متابعات

المغرب غير راض عن تقارير المنظمات الدولية حول وضعية حقوق الانسان

لا تنظر المملكة المغربية بعين الرضا لعدد من تقارير المنظمات الدولية عن وضعية حقوق الإنسان في البلد، وتعتبرها دائما “ظالمة” في حق ما تسميه “العهد الجديد”.

وكلما صدر تقرير “قاتم” عن وضعية حقوق الإنسان، إلا وخرجت السلطات لتدحض مضامينه، خصوصا بالنسبة لما يجري منذ أشهر في منطقة الريف، شمال المغرب، وحملة الاعتقالات والمحاكمات التي صاحبت الاحتجاجات.

آخر ردود المغرب على هذه التقارير الدولية عن حقوق الإنسان، كانت ضد منظمة “هيومن رايتس ووتش” الأميركية، التي انتقدت تعامل السلطات المغربية مع “الحراك” في الريف.

وقد أصدرت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بيانا تشدد فيه على أن “تقرير المنظمة الذي صدر في الخامس من سبتمبر (الماضي) تضمن ادعاءات ومغالطات عديمة الأساس حول تدبير ومعالجة السلطات العمومية للاحتجاجات التي عرفها هذا الإقليم والمناطق المجاورة له”.

المنظمة، في تقريرها الذي أغضب الرباط، دعت الملك محمد السادس إلى فتح تحقيق في مزاعم التعذيب، على خلفية الاعتقالات والمحاكمات التي تمت خلال الشهرين الماضيين، بسبب احتجاجات منطقة الريف، وأكدت أن “عليه الضغط لإجراء تحقيقات فعّالة في مزاعم تعذيب الشرطة المغربية لمتظاهري “حراك الريف”.

فما الذي يبرر هذا التشنج بين المغرب والمنظمات الدولية، في وقت تصر فيه هذه الأخيرة على وجود “خروقات لحقوق الإنسان بالمملكة”، أكدتها العديد من المنظمات الحقوقية المغربية.

تقارير صحيحة

يقول الناشط الحقوقي محمد الزهاري إن أبرز ما يؤكد “صحة” مضامين هذه التقارير هو أن هذه المنظمات الدولية لها فروع في المملكة، ومنها “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، كما أن كل ما يصلها يتم عبر قنوات رسمية من طرف فروعها.

وإلى جانب ذلك، يضيف الزهاري، فطريقة اشتغال هذه المنظمات تقوم على موافاة الحكومة بالنص والمضمون لكي تتلقى توضيحات، وحينما لا تقتنع بجواب الأخيرة أو ترى أنها تقدم أجوبة مغلوطة، “تصدر تقاريرها لأنها متأكدة من معطياتها”.

“المغرب يريد تسويق فكرة أنه دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، لكن الحقيقة غير ذلك”، يؤكد الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان.

ويضيف متسائلا: “كيف يمكن الحديث عن القضاء كسلطة مستقلة مثلا وهو يتلقى التعليمات ويصدر أحكاما رادعة كما حدث مع الصحافي حميد المهداوي، الذي تم تشديد عقوبته”، على حد تعبير الزهاري.

ويتابع المتحدث ذاته قائلا: “إذا كانت السلطات المغربية تريد أن تربح نقاطا إضافية، فعليها احترام القانون على علاته، ومساءلة المسؤولين الذين أخطأوا ويمكن حينها أن تكون مصداقية، ونحن كمنظمات حقوقية سنقول إن المنظمات الدولية تزيف الحقائق”.

لكنه يستدرك أن المنظمات المغربية تتفق مع المنظمات الدولية، “لأن الأمر يتعلق بواقع معيش”.

تحريف الحقائق

وفي السياق ذاته، يقول رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي: “يجب فهم قضية ظاهرة التقارير التي تصدر بخصوص المغرب من زاوية التطور الذي حدث في مجال حقوق الإنسان بالمغرب خلال الـ15 سنة الأخيرة”، مؤكدا أن “هذا التطور فتح المجال للمنظمات الدولية الحقوقية لإصدار تقارير حول المغرب، مقارنة بدول عربية وأفريقية أخرى”.

وعكس ما ورد في تقارير منظمات لحقوق الإنسان عن المغرب، يؤكد اسليمي في تصريح أنه “من الاستراتيجيات المعتمدة من طرف المنظمات الحقوقية الدولية هي الضغط بالتقارير على الدول التي يكون فيها تطور”، ويردف متسائلا: “كيف نفسر سكوت هذه المنظمات على دول أخرى لا توجد فيها مؤسسات حقوقية وطنية؟”.

وتبعا لذلك، يقول المتحدث ذاته، فإن “الحديث عن إنصاف المغرب في هذه التقارير أو تحريف الوقائع من طرف المنظمات الحقوقية الدولية للمس بصورة المغرب يجب فهمه في هذا السياق”.

غياب التواصل

يتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد الزهراوي، مع ما أورده منار اسليمي حول بعض تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، لكنه يؤكد أن “أحداث الحسيمة أظهرت أن الحكومة لا تمتلك أي تصور استراتيجي للتعامل مع المنظمات الحقوقية والملف الحقوقي ككل، بحيث بدت عاجزة عن التسويق والدفاع عن سياساتها ومعالجة الحراك الذي دام ما يقارب سنة”.

ويضيف الزهراوي أن “تقارير بعض المنظمات تفتقر إلى المهنية ولها نزعة عدائية لأنها تنحاز إلى بعض الجهات أو الاطراف الأخرى، الأمر الذي ساهم في توتر العلاقة مع الحكومة المغربية، لكن هذا لا يعني أن هذه الأخيرة لا تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن ظهور تلك التقارير”.

وعن تشنج العلاقة بين المغرب ومنظمات حقوق الإنسان، يؤكد الزهراوي أن ذلك يعود إلى “غياب التواصل وانحياز بعض المنظمات في مقاربتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *