اقتصاد

الأركان..لماذا تحظى هذه الشجرة بكل هذا الاهتمام الوطني والدولي؟

يمثل النظام الإيكولوجي لشجر الأركان، والذي يشكل حزاما وقائيا فعالا ضد التصحر، قاطرة للتنمية السوسيو -اقتصادية للساكنة القروية لهذه المحمية الحيوية. وبفضل انخراط وتعبئة جميع الفاعلين، تبرز النتائج التي تحققت في إطار مخطط المغرب الأخضر، دينامية طموحة في خدمة قطاع يزخر بإمكانيات عالية.

وقد شكل المؤتمر الدولي الرابع لشجر الأركان، الذي جرت فعالياته هذا الأسبوع بأكادير تحت رعاية الملك محمد السادس، من تنظيم الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وتحت إشراف وزارة الفلاحة، مناسبة لتسليط الضوء على البرامج والإجراءات الرامية إلى تثمين هذا التراث الاقتصادي والثقافي الفريد. وينم الشعار الذي اختاره المنظمون لهذا المؤتمر “محمية الأركان الحيوية : نحو إحداث تغيير في النموذج القائم”، عن طموح في تسريع الوتيرة والتركيز على التنمية المستدامة والمندمجة.

وتعتبر الأركان شجرة نادرة بالمغرب، وتشكل عماد نظام رعوي وزراعي يغطي مساحة تناهز 830 ألف هكتار في المناطق شبه القاحلة والقاحلة من الأطلس.

ويوفر هذا النظام الإيكولوجي، الذي يزخر بالعديد من المزايا والأدوار، إمكانات كبيرة لتحسين مستوى معيشة حوالي 3.5 ملايين نسمة يعيشون في المناطق التي تضم شجر الأركان، أغلبها في المناطق القروية (182 جماعة قروية من أصل 250 جماعة).

وتم في سنة 2011 إبرام عقد برنامج يغطي الفترة 2012-2020 بين الحكومة ومهنيي القطاع. كما تم إنشاء الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان سنة 2010 بهدف تحقيق التنمية المندمجة ضمن المجالات التي تضم شجر الأركان. وحسب المؤتمرين، فقد أسهمت تعبئة جميع الفاعلين منذئذ في إحراز تقدم ملموس في هذا الصدد.

وصنفت منظمة اليونسكو مناطق شجر الأركان والواحات، التي تتميز بمؤهلاتها الطبيعية والثقافية الكبرى، وإن كانت نظمها الإيكولوجية معرضة بدرجة كبيرة للهشاشة، محميات حيوية. وجاء إحداث الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية لهذه المناطق والحفاظ على توازن نظمها الإيكولوجية وتثمين تراثها الثقافي، وفي الوقت ذاته تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لساكنتها.

وتأكيدا للانخراط من أجل الحفاظ على مناطق شجر الأركان وتحقيق التنمية المستدامة بها، أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش، عن مشروع غرس أكثر من 1870 هكتارا من شجر الأركان برسم الموسم الفلاحي الحالي 2017-2018 في إطار برنامج لغرس 10 آلاف هكتار، منها حوالي ألفي هكتار ترتبط بالنباتات العطرية والطبية.

وقد رصد لهذا المشروع غلاف مالي يفوق 50 مليون دولار من تمويل الصندوق الأخضر للمناخ. وإلى جانب إعادة التأهيل وتثمين وتعزيز البحث العلمي، يشكل غرس شجر الأركان أحد المشاريع الكبرى التي أطلقها مخطط المغرب الأخضر في إطار هذا القطاع.

وأوضح مؤتمر أكادير أن هذا المشروع يتوخى خلق مستنبتات حديثة لشجر الأركان. وقد انطلق هذا المسعى بفضل جهود قطاع الفلاحة وانخراط الفلاحين من خلال تعبئة المساحات اللازمة لتنفيذه. وفي مجال إعادة التأهيل، تم إحداث إطار للتعاون بين الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، والمندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر، والفدرالية الوطنية لذوي الحقوق، مستغلي مجال الأركان، وهو تعاون أسفر عن زيادة ملحوظة في مساحات المناطق التي خضعت لعملية إعادة التأهيل منذ عام 2012 لتصل إلى ما مجموعه 101 ألف و487 هكتارا هذه السنة. وفي إطار هذه الدينامية، ينصب التركيز أيضا على تحقيق تثمين قوي ومستدام، حيث فاقت صادرات الزيت المستخلص من الأركان 1380 طنا برسم سنة 2016 بقيمة تجاوزت 298 مليون درهم. وإلى جانب ذلك، تستفيد المشاريع التنموية الرامية إلى تحسين جاذبية هذا المجال الغابوي من تمويلات.

وأفاد المؤتمر بهذا الخصوص بأن أزيد من 600 مشروع قد تم تمويلها في قطاعات متنوعة، مثل التعليم والماء الصالح للشرب والبيئة والصحة والتنشيط السوسيو -اقتصادي والثقافي.

وتمت تعبئة الاعتمادات المالية بمساهمة من الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان قدرها 797,2 مليون درهم ومن ميزانية صندوق التنمية القروية.

وشارك في مؤتمر أكادير الذي نظم بشراكة مع المعهد الوطني للبحث الزراعي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، على مدى ثلاثة أيام، باحثون وأكاديميون مغاربة وأجانب وفاعلون اقتصاديون من المهتمين بمختلف الجوانب ذات الصلة بقطاع الأركان.

وقد مكن هذا الملتقى الذي يعقد مرتين في السنة من تقاسم المعارف العلمية والتقنية في مجال نتائج البحوث لوضع برامج تروم تطوير القطاع، استنادا إلى أسس علمية متينة، بهدف إحداث قطب للبحث العلمي والابتكار لتحقيق زراعة مستدامة لشجر الأركان، حسب وزارة الفلاحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *