مجتمع

تطور الجريمة في المغرب.. من المسؤول؟

تناسلت في الآونة الأخيرة بالمغرب صور وفيديوهات توثق لجرائم سرقة وعنف أثارت غضبا واسعا لدى المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي. بعض الفيدوهات تظهر اعتداءات عنيفة بالأسلحة البيضاء على ضحايا نهارا ووسط الشارع العام.

فهل تطورت الجريمة في المغرب؟ هل صارت الاعتداءات المسلحة أكثر عنفا؟ ما أسباب كل ذلك؟

الدامون: المجتمع تغير

في رصده لتحول منظومة الجريمة بالمغرب، ينفي الخبير الأمني، الصديق القسطالي الدامون، أن يكون هناك تطور في الجريمة، معتبرا أن ما تطور هو تعامل المواطنين مع حالات الإجرام التي تعد أمرا عاديا في كل المجتمعات.

الدامون، يعتبر، أن تعامل المواطن تغير مع الحالات الإجرامية في الشق المتعلق بالتبليغ عنها، إذ صار يتجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتبليغ عنها عبر نشر فيديوهات والتعبير أيضا عن استنكاره لها عوض الذهاب إلى المراكز الأمنية للقيام بذات الأمر، وفقه.

وزاد المتحدث ذاته، والذي سبق له أن اشتغل مسؤولا أمنيا في سلك الشرطة بالمغرب، بالقول إن “خوف المواطنين من التبيلغ جعلهم يتجهون إلى القيام بذلك بشكل بسيط وسهل في الفضاء الافتراضي”، مشددا، في الوقت ذاته، على أن هذا التحول يعكس عدم قيام المجتمع المدني بدوره في التصدي للجريمة من خلال الرفض المباشر، في إشارة إلى التبليغ المباشر عن جرائم لدى مصالح الشرطة.

بنصفية: صرخة مجتمعية

تناسل الفيديوهات الصادمة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يؤدي، حسب الأستاذ الجامعي في التواصل، عبد اللطيف بنصفية، دور كشف الجريمة وتقديمها للرأي العام الكبير من أجل إدانتها.

ويوضح بنصفية، أن ظهور هذه الجرائم في فيديوهات يخول لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حق المساءلة المجتمعية لهذه الظاهرة والمناداة بالتدخل من أجل حلها، مشددا على أن العديد من المشاكل وجدت طريقها للحل بفضل تملكها من طرف الرأي العام، عبر أداة التواصل الاجتماعي.

وعما إذا كان نشر فيديوهات تظهر جرائم مختلفة تطبيعا مع هذه الجرائم، يؤكد المتحدث ذاته على أن انتشار هذه الفيديوهات بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يؤدي إلى التطبيع مع الجريمة لأنها تبقى جريمة، وفق تعبيره، مضيفا أن تداول هذه الصور يمكن اعتباره بمثابة صرخة مجتمعية تنبه إلى ظاهرة معينة.

آيتلحو: خطر التطبيع

نقلنا فرضية مساهمة انتشار فيديوهات جرائم في الشبكات الاجتماعية إلى تطبع الناس معها إلى أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش، إدريس آيتلحو.

الأستاذ الجامعي يعتبر أن من “الإفرازات الخطيرة التغيير في بنية مرتكبي الجريمة بالمغرب التطبيع مع الجريمة وتجرعها من طرف المجتمع بشكل يومي، ما يجعلها أمرا عاديا ولا يشكل أي خطر”، حسب تعبيره.

ويشير آيتلحو إلى أنه يمكن تفسير السبب وراء تزايد حالات الجريمة، من منظور التحليل النفسي، بتغير السياقات الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والسياسية والقانونية التي تؤطر حياة المواطن المغربي خلال 25 سنة الأخيرة.

ويوضح أستاذ علم الاجتماع، أن ارتفاع عدد الأشخاص الذين يقترفون الجريمة راجع إلى توسع الهوية القيمية والحضارية بين فئات المجتمع المغربي، “خاصة بين من يعيشون في مركز المدن وآخرين جاؤوا من المدن واستقروا بهوامشها”.

ويلفت آيتلحو الانتباه إلى أن الفرد المغربي الذي يعيش في الهوامش لا يستطيع إعادة إنتاج ما يستهلكه على مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيون، وبالتالي “تتجه ردة فعل المجتمع ككل أكثر نحو الجريمة والعنف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *