آخر ساعة

مرة أخرى…غليان داخل مخيمات تندوف

بات من الأكيد أن ما يجري داخل مخيمات تندوف أصبح يزعج قيادة البوليساريو والأوساط الجزائرية التي تحتضنها، وكان الانفصاليون إلى وقت قريب يمارسون التعتيم على كل ما يجري في المخيمات من انتفاضات واحتجاجات، وما يترتب عن ذلك من تنكيل وتعذيب فالمتتبع لتصريحات هؤلاء الانفصاليين سيتذكر أنهم كانوا دوما حريصين على تبخيس حجم ونوعية الفارين من جحيم المخيمات، ممن التحقوا بوطنهم وذويهم في الأقاليم الصحراوية .اليوم لم يعد التجاهل أو التعتيم عما يجري في تندوف ممكنا، أمام إصرار الصحراويين في المخيمات على رفض واقع مخزي ومهين لكرامتهم. وهذا لم يعد ممكنا، بسبب دور الإعلام المتنامي وقدرته على اختراق العزلة والمنع.  فمخيمات تندوف تعيش هذه الأيام على وقع حالة أمنية حرجة للغاية بعدما خرجت مظاهرات نسائية وشبابية تطالب بالتغيير ووضع حد لهيمنة آسرة عبد العزيز المراكشي ومقربين منه، بتوجيه من جنرالات وأجهزة المخابرات الجزائرية على مصير المحتجزين بتلك المخيمات.

       فحسب التقارير الواردة من عين المكان، فإن الجزائر استنفرت تجريدات أمنية ووحدات عسكرية معززة بالمروحيات للتدخل بهدف إعادة الهدوء إلى مخيمات تندوف بعد أيام دامية من المواجهات المفتوحة مع المتظاهرين، واعتقالات بالجملة في صفوف ما يسمى بمتزعمي حركة ما يعرف “بالشباب الصحراوي من أجل التغيير والكرامة”،وتعود أطوار هذه الأحداث المتلاحقة بالمخيمات والتي تنذر بمزيد من التوتر والتصعيد، إلى نزاع حول قيادة الجبهة بعد رحيل ولد عبد العزيز، صراع بين جناح سياسي وعسكري تقوده زوجة “المراكشي” والدائم الولاء للجزائر، وآخر تشكل على يد قيادات عسكرية وسياسية منشقة، آثرت الانضمام إلى الأصوات الغاضبة التي تنادي بإنهاء وضع الاحتجاز والعودة إلى أرض الوطن الأم .

        نفس المصادر تضيف ان الحالة السياسية بعد رحيل “المراكشي” جد حرجة، في ظل رغبة جميع ساكنة مخيمات تندوف التعجيل بحق العودة إلى المغرب، وهو ما ترجمته الشعارات التي رفعت خلال معظم الاحتجاجات التي عرفتها تلك المخيمات منذ بحر الأسبوع المنصرم. في الوقت الذي تحكم المخابرات الجزائرية قبضتها على المخيمات، حيت منعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من إحصاء سكان المخيمات، ومنحهم بطاقة لاجئ، تساعدهم على الاختيار بين البقاء داخل تندوف أو الانتقال لإعادة توطينهم في بلد آخر، حيث لاتزال الجزائر تصر على أن لا يد لها في الصراع وأنها تدعم حق الشعوب في تقرير المصير.

إثارة مسؤولية الجزائر في النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، ليس أمرا جديدا، بل يعد قناعة راسخة توصل إليها كل أولئك المبعوثين من طرف مجلس الأمن الدين اشرفوا على ملف الصحراء المغربية حيت رأوا أن الأمر يتعلق بتعطيل مسار تسوية النزاع، شاركت فيه الجزائر التي تعتبر البوليساريو واحدة من الولايات التابعة لها، سيما أنها تقع في عمق الصحراء الجزائرية في منطقة تندوف. ذلك أن الأمر يعود إلى سنوات ماضية، وصراع كشفت عنه تقارير استخباراتية أمريكية، تشير إلى أن الجزائر مسئولة عن إطالة أمد الصراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *