آخر ساعة

البوليساريو…عندما يرتفع الواقع الجيوسياسي على وهم الانفصال

بعد أسابيع من تعيين ابراهيم غالي على رأس البوليساريو، لم تتأخر الجزائر في تشغيل أبواقها الإعلامية محاولة كعادتها خلق ضجة ولملمة جراح الجبهة الآيلة إلى النهاية، فبالرغم من الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تتخبط فيها، لاتتوانى الجزائر في إهدار المال العام من دافعي الضرائب الجزائريين من أجل إتمام معالم مسرحية انتخابية جرت في مراسيم هزلية، عينت من خلالها أحد أتباعها ورجالتها الأوفياء على رأس الحركة الانفصالية.

قال متتبعون للشأن الصحراوي إن تعيين إبراهيم غالي من طرف النظام الجزائري تم إعداده بمقرات المخابرات الجزائرية ولم يتفاجئ العالم من هذه العملية العبثية ان تكون صادرة من نظام عرف بتزوير الإرادة الشعبية ، بلا خجل ولا حرج، و الذي صرح بان  غالي انتخب، بنسبة 16ر93 من الأصوات المعبر عنها وأضاف النظام  أن الرجل، كان مرشحا وحيدا، حيث أن الجميع يدرك أن نتائج هذه المسرحية رديئة الإخراج قد تم اعدادها من قبل .

وأضاف المتتبعون أنه بالرغم من انتفاء الظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية التي صاحبت نشأة هذا التنظيم ، فان قيادة ” جبهة البوليساريو ” لا تزال مستمرة في معاكسة التاريخ ومعانقة حلم الانفصال على الرغم من ان نفوذها الصوري خلال 40 سنة لا يشمل سوى بضع كيلومترات في تيندوف بمخيمات المحتجزين الصحراويين، مضيفين أن هذه الجمهورية الوهمية معزولة، كما سحب الاعتراف بها من قبل اغلبية الدول رفم أن الدبلوماسية الجزائرية سخرت من أجل ذلك معظم الطرق والتدابير من قبيل تقديم الهبات المالية مقابل الاعتراف ووضع تجربتها السياسية والاستخباراتية لإحتواء قادة البوليساريو وإحكام قبضتها على قرارهم.

إن غياب الديمقراطية وانتشار الاستبداد في المخيمات والظروف القاسية فرضت ظهور تيارات معارضة داخل هذه المخيمات والتي ترفض النهج الذي تسير عليه القيادة الحالية للبوليساريو وتدعو إلى تغيير السياسة والبحث عن حلول بديلة تنهي معاناة آلاف المواطنين الصحراويين المحتجزين في المخيمات، والتي ترى في التحالف مع جنرالات الجزائر انتحار سياسي على المدى البعيد لكون أجندة المحتجزين تتناقض مع أجندة هؤلاء شكلا ومضمونا مما ادى الى حدوت انتفاضات حقيقية تنادي بالتغيير، الا ان الاستخبارات العسكرية الجزائرية تصدت لها بالقمع والاستئصال، الشيء الذي ولد حالة من الاشمئزاز في أوساط الساكنة التي سئمت من وضعية المعاناة التي تعيشها متهمين قادة البوليساريو بالمتاجرة بقضيتهم وبتحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إليهم لحساباتهم الخاصة.

إن اختلال التوازن الاجتماعي أدى إلى نمو طبقة طفيلية من أثرياء القضية حيت أصبح التنافس الحاد من أجل الثراء السريع وبأية وسيلة كانت وبأي ثمن وهو الهاجس المشترك لدى جميع مسؤولي البوليزاريو ولجوء الكل إلى كنز المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وطبية وزراعية ومالية وغيرها وتحويلها إلى الارصدة البنكية في الخارج لدويهم واسرهم وبناء الشقق في مدريد وبرشلونة وتنيريفي ولاس بالماس والجزائر.

ان تزايد التأييد الإقليمي والدولي لمبادرة المملكة الرامية إلى منح سكان الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا موسعا لتسيير شؤونهم بأنفسهم في إطار السيادة المغربية.ومراجعة المغرب لإستراتيجيته في التعامل مع ملف الصحراء ونجاحه في تحسين أوضاع السكان في الأقاليم الجنوبية عبر نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة مما أفشل محاولات جنرالات الجزائر و كراكيز” البوليساريو” في نقل المعركة إلى الداخل وإيجاد خلايا نائمة داخل المغرب تحركها كما تريد ومتى تريد بغية تصدع الوحدة الداخلية المغربية تعتبر كلها عوامل مجتمعة تقرب من نهاية كيان مصطنع وأحلام نظام مستبد يقف في وجه تنمية وتطور منطقة مغاربية و يستعمل أموال شعب في قضية خاسرة .

لقد أبرزت محطة تعيين إبراهيم غالي الأزمة السياسية والتنظيمية التي تتخبط فيها قيادة البوليساريو ومحدودية رؤيتها السياسية للنزاع مما جعلها تهرب إلى الأمام بقرع طبول الحرب وذلك من خلال التلويح بالعودة إلى ” الكفاح المسلح ” في محاولة يائسة لتفادي خطر الانشقاقات التي باتت تنخر الجبهة الهلامية من الداخل  حيت بقي السؤال الجوهري إلى متى ستستمر ” جبهة البوليساريو ” في معاكسة مسيرة تاريخ المنطقة ومعانقة وهم الانفصال الذي انتفت عنه كل المساحيق التي كانت تمنحه بعض البريق الكاذب ؟

إن قادة الانفصال يعلمون جيدا بأن الواقع الجيوسياسي للمنطقة والتطورات التي تعرفها وبروز جملة من التغيرات كلها تفيد أن حل نزاع الصحراء يمر عبر الحكم الذاتي والسيادة المغربية لكن هؤلاء قادة ليس في صالحهم إنهاء القضية لأنها سجل تجاري و منبع للثراء الذي لاينتهي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *