مجتمع

العائلات العريقة في المغرب.. أمازالت تحافظ على نفوذها أم تراجعت؟

طالما كان لأسماء عائلية رنين خاص حين تنطق في فضاء من الفضاءات الخاصة أو العامة بالمغرب. واقع يفرض طرح عدة أسئلة: فهل الانتساب إلى “عائلة عريقة” أو “نسب شريف” هو بطاقة عبور نحو السلطة في المغرب؟ وما تفسير ارتباط أسماء عائلات معينة بالثروة والجاه؟.

الاستفادة من التاريخ

بالعودة إلى التاريخ، ووفقا للمؤرخ المغربي، المعطي منجيب، فإن مفهوم العائلات العريقة متعدد الدلالات وقد يعني من بين ما يعنيه العائلات ذات النفوذ والمال، وهي ممتدة في المغرب على الأقل على نحو خمسة أجيال أو أكثر، بل وفي حالات على امتداد قرون طويلة، حسب توضيح منجيب.

في هذا السياق يرى منجيب، أن “العائلات العريقة ما يزال لديها نفوذ ولكنه تراجع إلى الوراء شيئا فشيئا منذ حوالي قرن، وذلك لدخول ثم انتشار وتجذر الاقتصاد الرأسمالي خصوصا منذ فرض الحماية على المغرب”.

منجيب يشير أيضا إلى أن “النسق الاجتماعي٬ الاقتصادي والقيمي الخاص بالرأسمالية هو حجم المِلكية والقدرة المالية على الاستثمار وحجم الحساب البنكي والقدرة الشرائية-الاستهلاكية وليس عراقة المجد أو المال”.

ويضيف المؤرخ المغربي أن المدرسة العصرية التي مثلت، حسب قوله، مصعدا اجتماعيا ذا طبيعة ديمقراطية، “فرضت منظومة قيمية لا فرق فيها بين فاسي أو سوسي، عروبي أو حضري”، موضحا أنه تكونت، جزئيا، بعد ذلك، “تراتبية حديثة مبنية على الاستحقاق الفردي وليس على المجد الموروث”، حسبه.

ويشدد منجيب على أن “حركة مواجهة الاستعمار في ظل نسق قيمي واجتماعي جديد والمشاركة في الحركة الوطنية أتاحت لبعض الأفراد تأسيس عائلات جديدة ذات نفوذ قد يكون أقوى أحيانا من العائلات العريقة التي تعاونت مع الاستعمار”، على حد تعبيره.

الاستثمار في النفوذ

من جانبه، يرى المحلل السياسي المغربي، عبد الرحيم العلام، أنه بعد احتجاجات 2011، لوحظ وصول أشخاص لا يحسبون على عائلات معروفة تاريخيا إلى مناصب وزراء وبرلمانيين، لكن النفوذ السياسي لا يقتصر فقط على هذه المناصب الحكومية أو البرلمانية، حسبه.

ويوضح العلام، أنه “عندما نتكلم عن النفوذ في المغرب فإننا نقصد به النفوذ المالي؛ أي تحقيق مكاسب اقتصادية عن طريق المنصب السياسي”.

ويضيف المحلل السياسي أن “هناك عائلات معروفة في عالم المال والأعمال، لا يهمها اليوم المنصب بقدر ما تهمها المعلومة التي يوفرها السياسي أو المسؤول، لتجد عددا منها يدعم بعض السياسيين في الخفاء من أجل مصالحها الاقتصادية”، على حد قوله.

​ويشير المتحدث ذاته إلى أن العائلات التي اختارت الظهور في الواجهة السياسية تعتبر قليلة مقارنة مع تلك التي قررت “الاستثمار في شراء النفوذ”، على حد تعبيره، وذلك “من أجل مصالحها وعبر التقرب من شخصيات حزبية أو دعم مشاريع تنموية من أجل التوافق مع الدولة”.

ويؤكد العلام أنه في المغرب يؤثر “شراء النفوذ” من طرف العائلات المتحكمة في الاقتصاد، على حد قوله، حتى على تشريع القوانين التي من شأنها أن تؤثر سلبا على مصالحها، حسبه.

العائلات والنفوذ.. علاقة تبادل

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبي، إنه “لم يتغير شيء في المغرب منذ استقلاله، فالعائلات الكبرى المقربة من السلطة ما تزال هي التي تتحكم في الاقتصاد”، مردفا: “بل بالعكس، هذه العائلات زادت من تعزيز مكانها في المشهد الاقتصادي المغربي وما تزال تستفيد من اقتصاد الريع”.

​”السلطة تعطي الامتيازات لهذه العائلات مما يرجع عليها بالربح المادي.. هذا هو اقتصاد الريع الذي ما يزال قائما”، يزيد الخبير الاقتصادي مشيرا إلى أن “السلطة المركزية، عبر التاريخ، كانت تسعى، لضمان استمراريتها، إلى تشكيل تحالفات طبقية مع كل أنواع البورجوازيات؛ تمكنهم من تنمية ثرواتهم، وهذا ما نطلق عليه “أعطني أُعطيك” في الدارجة المغربية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *