آراء

إقامة “التحكم” في سيدي إفني

العمال الذين تعاقبوا على إقليم سيدي افني الفتي، عندهم فهمٌ شاذٌّ للتنمية، وهو التّحكُّمُ الـمَرَضِـي في رقابِ البلادِ والعباد، تحت غطاء “لا للاحتجاج .. فالعقاب هو السجن”!

وهو ما نفسره بالمئات من المعتقلين في المدينة وعلى رأسهم الرئيس السابق لبلدية افني محمد الوحداني، بحيث أن الغالبية المتبقية من “أصحاب الحال” يقومون بمُمارسةُ الجَبَروتِ والطّغيان وسحقُ المحتاجين، يوفرون الظروف لسُوءُ التدبير، ونهبُ المال العام، والغدقُ على السماسرة بالمال بل كان لهم اليد في أحداث السبت الأسود بالمدينة سنة 2008.

وبهذا السُّلوكِ الاستعلائي، يجعلُ المسوؤلُ «الأكبرُ» في سيدي افني نفسَه قُدوةً لأكثر من أربعون حرامي بالمدينة.
وها هي فروع أحزابٌ بَدأتْ مشوارَه الأول مرة بعد إنشاء العمالة الفتية وهي تَحْبُو عن «سوء نيّة»، وترَعْرعَتْ بأشخاص وأصبحت اليوم مِنْ أفسَدِ ما يُتصوَّر بعلاقتها مع السلطة همهم الاستحواذ على العقارات والتحكم في مشاريع الدولة في التنمية لصالح قواعدهم المفسدة.

وصارَ الفسادُ فيروسًا يتنقّلُ من شخص إلى آخر، بل من فرع حزب إلى آخر، وهكذا استَمرّت الأمورُ في سيدي افني بعد إقالة أول عامل على الإقليم بدون محاسبة، وأحزابُ الرباط وسلا، ومن يمثلهم في المنطقة لا تريد الكلام أو حتى الحديث عما حصل، وهي الغالبية، تسمحُ لنفسِها بالتّفرُّجِ على تعميقِ جراحِ الفُقراء، وفتحِ شهيّةِ الأغنياء، خارجَ كلّ القوانين!

وصارت قاعدة المفسدين في قطاعات مختلفة هو التحريض على العقاب وسحق المحتجين بحيث أصبحت السلطة تتَجبّرُ وتَطْغَى، وتُفْقِرُ من تشاء، وتُغْنِي من تشاء. عقليةٌ نجدُها عند البعض من هؤلاء السماسرة دوي السلطة، وفروع أحزابٍ يُقالُ أنها وطنيّة.

وفي زمنٍ مضى، كانت ببلَدِة سيدي افني عدالةٌ مُختصّةٌ نزيهة أدارتها الحماية الاسبانية إلى عهد قريب، يتساوى فيها الجميع ولا تميز بين هذا وذاك. وسجل لها التاريخ أحكام وعبر في قواميس العدالة النزيهة.

الآن في سيدي إفني، المفسدون وعلى كثرتهم يتخيل إليهم أنهم فوقَ المحاسَبة، رغم أن الدستور يربطُ المسؤوليةَ بالمحاسبة. فمحكمة التوثيق الابتدائية بالمدينة مازال مقرها الكنيسة، تصدر فيها الأحكام باسم جلالة الملك، وهي مقر للبكاء والحسرة طالما تم إتلاف وثائقها غالبيتها أصول ممتلكات عقارية لساكنة الأصلية لغرض في نفس يعقوب.

يتصرّفون مثل هؤلاء في سيدي افني بتجبُّر مع الحقوق، ويَصْرفُون في المال العام كما يحلوا لهم، وكأنْ لا رقيبَ في البلدِ ولا حسيب. فيكفيك أن تتطلع عن مشاريع دعم القطاع الفلاحي، وعن قطاع التعمير تجد المصائب.

وأكثرَ من ذلك، فالسلطة المحلية وعلى رأسها عامل الإقليم يَغُضّون الطرفَ عن اللصوص .. كأنهم شُركاء في غنيمة سمينة!

ثم يأتينا في نهاية شهر يونيو 2016، وهي بالمناسبة ذكرى استرجاع المدينة من الاستعمار الاسباني ليستفز ساكنة المنطقة بإقدامه ونفسُه ضاحكًا، وقد انفتحت شهيته أمام توقف الاحتجاج وسحقه، وفي لسانه «النعمة والبركة»، ويُعلنُ للجميع: «إنه سيزين إقامته في أفقر المدن بـ 360مليون »!

في حين أن الرافضون للذل الفُقراءُ يُحاكَمون، ويُؤدّون الغرامات انتقاما ويُدْخَلُون إلى السجن بذرائع وهمية! وهذا هو حالُنا في مدينة سميت بعاصمة الصحراء.

لحدّ الآن، وفي عهدِ الحكومة الملْتحيّة، لم يُقدَّمْ أيُّ مسؤولٍ ردا بشأن قضايا سيدي افني من نهبِ للمال العام، إلى العدالة، في أيّ من الملفاتِ المطروحة على نطاق واسع، ومنها التعاونيات الفلاحية ومشاريع المخطط الأخضر والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتفويت المشبوه لمصالح الأراضي المخزنية. بل صناديقُ خزينة المالية التي تتغاضى على استخلاص ضرائب لأراضي على طول الساحل بيعت بالملايير من السنتيمات وبطرق مشبوهة، والافتراءُ العلني أمامَ المواطنين بإلغاء مطالب التحفيظ لنزع اراضي السكان الغابوية، وتكريسُ إقليم افني بقَرةً حَلُوبًا وموْرِدًا لإثراء فُلان وعلاّن، وأتباعِ فُلان وفرتلان.

وإلى الآن، ما زالت عندنا حالاتُ «معاشٍ شهري» لأرامل المقاومين في حُدُود 400 درهما. وحتى أقلّ! بينما المئات لا سكن لهم أمام سقوط منازلهم من جراء الفيضانات، كأن السيد العامل لاتساوي عنده الإنسانية شيئا … سيدي افني تعيش تقَهْقُرٌ يُهدّدُ باحتقان جديد!

فروع الأحزابُ وأعيان السلطة لا ترى إلاّ إلهاءَ الناسِ بتبادُلِ السّبّ والقذف تارة، وتارة اخرى بإعداد ولائم “بالكسكوس “المعروفة عند عامة الناس ب” إد بي ايبرين” ..حيث يستحيل تجميعهم بدون ولائم. ولا فرع حزبٌ واحد يُثيرُ قضايا وطنيةً حسّاسة إلى جانب الوضعِ الاجتماعي، ومنها الحالةُ البيئيةُ في المدينة حيث أن الموالون للسلطة في الجهة ،انشؤوا مقالع على جنبات الطرق ودمروا المئات من شجر الأركان.

كما أن مقاولات أخرى صارت على نفس النهج خاصة تلك التابعة للتجهيز وبناء المسالك الطرقية والسدود التلية، مما يجعل شجرة الأركانُ يقتَلعُونها في كلّ مكان، لتحويلِه إلى منتزه لفائدة هذه التعاونية أو تلك، مع نزعِ الأراضي من الفُقراء، ظُلمًا وعُدوانًا استعانة بمشاريع الدولة ومنها المخطط الأخضر.

و من خلال هذا الوضع وعبر مقالتنا المسترسلة التي تعبنا من كتابتها و تدفعُنا إلى طرح سُؤال هل فعلا يُراقِبُونَ هذه الشّرذمة وأفعالها الجبانة: لـمَ لا تكشفُ خروقات مافيا القطاع الفلاحي والعقاري بالمدينة؟ ما هي المقاولات التي تورط في مشاريع طرقية ومبيعات منتوج اكناري، بل جمعيات ووداديات يترأسها أعيان وموظفو العمالة.

وهناك ملفّاتٌ لا يتحدثُون عنها: من المستفيدُون من الدعم الخاص للتعاونيات الفلاحية ومغتصبي أراضي الساكنة؟ والمستفيدُون من تدهوُرِ الخدماتِ الإدارية؟ ومن المسوؤل عن العبثِ الذي تمارسُهُ المحافظة العقارية بتزنيت رغم أحداث إقليم افني؟ وماذا عن رُخص البناء؟ أليس فيها ما يُقالُ وما لا يُقال خاصة على السواحل؟

من المستفيدُون ممّا يُسمَّى «تصميم التّهيئة» في إقليم سيدي افني ؟ أليس تمرير صفقة المجلس الإقليمي لتشييد طريقين يمر عبر المطار” وهو بالمناسبة مطار دولي’ إلى إقامة السيد العامل خرقا للقوانين؟

ملفّاتٌ كثيرةٌ تستوجبُ تدَخُّلاتِ العدالةِ الوطنية، ما دامت بعض رجال السلطة المحلية مُصرّين على سياسة: «أنا وما بعدي الطوفان »!

ـ المطالب الاجتماعية ياسادة في سيدي افني هي مشرُوعة! تحاول الحكومة الملتحية تجنّبَ استحضارها بشكلٍ مُطلق! ورغم الوعد والوعيد، وكلنا نتذكر زيارة وزير الفلاحةعزيز اخنوش على رأس وفد يقوده حصاد وزير الداخلية حينما جرفت كارثة الفيضانات افني وجعلتها منكوبة ووعد خلالها خلالها الوفد المرافق للسيد وزير الداخلية الساكنة بمقر العمالة بدعم آني ب 14 مليار ..لكن شئ من هذا القول أصبح اليوم بهتانا وكلام على كلام .. رغم أن ميزانية المغرب ربحت إلى سنة 2016، على الأقل 100 مليار درهم.. ناهيك عن ديون الصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي…التي يتحمل فيها رئيس الحكومة كل المسؤولية وليس ساكنة افني الفقيرة..

ـ السيد ممثل جلالة الملك في سيدي افني ، لا تبريرَ لما فعَلتُموه في بلدتنا من تشجيع للمفسدين يقاضون الناس في المحاكم .

وما فعلتُموهُ ليس فشلا.. هو إنتقام.. سُوءُ نيّة.. سوءُ تدبير.. وعن سبقِ إصرار..
ولا ننتظرُ أن يُحاسبَكُم أيُّ تاريخ.. فمابني على باطل.. فهو باطل.. فقط ننتظرُ العدالةَ النزيهة..

سيدي العامل مشروع إقامتكم بالملايين في بلدة فقيرة ليس حسدا ،بل هذا الإجراء الغير المعقلن لا تُسيئون فيه لأنفُسكم فقط، بل تُسيئون لكلِّ البلد..

تَدفعُون ساكنة افني إلى الإنهيار.. بل التحريض على الانتحار.. وكأنّ المغرب اليوم يسيره المغفلون ، بدون رُؤية، ولا وطَنية..

أتعجب كيف يصبح الإنسان عبدا لهذا الفساد ، ويدفع المرء بدون إدراك أو عن وعي ليكون مستلبا .. وانتم تعلمون السيد عامل الإقليم أنكم أنهكتم شباب ايت بعمران وبداء التهجير القسري بسبب غياب فضاءات الحوار وتزكيتكم لأشخاص ضلوا سماسرة ومفسدون .. ومن يريد أن يربح المال ما عليه بممارسة التجارة وليس العمل السياسي او الإداري..

تبا، تم تبا، لزمننا الرديء حيث ينشر غسيل المفسدون في إساءة للبلد لكن متى استمر الفضح ، فإن العدالة آتية.. لا ريبَ فيها!

أخيرا ، لا تحتقروا أبناء افني أحفاد صانعي تاريخ هذا البلد ، فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب .. وفي انتظار الغد فإقامة السيد العامل ستظل في مخيلة أبناء المنطقة إقامة للتحكم تشيد في بلدة فقيرة. رمزا للجبروت..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *