آخر ساعة

كواليس المشاورات السرية لاختيار خلف محمد عبد العزيز

على أبواب المؤتمر الاستثنائي الشكلي للبوليساريو لاختيار خليفة للراحل محمد عبد العزيز، اجتمعت قيادة الجبهة الانفصالية الاثنين الماضي في مخيمات تندوف بالجزائر للاتفاق على الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الجبهة. حيث أفادت مصادر مطلعة من عين المكان أن خطري الدوه سفير الانفصاليين لدى الجزائر وابراهيم غالي الرجل الأكثر قربا و ولاء للنظام الجزائري يتوفران على حظوظ وافرة لخلافة محمد عبدالعزيز المراكشي على رأس جبهة البوليساريو. ويقول المحللون إن هذا المنصب لن يخرج عن واحد من رجال الجزائر الأوفياء داخل الجبهة. وإن اسم الشخص لا أهمية كبيرة له مقارنة بما ستقدم عليه الحركة من تغيير عميق لنهجها الفاشل، والذي لن يؤدي بها إلى تحقيق أي نجاح يذكر في مواجهة قدرة المملكة على الدفاع عن حقوقها التاريخية في الصحراء المغربية.

هؤلاء المحللون يبدون نوعا من التشاؤم فيما يخص قدرة الجبهة وان كانت برأس جديد، والتي تعتبر صنيعة قصر المرادية بالأساس على تغيير النهج الانفصالي لها، والذي تغذيه الأوهام المستحيلة والاستماتة الجزائرية الغريبة في تهديد الوحدة الترابية للمملكة المغربية لأسباب تتعلق أساسا بالعسكر والمخابرات الجزائرية وكذلك ببعض النخب السياسية التي مازالت لم تقدر على استيعاب التغيرات الحاصلة في العالم وفي المنطقة ككل، لان صناعة البوليساريو مرتبطة بالإرث التاريخي والثقافي مند زمن الحرب الباردة، وفي زمن الاستقطاب الشيوعي الليبرالي”، حيث كانت البوليساريو كمسرحية أخرجت من طرف النخبة السياسية والعسكرية الحاكمة في الجزائر المنتمية لتلك الحقبة، والتي لا تزال ماسكة بزمام الأمور هناك وإلى اليوم.

ان الدعم المادي الجزائري للجبهة والغير محدود سيشجع أي زعيم جديد للحركة الانفصالية على  الاستمرار في رفض مبادرة الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل نهائي ديمقراطي حقيقي لوضع حد لهذا النزاع المفتعل، وهو أقصى ما يمكن أن تتحصل عليه الجبهة في المستقبل من هذه القضية المصطنعة، إذا أرادت ألا تخسر كل شيء . لان حقد الجزائر القوي على المملكة المغربية ومساعيها للتشويش عن التقدم والبناء الحقيقي الذي صار عليه هذا البلد يجعلانه يخاف ان يكون ما ذهب اليه المغرب فاعل أساسي يطالب الجزائريون بمحاكاته، وبالتالي إمكانية إزاحة العسكر والمخابرات عن سدة الحكم في البلاد وفقدان خيراتها والغنائم التي يتوصلون بها من أموال الشعب، ويبقى هذا كله أقوى العوامل التي ستمنع الجبهة من القيام بأي جهد للتغير وفهم طبيعة القضية بعيون متفتحة على المستقبل.

في نفس السياق يرى المحللون أن جبهة البوليساريو ليست سوى “مجرد قسم عملياتي تابع للعسكر في الجزائر، وبالتالي لا تهم الشخصية التي ستفوز بالقيادة ولعب الدور المرسوم لها من قبل الجنرالات الجزائريين” لان عامل الاستبداد الذي تدار به الحركة يمنعها من تجديد نخبها بين فترة وأخرى، وبالتالي لا يمكن انتظار الكثير من الزعامة الجديدة للحركة الانفصالية بخصوص الانفتاح على حلّ الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب. إضافة  إلى الاستبداد يقول نفس المحلل هناك “العامل الاقتصادي المتمثل في اللوبيات المافيوزية التي راكمت الثروات بإسناد عسكري جزائري مستفيدة من عمليات التهريب والاتجار الدولي في جميع الممنوعات  و على رأسها المخدرات بشتى أنواعها ، زد على ذلك من تحويل المساعدات الإنسانية” ولاشك ان هذا الفساد الاقتصادي سيمنع كبار الحركة من التخلي عن مواقعهم لفائدة جيل جديد قد تكون له رؤية مخالفة للنزاع الذي طال أمده ويتطلع الى مستقبل أفضل.

إن التغيير الحقيقي الذي يمكن الرهان عليه هو الذي يمكن أن يحدث على المدى المتوسط بغياب الطبقة العسكرية والسياسية الحاكمة في الجزائر، والتي عايشت فترة الحرب الباردة، وكان لها دور في الصراع المغربي الجزائري، على أمل ظهور جيل جزائري جديد مؤمن بالارتباطات البراغماتية في جميع أبعادها كما هو الشأن، بالنسبة للمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *