وطنيات

اليحياوي : المغرب مستمر في عمله لتعزيز موقعه داخل القارة الأفريقية

أولى المغرب في سنة 2017 اهتماما كبيرا بتجديد أواصره مع العمق الإفريقي، في محاولة منه لإحداث تغيير جذري في علاقاته الديبلوماسية مع محيطه الإقليمي، والقطع مع سياسة الكرسي الفارغ التي مكنت أعداء القضية الوطنية من ربح بعض المعارك على الأرض.

وانطلق العام الذي يستعد للانقضاء، بخطوات متسارعة من قبل المغرب الذي قرر أن يجعل من سنة 2017، سنة العودة إلى حضنه الإفريقي، حيث كانت البداية في الـ31 من يناير الماضي، حينما وافق قادة الاتحاد الإفريقي على عودة المغرب إلى هذه المنظمة ليصبح العضو الـ55 بعد حوالي 33 سنة من انسحاب الرباط من منظمة الوحدة الإفريقية في 1984، وذلك مباشرة بعد قبول انضمام الجمهورية الوهمية إليها.

عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لم تكن بالأمر الهين، فقد عمد المغرب إلى تحريك كامل آلياتها الديبلوماسية من أجل إنجاح عملية رجوع وجدت في طريقها العديد من المطبات التي وضعها أصدقاء أعداء وحدتنا الترابية، فكان من الضروري حشد دعم أصدقاء المغرب داخل القارة قبل الإقدام على أي خطوة، فكان أن ساهمت تحركات المملكة في تعبئة 39 بلدا إفريقيا، رغم أن ما كان يلزمها لا يصل إلى هذا العدد المهم.

اختار الملك محمد السادس أن يحضر بنفسه إلى قمة إثيوبيا في 31 يناير 2017، وفي القاعة التي احتضنت القمة، صفق الحضور طويلا لحظة وصول الملك إيذانا بمباركة عودة عضو بأهمية كبرى داخل القارة الإفريقية.

وللحديث عن رهانات المغرب للعام المقبل بعد نجاحه في ضمان مقعده داخل الاتحاد الإفريقي، يقول الكاتب والباحث المغربي يحيى اليحياوي ” لا نستطيع أن نتكهن حقا بما سيترتب الآن على انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي، لكن المؤكد أن المعركة ستكون شرسة بكل المقاييس، ليس فقط بين المغرب وجبهة البوليساريو، بل بين مجموعتين من الدول لكل منها منظومتها وتحالفاتها. ستكون لغة القانون قوية، وكذلك لغة المصالح”.

ويضيف اليحياوي في السياق ذاته عندما يشير إلى أن المغرب سيكون مطالبا بتوضيح أن “مشكل الصحراء” يتكفل به مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، وأنه إن كان ثمة من دور للاتحاد الإفريقي فيجب أن يكون من باب الوساطة لا من باب التقرير، مضيفا بأنه من الوارد هنا أن يتعامل المغرب مع محكمة العدل الإفريقية، لكنه لن يحيد عن اعتبار أن القضية هي قضية الأمم المتحدة في البداية والنهاية.

وفي هذا الوقت سيكون المغرب ملزما بالتعايش مع خريطة جغرافية للقارة تضم كيانا يدعى “الجمهورية العربية الصحراوية” جنوب المغرب، أي في جهة من القارة “متنازع بشأنها”.

ولم تمض سوى أيام قليلة على نجاح المغرب في ضمان مقعده من جديد داخل الاتحاد الإفريقي، حتى انطلقت المملكة في تنفيذ الجزء الثاني من خطتها الرامية إلى تعزيز موقعها داخل القارة الإفريقية. في فبراير الماضي تقدم المغرب بطلب رسمي إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” يدعو فيه إلى الموافقة على انضمامه إلى هذا التكتل الاقتصادي الإقليمي، كأسلوب جديد يرمي من وراءه المغرب إلى تجاوز حالة الجمود التي يعيش على إيقاعها اتحاد المغرب العربي، الذي بات الكيان الإقليمي الوحيد داخل القارة الإفريقية غير المفعل وغير النشيط، بخلاف باقي التكتلات.

وفي يونيو 2016 انعقدت قمة لرؤساء الدول الأعضاء في “سيدياو” بليبيريا، ليحصل المغرب خلالها على الموافقة المبدئية على الانضمام إلى هذا الاتحاد، لكن بشرط القيام بدراسة أثر لتقييم آثار هذا الانضمام على الطرفين.

وفي 16 دجنبر الحالي احتضنت العاصمة النيجيرية أبوجا قمة الرؤساء الدورية، حيث كلفت لجنة خماسية مكونة من رؤساء بلدان الكوت ديفوار والطوغو ونيجيريا وغانا وغينيا، من أجل إنجاز دراسة معمقة لتقييم أثر انضمام المغرب إلى “سيدياو” وذلك بسبب عدم كفاية المعطيات التي حملتها الدراسة الأولية المنجزة في هذا الصدد.

ويتضح من ذلك بأن سنة 2018 ستكون حاسمة من أجل تأمين المغرب عملية الانضمام هاته، ذلك أن أصواتا عديدة بدأت تتعالى داخل بعض بلدان هذا التجمع رافضة لانضمام المغرب بسبب وزنه الاقتصادي داخل القارة وما تنطوي عليه هذه الخطوة من مخاطر على اقتصاديات العديد من البلدان داخله.

ويبدو أن المغرب لم يبق مكتوف الأيدي، حيث توالت في الآونة الأخيرة تحركاته الديبلوماسية من أجل الترويج لعملية انضمامه إلى “سيدياو”، في خطوة استباقية منه للتصدي لمحاولات نسف خطته في إكمال عملية الانضمام التي تبقى بطابع استراتيجي في أعين أعلى سلطات البلد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *