ملفات | هام

بييزاج .. جمعيةٌ بأكادير تحمل هاجس الدفاع عن جمالية البيئة بسوس

لم يبق الاهتمام بالشأن البيئي نوعا من الترف الجمعوي، أو مجرد نشاط لتزجية الوقت، بل أصبح هما يؤرق بال الأفراد كما يثير انشغال الجماعات، مما دفع بالمهتمين بالشأن البيئي إلى التكتل والتنظيم في إطار جمعيات تهتم بالحفاظ على البيئة، وحمايتها من الأخطار المحدقة بها.

فعلى امتداد العقدين الماضيين، شهد المجتمع المغربي صحوة متنامية في الوعي بالشأن البيئي، وهذا ما اتخذ شكل حضور وازن للأنشطة البيئية ضمن التظاهرات المنظمة من طرف المجتمع المدني، كما سجلت في هذا الصدد صحوة متنامية بقضايا البيئة في العديد من المؤسسات التعليمية، وعلى مستوى مختلف الأسلاك.

فقد غدت المدارس الابتدائية، والثانويات الاعدادية والتأهيلية، والكليات ومدارس التكوين العليا تعيش حيوية غير مسبوقة للأندية البيئية التي لم يعد مجال نشاطها يقتصر على فضاء المؤسسات التعليمية، بل امتد ليشمل أشكال مختلفة من التعاون، وعقد شراكات مع هيئات وجهات أخرى خارج المؤسسات التعليمية، من بينها الجماعات المحلية، ومنظمات المجتمع المدني.

وتعتبر “جمعية بييزاج للبيئة والتنمية” بأكادير واحدة من بين منظمات المجتمع المدني التي راكمت تجربة يعتد بها في مجال الاهتمام بالشأن البيئي، ليس على صعيد مدينة أكادير فحسب، ولكن على مستوى المناطق المحيطة بعاصمة سوس، ومن ضمنها المجال الترابي لعمالة إنزكان ايت ملول، وإقليم أشتوكة أيت بها، إلى جانب المحيط المجاور لهذه الوحدات الترابية الثلاث والذي هو عبارة عن امتداد لمجال غابة الأركان.

فمنذ تأسيسها سنة 2009، عملت جمعية بييزاج على إشاعة ثقافة احترام البيئة والحفاظ على الموروث البيئي على صعيد منطقة أكادير الكبير، حيث انخرطت الجمعية في تفعيل خطة للتوعية والتحسيس قوامها القرب والتواصل المباشر مع مختلف فئات المجتمع، وكذا مع بعض المؤسسات المؤهلة للمساعدة على نشر الوعي البيئي.

وأوضح رئيس الجمعية، رشيد فاسح، أن الانشغالات البيئية لمنظمة بييزاج انصبت على ثلاثة محاور رئيسية أولها الاهتمام بشاطئ مدينة أكادير، خاصة خلال الفترات الماطرة حيث يرتفع صبيب وادي سوس، وباقي الأودية المجاورة مما يؤدي إلى تراكم النفايات بمختلف أنواعها التي تلقي بها هذه الأودية على الشاطئ.

وأشار إلى أن هذا الشق لا يطرح مشاكل يمكن الاعتداد بها بالنظر لكون المصلحة المكلفة بالنظافة التابعة للجماعة الحضرية لأكادير تقوم بواجبها على الوجه المطلوب، لاسيما وأن شاطئ المدينة يشكل إحدى ركائز تسويق المنتوج السياحي لهذه الوجهة.

وأضاف رشيد فاسح في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجمعية تسهر ايضا على مراقبة تسرب الزيوت الصناعية من البواخر الراسية في ميناء أكادير، أو من المراكب التي تقصد هذه المنشأة المينائية، والتي قد يلجأ البعض منها إلى التخلص من نفاياتها بإلقائها خلسة في مياه المحيط ، لتصل بعد ذلك، بفعل حركة الأمواج، إلى المياه الشاطئية.

وعلاوة عن وقوفها بالمرصاد ضد الشاحنات التي تتخلص من مخلفات البناء في مطارح عشوائية في مناطق عدة بأكادير الكبير، فإن جمعية بييزاج تولي كذلك عناية خاصة للحفاظ على غابة الأركان التي تعرف تدميرا واسعا إما بسبب الاستغلال العشوائي للساكنة المحلية لهذه الشجرة للتزود بحطب الوقود، وإما بسبب جحافل الإبل التي تعيث فسادا في هذه الثروة الغابوية الوطنية بفعل ما يعرف بـ”الرعي الجائر”، خاصة على صعيد إقليم اشتوكة ايت باها.

وتعمل جمعية بييزاج من جهة أخرى على مراسلة مختلف الجهات المعنية بالشأن البيئي على صعيد منطقة أكادير الكبير لوضعها في الصورة إزاء عدد من الممارسات المضرة بالبيئة وبالسلامة الصحية للسكان، من قبيل لفت اهتمام السلطات المحلية إلى انتشار الروائح الكريهة والجراثيم الناجمة عن عدم توفير شبكة الصرف الصحي في مناطق انتشار البناء العشوائي.

وفي هذا السياق أيضا، عملت الجمعية على مراسلة الجهات المختصة بخصوص إقدام الأشخاص بصفة متكررة على إحراق أطنان من الخيام والأنابيب البلاستيك التي تستعمل في الاغراض الزراعية، أو التخلص منها في مناطق خلاء وسط غابة الأركان، إلى جانب إحداث مطارح عشوائية للنفايات المنزلية على مقربة من المراكز الناهضة خاصة في إقليم اشتوكة آيت باها.

وتتبنى الجمعية شكايات السكان المتضررين من ممارسة بعض المهن الملوثة في عدد من الأحياء السكنية خاصة داخل المحيط الحضري لأكادير الكبير، حيث تنتشر محلات الميكانيك والنجارة والحدادة وغيرها، والتي لا يكتفي أصحابها باستغلال المحلات التي يشغلونها، بل يلجأون إلى السيطرة على الممرات العمومية التي يحولونها إلى ملحقات لورشاتهم المهنية، مع يخلفه ذلك من أوساخ وانتشار الروائح النتنة التي تلحق الضرر بالمارة وبالسكان المجاورين على حد سواء.

وعلى الرغم من كثرة وتنوع قضايا الإضرار بالبيئة التي رصدتها جمعية بييزاج منذ تأسيسها، والتي كانت موضوع تقارير دورية تصدرها الجمعية، فإن المسؤولين عن هذه المنظمة المدنية يعربون مع ذلك عن ارتياحهم للتجاوب الايجابي، والآذان الصاغية التي وجدوها في أكثر من مرة لدى المسؤولين عن الشأن المحلي من سلطات وهيئات منتخبة، حيث بادر المسؤولون بالقيام باللازم إزاء بعض القضايا البيئية التي نبهت إليها الجمعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *