متابعات

محاربة الفساد في المغرب.. هل ستنجح الحكومة في وضع حد له في أفق 2025؟

في الثالث من ماي من العام الماضي، أطلقت الحكومة السابقة، التي كان يقودها عبد الإله بنكيران، ما سمته الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بميزانية وصلت إلى 1.8 مليار درهم، أي ما يعادل 190 مليون دولار، وأُعلن أنه سيتم تقسيم تنفيذها على 10 سنوات.

ينقسم تنفيذ هذه الاستراتيجية، التي استغرق الإعداد لها سنوات، إلى ثلاث مراحل، الأولى امتدت من 2016 و2017 والثانية من 2017 إلى 2020، أما الثالثة فتمتد إلى حدود سنة 2025.

خلال ديسمبر الحالي، كان من المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية، فهل تم ذلك؟ وهل بدأ المغاربة يلمسون بوادر مكافحة الحكومة للفساد؟

ترقب النتائج

يرى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، محمد بن عبد القادر، أن الإجراء الأساسي الذي قامت به الحكومة، منذ الأسابيع الأولى لتعيينها، هو إصدار مرسوم يقضي بتأسيس لجنة وطنية لمحاربة الفساد، مشيرا إلى أن الحكومة قررت “مأسسة آلية تتبع الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد”.

ويؤكد بن عبد القادر، أن “الاستراتيجية المغربية لمكافحة الفساد، شارك فيها ممثلون عن المجتمع المدني والقطاع الخاص والفعاليات الحكومية، ولها برامج أفقية، فيها الجانب الزجري والوقائي والتحسيسي والتواصلي والتربوي والتشريعي”، كما أنها برامج بميزانيات والتزامات، حسبه، موضحا أن عملية التتبع كانت تقتضي إحداث لجنة يكون لها وضع مؤسساتي اعتباري.

ويكشف المسؤول الحكومي المغربي أن هذه اللجنة ستجتمع، في بداية السنة المقبلة، لدارسة حصيلة السنتين الماضيتين من إنجاز الاستراتيجية، وحتى “ترسم الالتزامات وكل العمليات في المرحلة المقبلة”.

لكن، هل كلام الوزير يعني أن الحكومة شرعت فعلا في محاربة الفساد؟ وهل يلمس المغاربة تحركا لملفات مكافحة استغلال غير مشروع للمال العام؟

التفصيل في البرامج، كما ورد على لسان الوزير المغربي، لا يعني نجاعة خطة مكافحة الفساد، وفق مدير “مرصد الرشوة” بمنظمة “تراسبارانسي المغرب”، فؤاد الزيراري، والذي يعتبر أن الحكومة المغربية “لا تتوفر على إرادة سياسية حقيقية من أجل تفعيل مقتضيات هذه الاستراتيجية”.

وبالرغم من صدور مرسوم يدخل عددا من التعديلات على مهام اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، إلا أن الزيراري يعتقد أن “محاربة الفساد ليست من أولويات الحكومة”، لكنه في مقابل ذلك، يعتبر أن هذه الاستراتيجية “تبقى طموحة”، قائلا: “نحن ننطلق من حسن نية، ونتمنى أن يتم اعتمادها بشكل كامل”.

ويوجه الناشط الحقوقي، عددا من الانتقادات للحكومة فيما يتعلق باستراتيجيتها لمكافحة الفساد، مشيرا إلى “عدم صدور قانون الولوج إلى المعلومة”، بالإضافة إلى ما اعتبرها “عددا من التناقضات في الممارسة الحكومية بين الخطاب والفعل”.

ويتابع مدير “مرصد الرشوة” بمنظمة “تراسبارانسي المغرب”، في هذا السياق، قائلا: “انتظارات المواطنين والمجتمع المدني كثيرة والخطاب كبير، لكن على أرض الواقع لا يوجد شيء، ونحن نقرأ كل يوم عن اختلاسات مالية في وسائل الإعلام، ما يصيب المواطنين والشباب بالإحباط، ويساهم في مشاكل عدة كالتطرف والهجرة”.

خلاف حول الحصيلة

رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، طارق السباعي، ينظر هو الآخر بشكل سلبي إلى عمل الحكومة في مواجهة الفساد، ويشدد على أنه “لا توجد إرادة سياسية للحكومة من أجل مواجهته”.

ويعتبر السباعي، أن إجراءات مواجهة الفساد في المغرب “تبقى مجرد أحلام للحكومة الحالية التي هي استمرار للحكومة السابقة، التي جاءت لمحاربة الفساد، فإذا ببنكيران يقول عفا الله عما سلف، ومن ثمة أصبحت الحكومة الحالية تطبق المقولة نفسها”.

ويواصل المحامي بهيئة الرباط التأكيد على أن “ملفات الفساد ظلت عالقة ولا تحال على المحاكمة في الوقت الذي نسمع أن الملفات جاهزة لكي تحال واعتقال أصحابها دون أن نرى هذه الإجراءات الصارمة، وأن تقوم السلطة القضائية المستقلة بواجبها الذي كنا نتمناه”.

فهل تُغيب الحكومة الحالية فعليا ملف محاربة الفساد كما جاء على لسان الزيراري والسباعي؟

الوزير في حكومة سعد الدين العثماني، محمد بن عبد القادر، يرفض هذا الطرح، معتبرا أن مكافحة الفساد “أولوية” لدى الحكومة الحالية.

يستدل بن عبد القادر على ذلك بتضمن البرنامج الحكومي، الذي صوت عليه البرلمان المغربي، خمسة محاور، “أولها يتعلق بالديمقراطية وتعزيز دولة الحق والقانون، وثانيها يهم تعزيز قيم النزاهة ومحاربة الفساد”.

“مباشرة بعد ذلك، تم إنشاء مرسوم اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد”، يضيف المتحدث ذاته، مشددا على أن محاربة الفساد في المرفق العمومي مسألة أساسية.

“أعتبر أن منطلق إصلاح الإدارة لا يمكن أن يكون هو إدارة فعالة فقط، ولكن فعالة وشفافة ونزيهة”، على حد تعبير الوزير ذاته.

ويؤكد بن عبد القادر أن محاربة الفساد في المرفق العام هي “التزام وطني”، قائلا: “لدينا استراتيجية وطنية، وملتزمون مع البرلمان والرأي العام المحلي والدولي لأن المغرب صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *