياحة المستدامة بجهة العيون – الساقية الحمراء.

ويهدف هذا المنتزه، الذي تم إحداثه على مساحة 185 ألف هكتار بموجب المرسوم رقم 2.06.461 الصادر بتاريخ 26 شتنبر 2006، إلى المحافظة على الموارد الطبيعية والسعي لاستمرار قدرتها الإنتاجية واسترجاع أصناف الوحيش المنقرض والمحافظة على ما هو متواجد بالمنتزه.

كما يهدف إلى تشجيع السياحة الإيكولوجية والرفع من مردوديتها، والنهوض بالتنمية المستدامة لضمان مداخيل قارة لساكنة المنطقة تبعدهم عن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، والاهتمام بالجانب الثقافي، وصيانة التراث الذي تمتاز به المنطقة، وخلق مجالات تساعد على رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والعلمي والتربوي والترفيهي.

ويضم المنتزه، الذي منحه التمازج بين مناطق مختلفة ومتنوعة إيكولوجيا خاصية انفرد بها على الصعيد العالمي في مجال المناطق الرطبة، أراضي خصبة تدعى محليا “لكراير” ومناطق مستوية ذات علو منخفض عن مستوى البحر تسمى “السبخات” وتخترقه مجموعة من الأودية.

ويحتوى منتزه أخنيفيس على أنواع متعددة ونادرة من الطيور والنباتات والثدييات والطحالب، بالإضافة إلى مكونات طبيعية ونظم بيئية مختلفة، مما جعل موقعه مصنفا من بين المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية، وذلك في إطار دراسة المخطط المديري للمناطق المحمية بالمغرب الذي وضعته المندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر سنة 1996.

الغنى الطبيعي الذي يزخر به هذا المنتزه، خاصة على مستوى منطقته الرطبة المعروفة بـ”النعيلة”، والتي تستقبل سنويا آلاف الطيور المهاجرة، بوأه مكانة هامة وجعله محط اهتمام وخاصة الاتفاقية الدولية للمناطق الرطبة المعروفة باتفاقية “رامسار” التي صادق عليها المغرب سنة 1980.

ويشكل إحداث هذا المنتزه، الذي يجمع بين مناطق بحرية وأخرى قارية ورطبة، ثمرة عمل تشاركي انخرطت فيه جميع الفعاليات المحلية، من جماعات وممثلي السلطات المحلية والنسيج الجمعوي والمديرية الجهوية للمياه والغابات للجنوب، ليكون رافعة أساسية لتحقيق التنمية المحلية وفضاء إيكولوجيا ملائما للمحافظة على عينة من التنوع البيولوجي بهذه المنطقة.

وتستقبل محمية “النعيلة”، التي تعتبرها المديرية الجهوية للمياه والغابات بالعيون القلب النابض لمنتزه أخنيفيس، أزيد من 25 ألف طائر مهاجر في السنة تنتمي إلى 211 صنفا تتوافد بشكل منتظم على هذه المنطقة، حيث تجعل منها مرحلة هامة وحلقة أساسية في مسار هجرتها بين شمال أوروبا وإفريقيا الجنوبية.

وبهدف إنعاش السياحة بالمنتزه الوطني لأخنيفيس، دعمت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر جمعية أخنيفيس للسياحة الثقافية وحماية البيئة لتهيئة موقع “عجب الله” الذي يعد، حسب المندوبية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجنوب، معلمة جيولوجية فريدة لتثمين المواقع الأثرية والسياحية على مستوى هذا الفضاء الطبيعي.

كما أنشأت المندوبية مركزا للمعلومات لتمكين الزوار من التعرف على ما يزخر به المنتزه وبحيرة “النعيلة”، المتواجدة بداخله، من ثروة بيولوجية وإيكولوجية ذات جمالية، فضلا عن إحداث ثلاثة مراكز أخرى لمشاهدة الطيور المتوافدة على المنتزه.

وتتطلع المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجنوب، التي تتولى، على الخصوص، مسؤولية المحافظة على المجالات الطبيعية والحد من المخاطر التي تهدد النظم البيئية، إلى تأهيل مواقع أخرى ذات طابع أثري وتاريخي من بينها موقع “اشكيكن” وبرج “اكويدير” ومرفأ “سانطاكروز ديلمار بيكينيا” إلى جانب مجموعة من المقابر المتناثرة داخل المنتزه والتي يعود تاريخ بعضها، حسب بعض الباحثين، إلى آلاف السنين.

ومن أجل المحافظة على مختلف المقومات الطبيعية لهذا المجال وتثمينها، قامت جمعية أخنيفيس للسياحة الثقافية وحماية البيئة، في إطار شراكة مع عدد من الفاعلين، بإنجاز مأوى سياحي ومعرض بيئي للتعريف بالتنوع البيولوجي والإيكولوجي للمنتزه الوطني لأخنيفيس والعمل على إدماج السكان المحليين وإشراكهم في عملية التنمية المحلية والتدبير العقلاني للموارد التي يتوفر عليها المنتزه.

واهتمت الجمعية أيضا بإقامة مدارات سياحية للوقوف على المؤهلات الطبيعية وعلى بعض الخصائص التراثية والثقافية لهذا المنتزه الغني بأصناف نباتية وحيوانية مهمة بإمكانها تطوير السياحة الإيكولوجية بهذا المجال الطبيعي المتميز.

ولئن كان المنتزه الوطني لأخنيفيس منتوجا بيئيا بامتياز، فهو يوفر للسائح منتوجات سياحية أخرى كالمغامرة والاستكشاف والاستجمام، ويجعل من جهة العيون- الساقية الحمراء منطقة جذب سياحي واعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *