مجتمع

العقوبات البديلة عن السجن في المغرب… هل هي حل ناجع للتخفيف من الجريمة؟

منذ سنوات والعديد من الأصوات الحقوقية والقانونية في المغرب تنادي بإعمال العقوبات البديلة عن السجن، لأسباب كثيرة منها التخفيف من حالة الاكتظاظ التي تعرفها سجون المملكة.

وقد تضمن مشروع القانون الجنائي الذي تقدم به وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، مفهوم العقوبات البديلة وحددها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا مع تحديد جرائم معينة لا يستفيد مرتكبوها منها.

إلى جانب ذلك، يحصر مشروع القانون العقوبات البديلة لمن هم في حالة العود، وتتمثل تلك العقوبات إما في العمل لأجل المنفعة العامة أو أداء غرامة يومية أو تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.
فما السبب في عدم تفعيل المغرب هذه العقوبات لحد الآن؟ وهل تكون هذه العقوبات بديلا ناجعا في الحد من الجريمة واكتظاظ السجون؟.

تفادي الاكتظاظ

المحامي والحقوقي، عبد المالك زعزاع، يرى أن “واقع السجون المغربية يدفع في اتجاه الاستجابة إلى مطلب إعمال العقوبات البديلة”، مبرزا أنه “مطلب حقوقي وقانوني دولي”.

ويتابع زعزاع موضحا أن إعمال تلك العقوبات من شأنه “التخفيف من حدة وخطورة الاكتظاظ الذي تترتب عنه مجموعة من الظواهر السلبية الخطيرة التي تمس سلامة وصحة المعتقلين”، مشددا على أنه قد “آن الأوان لتفعيل هذه المقتضيات وتطبيقها”.

وعن السبب وراء عدم تطبيق المغرب تلك العقوبات لحد الآن، يقول زعزاع: “أعتقد أن العقوبات البديلة بالدرجة الأولى تحتاج إلى بنية تحتية سليمة وإلى إرادة سياسية قوية وإلى مشرّع حكيم”.

إلى جانب ما سبق، يرى المتحدث نفسه أن “الكثير من الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان وحق السجين ما تزال متأخرة بشكل كبير في المغرب”، مجددا التأكيد على أنه قد “آن الأوان لتطبيق المقتضيات المتعلقة بالعقوبات البديلة”.

بحث عن النجاعة

من جانبه، يُذَكر الناشط الحقوقي، محمد الزهاري، بالنقاش العمومي الذي رافق إعلان مسودة مشروع القانون الجنائي، في عهد وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، والذي “خصص بابا للعقوبة البديلة”.

ويبرز الزهاري، أن تضمين المشروع العقوبات البديلة “جاء استجابة لمطالب الحركة الحقوقية ومهنيي مجال القضاء، خاصة المحامين على أساس الحد من ظاهرة اكتظاظ السجون”.

 

ويشير المتحدث نفسه، في السياق ذاته، إلى أن “عدد السجناء اليوم يبلغ حوالي 80 ألفا، نصفهم تقريبا معتقلون احتياطيون”، مذكرا أنه في ظل هذا الوضع “لا بد من سن قواعد قانونية في القانون الجنائي تنص على العقوبات البديلة”.

ويلفت الزهاري الانتباه إلى الشروط التي تفرض الاستفادة من العقوبات البديلة والتي تهم أساسا طبيعة الجرم المرتكب وألا يكون الشخص في حالة عود، مضيفا: “من خلال هذه العملية (تنفيذ العقوبة البديلة) تتم مرافقة المتهم كما قد يخضع إلى تكوين في مؤسسات التكوين المهني”.

بتلك الطريقة يرى المتحدث ذاته أن إعمال العقوبة البديلة قد يكون في بعض الجرائم أكثر فعالية ونجاعة من السجن.

ويتابع الزهاري موضحا: “يمكننا عوض أن ندخل إنسانا، وجد نفسه لسبب أو لآخر قد ارتكب فعلا جرميا، إلى السجن حيث قد يلتقي بمجرمين محترفين ويتخرج مجرما بدرجة امتياز، أن نخلق منه مواطنا صالحا يسدي خيرا للمجتمع”.

حماية الشباب

بدوره، يرى الخبير المغربي في علم الإجرام، رشيد المناصفي، أن إعمال العقوبات البديلة في بعض الجرائم قد يكون أكثر نجاعة في الحد من الجريمة.

ويتابع المناصفي، موضحا أنه في عدد من الحالات يصبح الشخص “مجرما حقيقيا ومحترفا بعد دخوله إلى السجن”، مشيرا إلى أن “العديد من الشباب ضاع مستقبلهم وانحرفوا بعدما قضوا فترة معينة في السجن بسبب جريمة بسيطة”.

​وحسب الخبير في علم الإجرام، فإن “السجن هو الحل السهل” الذي يتم اللجوء إليه باعتباره عقوبة، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى “تكوين مجرمين حقيقيين”.

من ثمة يرى المتحدث نفسه أن المغرب “تأخر كثيرا في إعمال العقوبات البديلة”، مشددا على ضرورة البدء في إعمالها قريبا “وإلا سيضيع الشباب أكثر مما هو ضائع”، على حد تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *