آخر ساعة

كيف سوقت الجزائر للمغالطات حول المؤتمر الاستثنائي للبوليساريو

مع انتهاء مسرحية المؤتمر الاستثنائي للبوليساريو تحاول الجزائر عبر وسائلها الدعائية والهيئات التابعة لجبهة البوليساريو تسويق المغالطات للرأي العام عموما ولساكنة المخيمات بتندوف خصوصا، على أن المؤتمر الاستثنائي شكل فتحا مبينا و عرسا ديمقراطيا بامتياز إلا أن الواقع كان عبارة عن مراوغات نهتجها الجزائر في تحضيرها لمؤتمر البوليساريو، و أعلنت عن أسماء مرشحين للزعامة لإضفاء شرعية على المؤتمر وطريقة اختيار خلف محمد عبد العزيز، بحيث اعتمدت تسويق بيانات ورسائل تضامنية عبر الوسائط الاجتماعية على أنها صادرة عن تجمعات قبلية، أو فئات معينة مدنية أو عسكرية لنصرة مرشح بعينه، إلا أن الأمر لم يكن إلا مسرحية مكشوفة أريد لها أن تظهر أمام الجميع على أنها مخرجات طبيعية لا علاقة للجزائر بها من قريب أو بعيد، في الوقت الذي حيكت فيه كل خيوط اللعبة بإحكام داخل قصر المرادية، و تحكمت حتى في من يترشح أو من لا يترشح، و لائحة للمرشحين التي قدمتها في البداية لم تكن في الحقيقة سوى أرانب سباق لتمهيد وصول الزعيم المتفق عليه قبل وفاة محمد عبد العزيز دون مشاكل، ولا مجال للصدفة أو خروج الأمور عن السيطرة.

 

يورد احد المتتبعين للوضع انه رغم كل هذه المحاولات فساكنة المخيمات التي سئمت من الأوضاع المزرية في المخيمات هي الأخرى على وعي بما كانت تدبره الجزائر من أمور وتتفرج بسخرية على المسرحية الهزيلة التي تم نسج خيوطها من طرف المخابرات والعسكر، وهي الساكنة التي تعرف أكثر من غيرها أنه من غير المعقول أن جبهة البوليساريو ونظامها الذي كان يتحكم في نوعية الوجبات الغذائية التي يتناولونها لسنوات طويلة، يمكن أن يتنازل أو يسمح لها باختيار زعيم الجبهة الجديد، فكيف بالجزائر وهي المتحكمة في جبهة البوليساريو نفسها لمصالحها الضيقة البعيدة كل البعد عن مصالح الصحراويين، أن تجد حلا ناجحا لقضية الصحراء التي تريدها عقبة في وجه تقدم المغرب وتمنع عودة أبنائه إلى وطنهم الأم.

جبهة البوليساريو لم تكن يوما، ولن تكون مستقبلا، عنصر حسم عسكري في أي صراع مع المغرب نفس العجز يتبدى في أدائها السياسي ومحدودية هامش المناورة التي تقوم بها بعد ان تقدم المغرب بمبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، في نطاق الجهوية الموسعة في المملكة محدودية تترجم في استمرار تزايد الكيانات التي تعترف بجمهورية الوهم الصحراوية، على هامشية معظمها، مقابل استمرار المغرب في تحقيق الانتصارات الدبلوماسية. وما خلافه مع الأمين العام الأممي بان كي مون، إلا دليلا على مدى ما يمتلكه المغرب من قوة وبراهين وثقة بعدالة قضيته والتفاف المغاربة حولها.

رائحة فضائح مسؤولي الجمهورية الكرتونية تملأ التقارير الدولية، وآخرها فضيحة بيع المساعدات الإنسانية الأوروبية الموجهة لمخيمات الاحتجاز في تيندوف والحمادة، ومعها ثبوت ارتباط مسؤوليها بشبكات الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي العابر للصحراء الكبرى، وهو ما ينعكس عبئا على راعيتها الجزائر.

 

من خلال كل ماسبق نؤكد أن كثيرا ممن تبقوا في مراكز القرار في البوليساريو، يفكرون مليا في لحظات الفوضى التي تعيشها البوليساريو حاليا، وربما اقتربت الساعة التي سيعترفون فيها في قرارة أنفسهم، بأن لا مكانا آمنا يستطيع أن يداري سوأتهم إلا الوطن الأم الذي نادى منذ عشرات السنين بأن “الوطن غفور رحيم” ولن نفاجأ يوما اذا ما استيقظنا في احد الأيام على قصاصات الأنباء تسرد لائحة  المسؤولين في قيادة البوليساريو الذين التحقوا بأرض الوطن لنرى كما تنبأ المئات من قبل نهاية الأسطورة التي دامت ما يزيد على أربعين سنة من الويلات بكل أنواعها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *