متابعات

المغرب يرفض مرة أخرى بجنيف أمام مجلس حقوق الانسان توصيات متعلقة بالمثلية

عبر المغرب مجددا عن رفضه لعدد من التوصيات المتعلقة بحقوق المثليين والعلاقات الجنسية الرضائية، وأيضا مقتضيات متعلقة بالإرث وعقوبة الإعدام، في إطار استعراض التقرير الختامي في أشغال الدورة الـ36 لمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية.

ويطرح هذا الرفض نقاشا قانونيا حول مكانة الاتفاقيات والمواثيق الدولية في التشريع المغربي، بين من يدعو إلى ضرورة أن تسمو الاتفاقيات الدولية على التشريع المغربي وفق الدستور نفسه، وبين من يشدد على ضرورة ملاءمة الاتفاقيات للخصوصية الثقافية والدينية للمغرب.

فلماذا يتحفظ المغرب على هذه المضامين؟ ألا يتعارض هذا الرفض مع الدستور المغربي الذي يقر سمو المواثيق الدولية على القوانين الداخلية للبلد؟

الغالي: التحفظات مشروعة

“المغرب يلتزم بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية على أساس أن لا تتعارض مع الدستور، ولا يمكن تطبيقها إلا بتعديل الدستور المغربي”، هذا هو منظور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد الغالي، لتحفظ المغرب على مقتضيات حقوقية واردة في نصوص دولية.

ويضيف الغالي، “التحفظات التي قام بها المغرب منطقية ومشروعة، لأنها لا تتناسب مع الخصوصية المغربية، والدستور في ديباجته ينص على التزامه (أي المغرب) بالاتفاقيات الدولية ما لم تتعارض مع الخصوصية المغربية، وفي حالة التعارض فمن حق المغرب أن يرفض أو يتحفظ عليها”.

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية أنه “لا يمكن التوقيع على اتفاقيات لا تتماشى مع الدين الإسلامي، والذي يعتبر أحد المصادر الرئيسية للتشريع القانوني المغربي كما تنص على ذلك ديباجة الدستور”، حسب تعبيره.

ورغم ذلك، فالمغرب لا يطبق عقوبة الإعدام، ولا بعض أحكام الجنائية المذكورة في الإسلام مثل قطع يد السارق وغيرها.

الرياضي: التحفظات تكرس موقفا مزدوجا

أما الناشطة الحقوقية والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، فتتبنى موقفا مخالفا لموقف الغالي، إذ تقول إن التحفظات التي أعلنها المغرب في جنيف “تكرس موقف الدولة المزدوج من حقوق الإنسان”.

وتردف الرياضي: “دائما ما تقدم الدولة خطابا وخطابا معاكسا، إذ تركز على سمو الاتفاقيات الدولية على الدستور، ولكن في الواقع هناك عداء لها، وعندما تكون الحكومة على المحك، لا تتردد في إظهار وجهها الحقيقي”.

وتزيد الناشطة الحقوقية موضحة: “تتحفظ الدولة على أمور هي من أولويات حقوق الإنسان، فمثلا من المخجل أن يتحفظ المغرب على رفع سن الزواج إلى 18 سنة”.

العلام: الدولة تمارس “لعبة الإخفاء”

من جانبه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، عبد الرحيم العلام، أن الدستور واضح في أمر قبول أو رفض مضامين المواثيق الدولية، قائلا: “هناك من يتوهم بأن المغرب جعل المواثيق الدولية فوق القوانين المغربية، لكن الدستور لا يجب أن يقرأ قراءة تجزيئية بل بشكل عام وشامل”.

ويردف العلام،  أنه “لا يجب أن تتعارض المواثيق الدولية مع القوانين الداخلية، وإذا تعارضت فمن حق المغرب أن يرفضها أو يسجل تحفظه”.

ويسترسل الأستاذ الجامعي قائلا: “المشكل أنه عوض أن يتأقلم الدستور والتشريع القانوني مع الاتفاقيات الدولية، تتأقلم الاتفاقيات الدولية مع الخصوصية المغربية خاصة ما يتعلق بولاية العهد والإرث وحرية المعتقد والمرأة”.

ويرفض المغرب التقسيم العادل للإرث بين المرأة والرجل، وأن تكون أنثى ولية للعهد ما يمهدها لأن تصبح ملكة تحكم المغرب مستقبلا، كما يرفض القانون المغربي تغيير الدين الإسلامي واعتناق أديان أخرى.

ويصف العلام هذا التشخيص الذي طرحه لتعامل المغرب الرسمي مع المواثيق الدولية بـ”لعبة الإخفاء، فالدولة تعطيك حقا بيد لكي تأخذه منك بيد أخرى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *