متابعات | هام

سجون أوروبا.. المصنع الكبير “للإرهابيين”

بعد القبض عليه في بلجيكا، نُقل الإرهابي المشتبه به، صلاح عبد السلام، إلى زنزانة في فرنسا لم يكن طلاءُ حوائطها قد جفّ بعد.

كان العاملون بالسجن قد أمضوا 3 أسابيع في تجديد المكان، يثبّتون الأثاث بالمسامير، ويركّبون كاميرات المراقبة للتيقّن من مضي فترة الحبس الانفرادي للشاب ذي الستة وعشرين عاماً بسلام، وفقاً لأقوال مارسيل ديوردون، الحارس بمؤسسة فلوري ميروجي الأمنية، على أطراف باريس بحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال

لكن هذه الإجراءات لم تفلح في تهدئة الهياج الذي اشتغل في الزنازين، إذ حلّ المساء وتناثرت الأقاويل عن السجين الجديد، آخر الناجين من المشتبه في تنفيذهم هجمات 13 نوفمبر، قال ديوردون: “بعضهم رحّب به كأنه المسيح”.

لقد أخذ صعود تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش) أنظمة السجون الأوروبية على حين غرة، فالإرهابيون المدانون، والذين يقضي بعضهم أحكاماً قصيرة كعامين أو نحوها، يحتلون المرتبة الأولى في إثارة القلاقل في منشئات كفلوري ميروجي.

 

تجهيز المقاتلين

 

يستخدم العديد منهم فترة السجن في توطيد علاقاته بصغار “المجرمين” من الضواحي ذات الأغلبية المسلمة المحيطة بالمدن الأوروبية، وفقًا للسلطات، ويجهزونهم بتنفيذ مهمات جهادية في العراق، وأفغانستان، وسوريا – أو هجمات في فرنسا.

ويتسبب عودة عدد غير مسبوق من الجهاديين من مناطق سيطرة “داعش” على مدار العام الماضي في وضع السجون الأوروبية في مأزق أكبر.

تلقي السلطات بالعديد من المسلمين في السجن لإبقائهم بعيدًا عن الشوارع، لكن هذا يعني إدخال متطرفين صقلتهم المعارك إلى سجونٍ مكتظة.

يقدر الباحثون أن 50% إلى 60% من السجناء البالغ عددهم 67 ألفاً تقريباً في منظومة السجون الفرنسية هم من المسلمين، الذين يمثلّون 7.5% فقط من الشعب الفرنسي.

يواجه مسئولو السجون كذلك اختياراً صعباً، بين استيعاب المسلحين الأشداء وسط عامة المساجين، حيثُ يمكنهم تجنيد آخرين إلى التطرف، وبين تكديسهم في عنابر خاصة، حيث يمكنهم تدبير المؤامرات بشكلٍ أفضل.

أدلين هازان، التي تترأس وكالة حكومية مهمتها التفتيش على المساجين الفرنسيين، تقول: “نحن نجلس على قنبلة موقوتة”.

والأسبوع الماضي، مراهق فرنسي كان قد أطلق سراحه مؤخراً من فلوري ميروجي، اقتحم كنيسةً شمالي فرنسا مع شريك له، وقتلا قساً رومانياً كاثوليكياً أثناء القداس.

 

التقى مرشده الروحي في السجن

 

كتب عادل كرميش، البالغ من العمر 19 عامًا، أنه التقى “مرشده الروحي” في السجن، حيث كان محتجزًا لمحاولته مرتين السفر إلى سوريا، وفقاً لقوات الشرطة، التي فحصت رسائله على تطبيق المراسلة المشفّرة، تيليجرام، “الشيخ”، كما سمّاه كرميش، “أعطاه أفكاراً”.

وقد أدين 82 مواطناً فرنسياً بالإرهاب منذ صيف 2012، بينما يقبع 154 متهما بالإرهاب في السجن بانتظار المحاكمة، طبقًا لمكتب المدعي العام بباريس، بالإضافة إلى ذلك، تراقب الاستخبارات أكثر من ألف سجين، باعتبارهم “متطرفين إسلاميين” مشتبه بهم، طبقاً للسلطات الفرنسية.

وتحذر السلطات من أن هذا التدفق يحول المنشئات المصممة لتنفيذ العقوبات إلى حاضنات للهجمات الإرهابية في المستقبل.

لحظة نهاية مدة عقوبة السطو المسلح التي كان يقضيها “مهدي نموش” في 2012، أبلغت إدارة السجن هيئة الاستخبارات بأنه إسلامي متطرف يمثل خطراً على الأمن القومي، وفقاً لمدعٍ عام باريسي، وسافر “نموش” لاحقاً إلى سوريا، ثم عاود الظهور في مايو 2014 بالمتحف اليهودي ببروكسل، حيث أطلق النار على 4 أشخاص وقتلهم – وهو زعمٌ ينكره “نموش”.

أما “محمد ميرا” أيضاً – والذي قتل في 2012 ثلاثة جنود، ومدرس يهودي، و3 أطفال قبل أن ترديه الشرطة قتيلًا – تم تجنيده أيضا في سجن فرنسي، كما تقول السلطات، ودخل ميرا، السجن لقضاء عقوبة على سرقة حقيبة إحدى السيدات، وقد كان مجرد ولد يقرع باب السجن صارخًا من أجل جهاز بلاي ستيشن”، على حد قول “فيليب كامبان”، حارس السجن.

 

عبد السلام وسرقة السيارات

 

عبد السلام نفسه كان من صغار المجرمين، وقضى عقوبة في 2010 في سجن بلجيكي لمحاولته سرقة سيارة، وقضى شريكه في الجريمة، عبد الحميد أباعود،عقوبته في السجن ذاته، و بعد أشهر، أطلق سراح الرجلين. بعدها سافر أباعود إلى سوريا، واختار عبد السلام لقيادة الانتحاريين في أنحاء أوروبا، حيث نفذوا هجمات أودت بحياة 130 شخصًا في باريس، وفقًا للشرطة.

الآن، وقد عاد عبد السلام إلى السجن، فقد انضم إلى نظامٍ “طبقي غير رسمي” وصفه تفتيش للسجون الفرنسية أجرته وكالة حكومية عام 2015 بأنّه “مذهل”.

في هذا النظام، يتصرف “المتطرفون الإسلاميون” كأرستوقراطيين، وفقًا للجنة التفتيش، إذ يفرضون آداب السجن على المساجين الآخرين، يحرّمون عليهم الاستحمام عارين، أو الاستماع إلى الموسيقى، كما أن مباريات التنس النسائية ممنوعة.

 

ضم تجار المخدرات

 

سجين عمره 52 عامًا دخل السجن وخرج منه عدة مراتٍ على مدار عقدٍ قال إن المتطرفين الذين كانوا منعزلين عن الآخرين من قبل بدأوا في التواصل مع اللصوص وتجار المخدرات لتوسيع قاعدة أتباعهم. يقول: “إنهم على استعداد الآن لنصرة قضيتهم بأي وسيلة متاحة”.

وجد التفتيش أن المتطرفين لم يواجهوا الكثير من المشاكل في التواصل مع خارج السجن، فقد عثرت الاستخبارات الفرنسية على هواتف جوالة مهرّبة في زنزانة وجدوا أنها قد استخدمت في التواصل مع أشخاص في سوريا واليمن.

الهجمات الإرهابية تأتي من أماكن عدّة – “محمد لحويج بوهلال”، سائق الشاحنة الفرنسي الذي دهس 84 شخصًا في نيس، يوم الرابع عشر من يوليو، لم يكن معروفًا عنه أي صلة بجماعات إرهابية، وفقًا للمدعين بالحق المدني. لكن اهتمام المسئولين منصبّ بشكل كبير على التحوّلات التي تحدث في السجون.

“محمدو سي”، 24 عامًا، والذي قضى جزءًا من عقوبة 3 أعوام في سجن فلوري ميروجي، بتهمة الإتجار في المخدرات، يستعيد تنقّل حاشية من الرجال المتعلمين معسولي الكلام في ساحة السجن، بقول إنهم كونوا علاقات مع السجناء الآخرين عن طريق تعليم القتال اليدوي، وهي مهارة مفيدة في السجن.

يقول سي، الذي تم نقله إلى سجن آخر من فلوري ميروجي قبل 5 أشهر، “إن كنت ضعيفًا، فأمرك منتهٍ”.

 

عنابر خاصة

 

وفي محاولة لكسر الهالة المحيطة بالمساجين المتطرفين، بدأت الحكومات في أنحاء القارة الأوروبية تجربة إجراءات خاصة، من ضمنها فصل المتطرفين عن المساجين الآخرين، عن طريق وضعهم في طوابق أو عنابر مختلفة.

وقد تم نقل جزء ضئيل من الإرهابيين في السجون الفرنسية والبلجيكية إلى هذه الوحدات الجديدة حتى الآن، ويمكن للعقبات القانونية أن تحجز السلطات عن حبس المتطرفين انفراديًا لفترات طويلة من الزمن.

يقول المسئولون إنه يمكن كذلك اللجوء إلى المحكمة في حالة تجميع المتطرفين في عنابر خاصة، بصفته وسيلة غير قانونية للعقاب.

في بلجيكا، المصدر الأكبر لمتطرفي “داعش” قياسًا على عدد السكان، تمّ تزويد سجنين بعنابر خاصة للمتطرفين، وافتتاحها في إبريل. سعة كل عنبر 20 سجينًا فقط.

تريد الحكومة البلجيكية إبقاء المتطرفين وسط عامة المساجين لأطول وقتٍ ممكن، ونقلهم فقط حين يُضبطون بمحاولة تجنيد مساجين آخرين، وفقًا لـ”سيكهيلد لاجورا”، متحدثة باسم وزارة العدل البلجيكية. قالت: “نحن لا نريد صنع جونتنامو”.

يتوقف نجاح ذاك النهج الأكثر اعتدالًا على تجربة السجون لعلاج “نزع التطرف”، والذي يهدف إلى إعادة إدماج المتطرفين في المجتمع الأوروبي.

 

إعادة تأهيل

 

تجلب السجون أطباء، وعاملين مجتمعيين، وأئمة حائزين على موافقة الحكومة، ليلتقوا بالمتطرفين ويحاولون إعادة تأهيلهم قبل إطلاق سراحهم.

يقول منتقدو هذه الوسائل أنها غير فعالة وتخلق تشتيتًا عن الهدف الرئيسي، وهو تحقيق الأمن العام، مشيرين إلى حالة فشل مدوية واحدة على الأقل، في ألمانيا.

وفي فرنسا، التي أنتجت عددًا من مقاتلي “داعش” بدأت السلطات في تجميع المتطرفين في وحداتٍ خاصة. لكن هذه الترتيبات فشلت في عزلهم تمامًا عن بقية المساجين. فالوحدات غالبًا ما توجد داخل المباني التي يتواجد بها المساجين الآخرين، حيث يمكن للرسائل التنقل بين الزنازين باستخدام ملاءات السرير، أو شفهيًا.

أثارت المبادرة جدلًا داخليًا بين مسئولين رفيعي المستوى بحكومة فرانسوا هولاند الاشتراكية. فبينما يمدح بعض الوزراء الإجراءات علنيا بصفتها إصلاح تأخر أوانه، يغلي مسئولون آخرون غضبًا في صمت، وفقًا لأشخاص على دراية بالمسألة.

 

هذا جنون

 

وزيرة العدل السابقة، كريستيان توبيرا، والتي استقالت في يناير الماضي احتجاجًا على تخطيط الحكومة تجريد الإرهابيين من جنسياتهم الفرنسية، أبدت “تحفظات جسيمة” على فكرة تجميع المتطرفين معًا.

وقال مسئول سابق بمكافحة الإرهاب: “هذا جنون. إننا نضع في سلة واحدة إرهابيين لم يعرفوا بعضهم البعض، وانتموا لجماعات مختلفة، ونساعدهم ليصنعوا شبكاتٍ محكمة غير قابلة للاختراق”.

سجن فلوري ميروجي، الواقع على أطراف باريس، هو الأكبر في أوروبا، ويحتوي 4200 سجينًا ينتشرون على مساحة 445 فدانًا، وتمتد شباك الأسلاك الشائكة فوق الأسطح لتمنع المساجين من الهروب باستخدام المروحيات.

في 2004، استقبل السجن نزيلًا جديدًا: أميدي كوليبالي، 23 عامًا. قضى كوليبالي 22 ساعة في اليوم محبوسًا في زنزانته، بعد ادانته بالسطو المسلح.

“السجن غيرني”. سيخبر كوليبال الصحفية الفرنسية وردة محمد لاحقًا بذلك، بعد إطلاق سراحه في 2008. وردة أشارت إلى من بين تعليقاته “لقد تعلّمت عن الإسلام في السجن. قبلها لم أكن مهتمًا، لكني الآن أصلي. لهذا فقط، أنا ممتن لأنني دخلت السجن”.

 

اوشكت على الانهيار

 

ووفقًا لوثائق المحكمة، كان “جميل بيجال”، 39 عامًا، مسؤول تجنيد بتنظيم القاعدة، يقضي حكمًا بالجسن 10 أعوام في زنزانة قريبة من زنزانة كولبي، بتهمة الاشتراك في التخطيط لتفجير السفارة الأميركية في باريس، عام 2001.

استطاع بيجال تكوين دائرة من الأتباع الملتفين حوله، لأنه كان “رجل علم ودين”، كما أخبر كوليبالي الشرطة لاحقًا في 2010، وفقًا لتفريغ الاستجواب.

كان كوليبالي يتم استجوابه لشكوك حول انضمامه لبيجال في التخطيط لتهريب أحد الإرهابيين من السجن، وقد حوكم الرجلان وأدينا بالفعل بالاشتراك في التخطيط لذلك.

وبحلول الوقت الذي أطلق فيه سراح كوليبالي، في مارس 2014، أدرك مسئولو نظام السجون الفرنسية أنّهم يواجهون مشكلة كبيرة. وفي مايو، كتب مدراء السجون بباريس رسالة إلى الحكومة محذرين من النفوذ المتزايد للمتطرفين داخل أسوار السجن، وفقًا لتفتيش السجون لعام 2015. وقد وصفت الرسالة السجون بأنها “على شفير الانهيار”.

وفقًا للتفتيش، فقد تمكنت دستة من المساجين المشتبه في كونهم إرهابيين، في إحدى المنشئات، من اجتذاب 20 تابعًا آخر من المساجين الذين لا يظهر تاريخهم سابقة تطرف. وفي تفتيش للزنازين، عثرت السلطات على عصابة رأس تحمل شعار “داعش”، مع خريطة لشبكة السكك الحديدية الفرنسية، وفقًا للجنة التفتيش.

 

تحرش بالزائرات

 

بعض النساء اللاتي زرن السجن كنّ تحت ضغطٍ لتغيير بناطيلهن “الجينز” وقمصانهن وارتداء الحجاب قبل ملاقاة المساجين. ومن ترفض منهن تتعرض للإهانة من قبل المساجين، وتؤمر بالاحتشام.

وفي خريف 2014، قرر “ستيفان سكوتو”، آمر سجن فرين، أحد أعرق السجون الفرنسية، تغيير الأمور. جمع “سكوتو” 22 مسجونًا متطرفًا، ونقلهم إلى طابق خاص بهم.

عُزلت المجموعة لأنهم بدأوا، وفقًا لأقواله، في “فرض قوانينهم داخل السجن، محرمين الحديث إلى النساء، أو التعري أثناء الاستحمام، أو الاستماع إلى الموسيقى”.

يتذكر سكوتو كذلك أن المجموعة مزقت صور وملصقات علقها أحد السجناء في زنزانته، مضيفًا: “لم أستطع السماح بالمزيد من هذا”، لكن الضغط في سبيل الإصلاح كان متأخرًا جدًا ليمنع الهجمة التالية.

في يناير 2015، أطلق كوليبالي النار على ضابط شرطة في الشارع و4 متسوقين في محل لبيع الأطعمة اليهودية، قبل أن ترديه قوات الشرطة قتيلًا.

في أنحاء باريس، بثت أجهزة التلفاز داخل سجن فرين أنباء هجوم كوليبالي إلى المساجين. في ذلك الوقت، كان السيد سي موجودًا داخل سجن فرين، ينتظر المحاكمة بتهمة الاتجار في المخدرات.

يتذكر سي أن زنزانته كانت تعلو الطابق الذي خصصه سكوتو للمتطرفين. كانت المجموعة متحمّسة للغاية بشأن هجوم كوليبالي الدموي، “صاحوا كلهم الله أكبر. وكنت أستطيع سماعهم يعظون المساجين الآخرين من خلال النافذة”.

في فيلمٍ صوّره قبل مقتله، بايع كوليبالي “داعش”، شارحًا بهدوء تنسيقه الهجمات مع شريف كواشي، الذي التقى به في سجن فلوري ميروجي. قبلها بأيام كان شريف وشقيقه سعيد قد قتلا 11 شخصًا في هجومٍ على مقر المجلة الساخرة الأسبوعية شارلي إيبدو.

 

تأهيل المتطرفين

 

أقنعت الدماء التي سالت الحكومة بأن نظام السجون في حاجة إلى إعادة التجهيز. أطلقت الحكومة مشروعًا تجريبيًا مصممًا لوضع معايير تعرّف المساجين المتطرفين، وتوجد طريقة لإعادة تأهليهم.

البرنامج الذي استمر شهرين، عمِل مع المساجين الذين تطوعوا بمقابلة العاملين المجتمعيين، وعلماء الاجتماع، والمساجين السابقين وضحايا الإرهاب.

“كانت الفكرة هي خلق حوار”، كما قالت “ويسا كييس”، عالمة الاجتماع المتمركزة بباريس، والتي أدارت البرنامج.

بينما كانت “كييس” تجري بحثها، كانت صلاح عبد السلام يعمل على قيادة المتطرفين في أنحاء أوروبا لشن هجمة إرهابية ستصبح الأكثر دموية في التاريخ الفرنسي.

وعندما ضربت الجماعة ضربتها – وقتلت 130 شخصًا في قاعة مسرح باتاكلان، والمطاعم والبارات في أنحاء باريس – انسلّ عبد السلام مبتعدًا، تاركًا خلفه بزته الانتحارية، كما يُزعم.

سرّعت الحكومة من خططها في إصلاح نظام السجون، معلنة عن خطط لإنشاء وحدات مضادة للتطرف في 4 سجون، من ضمنها فلوري ميروجي، وفرين. وكانت مهمة العاملين بالسجن هي تحديد المساجين الذين سيتم وضعهم في هذه الوحدات

واعتبارًا من مايو، تم نقل 10 مساجين إلى طابق مخصص للإرهابيين بسجن فلوري ميروجي، يسع 40 متطرفًا.

 

أفضل الظروف لوقوع الأسوأ

 

من المتوقع أن تحتجز الوحدات الجديدة طيف واسع من المتطرفين، من مسئولي تجنيد “داعش” إلى مئات المواطنين الفرنسيين المسجونين بعد عودتهم من سوريا، إلى المحبوسين بتهمة التحدث تأييدًا للإرهابيين.

يقول مسئول مكافحة الإرهاب السابق، منتقدًا البرنامج، “إننا نخلق أفضل الظروف لوقوع الأسوأ”.

أحد المساجين المقرر نقلهم إلى عنبر المتطرفين في سجن فلوري ميروجي هو كريم محمد عقاد، الأخ الأكبر لأحد انتحاريي هجوم باتاكلان. أنكر محمد عقاد أي دور له في هجمات نوفمبر.

“سأذهب إلى العنبر. كفأر اختبار”. هكذا قال محمد عقاد أمام المحكمة في يونيو. حُكم عليه بالحبس تسعة أعوام في السادس من يوليو لتهمٍ مرتبطة بالإرهاب، بسبب سفره مع شقيقه الأصغر والانضمام إلى الدولة الإسلامية. قالت محاميته فرانسواز كوتا إن موكلها لم يحظ بمحاكمة عادلة، وإن القضاة كانوا “مدفوعين بالخوف” بدلًا من المنطق في حكمهم. وهي تخطط للاستئناف على الحكم.

أثناء استجوابه من قبل الشرطة، استعاد محمد عقاد كيف ملأ هو وشقيقه استمارات “داعش” بعد فترة قصيرة من وصولهما إلى سوريا، محدّدين ما إذا كانا يريدان القتال في الحرب الأهلية السورية أو يريدان أن يصبحا انتحاريين، طبقًا لأوراق المحكمة.

أخبر محمد عقاد البوليس بأنهما “اختارا القتال”، وأنه تحرر من وهم الحرب بعدها وعاد إلى فرنسا في إبريل 2014، تاركًا أخاه وراءه.

بعد القبض عليه، أرسل محمد عقاد إلى فلوري ميروجي، حيث زارته والدته. سألها محمد عقاد:

“ما الذي سيفعلونه؟ هل سيفتحون جمجمتي ويخرجون الجزء المتطرف من دماغي؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *