مجتمع

الكتب الدينية بالمغرب.. هل تخضع لرقابة تمنع من دخولها؟

تنتشر الكتب ذات الطابع الديني بشكل لافت في المكتبات وعلى أرصفة الشوارع المغربية، تحمل عناوين مختلفة وتفسيرات عدة لقضايا دينية ودنيوية.

إمكانية تضمن هذه الكتب لأفكار وتفسيرات متشددة تبقى واردة، خاصة إذا كانت ترجع لفقهاء بخلفية تنبني على أفكار متشددة مثل كتابات منظرين معروفين لما يسمى الإسلام السياسي.

فهل تخضع هذه الكتب لرقابة تمنع من دخولها المغرب؟ وكيف يُفسر تمكن بعضها من العثور على مكان في أرفف المكتبات والمعارض الثقافية؟

تهديد الكتب

الباحث في الحركات الإسلامية إدريس الكنبوري يوضح أن منذ سنة 2001 تم تشديد الإجراءات حول تداول الكتب التي تنشر الفكر المتطرف بالمغرب.

لكنه يستطرد قائلا: “تجدر الإشارة إلى أنه في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كان هناك تحالف سياسي بين المغرب والسعودية من أجل إغراق السوق المحلية بكتب سعودية وهابية لمواجهة المد الشيعي”.

ويضيف الكنبوري، “آنذاك لم تكن عملية ضبط الكتب الواردة على المغرب وخاصة من السعودية، وكان خطر السلفية الوهابية أو السلفية الجهادية شبه منعدم”.

الآن، يردف المختص في الحركات الإسلامية، وخاصة بعد سنة 2001، تم ضبط هذا المجال، “فالسعودية سعت لضبط تحويلات كتبها، والمغرب كذلك سار على المنهج نفسه، لكن الإشكال طرح مع دور النشر السعودية التي ظلت تروج لهذا النوع من الكتب، وحاليا نجدها من المعرض الدولي للكتاب، وفي أسواق الكتب”.

في المقابل، يقلل الكنبوري من دور الكتب في تغذية الفكر المتطرف، قائلا: “أستدل على ذلك أنه منذ الخمسينات والستينات كانت هذه الكتب منتشرة، ورغم ذلك لم تكن هناك تهديدات إرهابية كما نعيشها الآن”.

سلطة المراقبة

وجود كتب من دور نشر سعودية تتبنى الفكر المتطرف بالأسواق المغربية وأيضا بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، رد عليه مدير المعرض، حسن الوزاني، نافيا “وجود عناوين محظورة في دور العرض السعودية خلال الدورات الثلاث الأخيرة للمعرض”.

ويوضح الوزاني أن هناك صيغتين للتعامل مع الكتب الواردة على المغرب؛ “بشكل عام ما يتم تداوله في السوق يتم تدبيره من طرف مصلحة خاصة بوزارة الاتصال التي لها الحق في قبول الأعمال أو رفضها، أما فيما يخص المعرض فهناك لجنة للقراءة تضم ممثلين عن وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكذلك ممثلين عن اتحاد الناشرين”.

ويضيف أن “خلال السنوات الأخيرة تم منع كتب معدودة من بينها ما يدعو للتطرف وكذلك ما يعادي وحدة المملكة، وهي لا تتعدى 10 كتب، وطيلة المعرض تكون هناك لجنة لتتبع الكتب الموجودة في المعرض لأنه من الممكن أن تكون هناك تسريبات”.

ويتابع المسؤول المغربي، الذي يشغل كذلك منصب مدير مصلحة الكتاب بوزارة الثقافة، أن المعرض الأخير ضم حوالي 100 ألف عنوان، 7 بالمئة فقط كتب دينية. “أما النقاش الذي يلي المعرض بشأن أن الكتب الدينية هي الأكثر مبيعا يكون مبنيا على انطباعات فقط”، يردف الوزاني.​

ضبط المحتوى

من جهتها، دعت رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، سعاد البكدوري الخمال، إلى مزيد من الضبط للكتب الدينية التي تباع داخل المكتبات والمغربية، موضحة: “الكتب الحاملة لتفسيرات ضيقة تشجع على الإقصاء ورفض الآخر وعدم الاعتراف به، ممكن أن تنتج لنا أفكارا متشددة خاصة لدى فئة الشباب”.

وتردف الخمال، التي فقدت زوجها وابنها في أحداث “16 ماي” الإرهابية بمدينة الدار البيضاء، بالقول “سنة 2003 التي شهدت الاعتداءات الإرهابية المذكورة، انتشرت ظاهرة بيع الكتب الدينية في مناطق متفرقة”.

تقول: “الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة قلت هذه الظاهرة، لكنها ما تزال موجودة، وإذا ما وجدت الفضاء الخصب فالأكيد أنه ستنشط من أجل نشر أفكار الجهاد والتطرف”.

ودعت رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب كذلك لضبط محتوى الكتب الموجودة على الإنترنت، مضيفة: “الملاحظ أخيرا أن من يلتحقون بالجماعات المتطرفة من الشباب تم استقطاب جلهم عبر الإنترنت، ما يدعو كذلك لتعامل صارم مع المحتوى المنشور على هذه الشبكة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *