اقتصاد

الإدخار من أجل مواجهة أفضل للمخاطر الاقتصادية

بتخليد اليوم العالمي للادخار في 31 أكتوبر من كل عام، يسعى الفاعلون العالميون بقطاعات المالية إلى تحسيس أصحاب القرار والعموم بأهمية الادخار بوصفه أداة رئيسية لتنشيط الاقتصاديات الوطنية والدولية وتحسين الأوضاع المادية للأسر.

وقد اعتبر تقرير لإدارة الأعمال الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة، تحت عنوان “تعبئة الموارد المالية الوطنية لأجل التنمية”، أن تطوير الادخار وتوجيهه نحو الاستثمارات المنتجة يعد أمرا أساسيا من أجل تحقيق النمو الاقتصادي، لافتا إلى أن هذا الهدف يتعين أن يكون انشغالا رئيسيا لصناع القرار الوطنيين.

ويكتسي الادخار أهمية اقتصادية بالنسبة للمستفيدين، ويضطلع بدور حاسم بالنسبة لمأسسة الأنظمة الاقتصادية، إذ يوفر موارد مستقلة بتكلفة أقل، وفق ما أفادت به دراسة للبنك الدولي حول دور وتأثير خدمات ومنتوجات الادخار في القطاع غير المهيكل ومؤسسات التمويل الصغرى في إفريقيا الغربية.

وبحسب المصدر ذاته، فإنه خلافا للاعتقاد الشائع، لا يعد الادخار مع الممارسات الحالية عائقا أمام الولوج إلى الأنظمة المالية اللا ممركزة، حيث إنه يسمح، بوصفه رافعة مالية، بالولوج للائتمان من أجل تطوير الأنشطة الاقتصادية ومواجهة أفضل للمخاطر بهذا الخصوص.

ومن أجل تحقيق تنسيق أمثل للمبادرات وتطوير هذه الصيغة المالية، جمعت صناديق الادخار في العالم، قبل سنوات خلت، هياكلها الدولية في إطار المعهد العالمي لصناديق الادخار، وذلك لعقلنة الهياكل وتشجيع المبادلات والتعاون بين صناديق الادخار في العالم.

وفي المغرب، تشكل تعبئة الادخار المتاح ومخصصاته إحدى الاستراتيجيات الرئيسية للمؤسسات المغربية من أجل النهوض بالاستثمار والنمو وإرساء سياسة للعرض تتلاءم مع حاجيات الأسر.

ومن بين هذه المؤسسات، صندوق الإيداع والتدبير وبريد المغرب اللذان لا ينفكان يجددان انخراطهما في العمل الناجع على تعزيز مبادرات تنمية الادخار وتوفير الاستفادة من الخدمات البنكية في المملكة، وتأكيدهما على تحويل الادخار إلى استثمارات مباشرة ذات نفع مشترك، على صعيد السوق المالي بما يعود بالنفع على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.

ويطرح السؤال، في هذا الصدد، حول المحددات الميكرو اقتصادية للادخار بالنسبة للأسر بالمغرب.

فوفق بحث أنجزه باحثون مغاربة وفرنسيون في وسط حضري وآخر قروي، تتعدد تلك المحددات وهي مشتركة نسبيا بين الوسطين.

ويوضح البحث أن للدخل الجاري تأثيرا إيجابيا حول مستوى الادخار في الوسط الحضري، على عكس ما هو عليه الحال في الوسط القروي، حيث تؤثر الأمية التي قد يعاني منها رب الأسرة على سلوك الأسرة في ما يتعلق بالادخار.

ويضيف الباحثون أنه في الوسط الحضري فان عدد أفراد الأسرة يؤثر سلبا على مبلغ الادخار، فيما تدخر النساء ربات الأسر أكثر من الرجال، ما عدا بالنسبة للأسر ذات المستوى العالي للغاية التي يبدو سلوكها الادخاري مختلفا بحسب مكان الإقامة.

ويرتبط حجم الادخار المجموع بنوع زبناء الشبكات (من حيث كونها حضرية أو قروية ومن حيث غياب أو تواجد موظفين وتجار كبار ومكان الاستقرار وغيرها)، وكذلك بسياسة الائتمان ومناخ الثقة وإمكانية الولوج إلى التمويل مجددا.

وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة للادخار في تنشيط الاقتصاد والاستثمار، أقامت المجموعة الأوروبية لصناديق الادخار والتجزئة البنكية والمعهد العالمي لصناديق الادخار والتجزئة البنكية جائزة لتشجيع ودعم البحوث حول صناديق الادخار وحول تاريخ المالية.

ويتعلق الأمر ب”جائزة تاريخ صناديق الادخار” التي تتوخى التحسيس بأهمية البحث في زيادة الوعي بخصائص صناديق الادخار وتثمينها في السياق المتعدد الأبعاد للنظام البنكي.

كما تسعى إلى تشجيع البحث التاريخي والمقارن حول صناديق الادخار عبر العالم وإعمال التفكير وإثارة النقاش حول اتجاهات وقوى السوق المؤثرة على هذا القطاع، فضلا عن تعزيز التعاون بين مراكز البحث والأوساط الجامعية على الصعيد العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *