متابعات

العفو الملكي.. كيف يتم تدبيره؟

في كل مناسبة وطنية أو دينية تُعلق آمال كثير من السجناء المغاربة على العفو الملكي الذي يؤدي إلى إسقاط العقوبة أو تخفيفها، وذلك سواء “قبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها أو على إثر حكم بعقوبة أصبح نهائيا” حسب ما جاء في “الظهير الشريف رقم 443-73-2 بشأن العفو”.

وإذا كان حقوقيون وقانونيون يؤكدون أن العفو في حد ذاته “لا يطرح أي إشكال” فإن مسطرة تطبيقه تشكل موضوع جدل كبير، وهو الجدل الذي اندلع بالخصوص منذ الواقعة الشهيرة للعفو عن مغتصب الأطفال، الإسباني، دانيال كالفان، التي أخرجت مغاربة للاحتجاج ودفعت حقوقيين وقانونيين للمطالبة بإعادة النظر في تلك المسطرة.

فكيف تتم مسطرة العفو؟ ما الجهات المتدخلة فيها؟ وما هي الإشكالات التي تطرحها؟

سلطة تقديرية:

أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس، أحمد البوز، يوضح أن العفو سلطة تقديرية يمارسها رئيس الدولة ليس في المغرب فقط بل في العالم ككل.

وأبرز المتحدث، أن هناك نوعان من العفو، عفو شامل وعفو خاص، “العفو الشامل يرفع الطابع الإجرامي عن القضية التي اعتقل على أساسها أشخاص معينون” أما العفو الخاص فهو “يهم الأشخاص فقط” أي أنه يهم العقوبات المترتبة عن جرائم معينة وذلك دون أن يرفع الصفة الإجرامية عن القضايا التي اعتقلوا على ضوئها.

وتابع البوز موضحا: “الملك قبل دستور 2011 كان يتمتع بالعفو الخاص والشامل” مشيرا إلى أن البرلمان بعد دستور 2011 صار يتمتع بحق العفو العام غير أنه “لم يقدم أي مقترح قانون يتعلق به منذ صار من حقه إصداره”.

وبخصوص الإشكالات التي تطرح علاقة بالعفو يشدد البوز على أن “العفو في حد ذاته لا يطرح مشكلا” مبرزا أن “الإشكال مطروح على مستوى تدبير مسطرة العفو” إذ “لا يستبعد وقوع تجاوزات على هذا المستوى”، مسترجعا في السياق واقعة العفو عن دانيال كالفان.

 

غياب قانون:

المحامي، إسحاق شارية، أشار إلى العفو على أنه “اختصاص حصري للملك”، وينبه إلى “غياب قانون يحدد مسطرته”.

وشدد شارية، على أنه “لا يوجد قانون يحدد بدقة سواء الأشخاص المستفيدين من العفو أو معايير الاستفادة”.

وعن الكيفية التي يتم عن طريقها تحديد المستفيدين من العفو، يقول شارية إن “الأمر يتم على مستوى لجنة تقوم بانتقاء المستفيدين قبل أن يتم عرض ملفاتهم على القصر الملكي”.

وأضاف المصدر ذاته أن عملية انتقاء أسماء المستفيدين تخضع للتدقيق على مستوى تلك اللجنة، وذلك في إشارة إلى لجنة العفو التي يشير ظهير العفو إلى كونها “تكلف بدرس المطالب الملتمس فيها العفو من قضاء العقوبات وكذا الاقتراحات التي تقدم تلقائيا لهذه الغاية”، وهي اللجنة التي تضم عدة أطراف من بينها، وزير العدل أو مفوضه بصفة رئيس، والمدير العام للديوان الملكي أو مفوضه، والرئيس الأول لمحكمة النقض أو ممثله.

وعما إذا كان التقدم بطلب العفو شرطا أساسيا للاستفادة منه، يؤكد شارية على أن التقدم بطلب “ليس شرطا” مردفا أنه “ما دام لا يوجد قانون فلا يمكن الحديث عن شرط أساسي”، مشيرا أيضا في السياق إلى أن “هناك من يقولون إنهم لم يتقدموا بطلب ومع ذلك استفادوا من العفو”.

 

إعادة النظر:

بدوره أكد، رئيس “العصبة المغربية لحقوق الإنسان”، عبد الرزاق بوغنبور، على مسألة “غياب مساطر واضحة” تحدد معايير وشروط الاستفادة من العفو.

بوغنبور اعتبر أن الإشكال في العفو “يطرح على مستوى الجهة التي تدبره إداريا”، وأكد في السياق أنه “تبين من خلال تتبع مجموعة من حالات العفو إما أنها شابتها اختلالات قانونية أو أن العفو لم يكن سليما”، مضيفا أنهم لاحظوا كذلك أن “العفو في بعض الحالات يتم على أساس تدخل قد يكون بهدف إخراج شخص له علاقات ونفوذ”.

وتابع المتحدث مشددا على ضرورة أن يستفيد الجميع من تلك المسطرة وأن يكون “معيار الاستفادة موحدا” وذلك انطلاقا من “أسباب إنسانية أو لكون الشخص المعني قام بمراجعة نفسه وسلوكاته”.

انطلاقا مما سبق شدد المتحدث على ضرورة إعادة النظر في هذه المسطرة بأن تكون لها “ضوابط ومساطر واضحة ومحددة لتفادي أية تجاوزات أو خروقات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *