وطنيات

المثلية الجنسية في المغرب .. مسؤولون يُدينون وقانون يُجرم

أثار وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، عبر تدوينة له على فيسبوك، الجدل بخصوص موقفه من المثلية، وتحديدا الزواج المثلي، واصفا هذا الأمر بـ”اللواط”.

وأرفق الوزير تدوينته بحكم أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان سنة 2016 بخصوص شكوى من التمييز وانتهاك الحياة الخاصة قدمها مثليان فرنسيان ضد الدولة الفرنسية، قال إنه يزكي منع زواج المثليين.

تدوينة الوزير والقيادي في حزب العدالة والتنمية، أعادت إلى السطح الحقوقي نقاش حقوق المثليين في المغرب قانونيا واجتماعيا.

هذا التفاعل دفع بنشطاء حقوقيين إلى اعتبار تدوينة الرميد واستنادها على حكم قضائي أوروبي “مغالطة”، مشيرين إلى النص القضائي يتعلق بحكم فردي لدعوى ترجع إلى سنة 2004، أصدرت فيها المحكمة قرارا يجيز زواج المثليين، على خلاف ما ذهب إليه وزير حقوق الإنسان.

فلماذا يعادي مسؤولون مغاربة المثلية؟ وما سبب استمرار المغرب، على غرار دول مغاربية أخرى، في تجريم العلاقات الجنسين بين شخصيين بالغين من الجنس نفسه، كما يشير إلى ذلك الفصل 489 من القانون الجنائي المغرب؟

لشكر: المشكل في ‘هوموفوبيا الدولة’

تعزو عضوة حركة “مالي” للدفاع عن الحريات الفردية والمختصة في علم النفس، ابتسام لشكر، المشكل الرئيسي في عدم الاعتراف بحقوق المثليين في المغرب إلى الدين.

وفي هذا الصدد تقول الناشطة الحقوقية: “معظم الدول التي يعاني فيها المثليون من ‘الهوموفوبيا’ (رهاب المثلية) تكون بسبب الدين. حتى في فرنسا، الأقرب إلينا، معظم من خرجوا للتنديد بزواج المثليين كانوا من الكاثوليكيين. الدين يحكم على التوجه الجنسي للفرد ويؤطره، فالجميع يتكلم باسم الدين ويحلل ويحرم”.

وتطالب ابتسام لشكر بتطبيق بفصل الدين عن الدولة كحل لمثل هذه المشاكل والتضييقات على أساس جنسي، مسترسلة بالقول: “من الصعب جدا ضمان حقوق المثليين خارج مطلب العلمانية، غيره سنبقى خاضعين لمجتمع أبوي باطرياركي يحكم باسمه”.

“كيف يمكن لدولة لا تعترف حتى بالعلاقات الجنسية الرضائية بين شخصين بالغين وتجرمها بمقتضى الفصل 490 من القانون الجنائي، أن تعترف بحقوق العلاقات الرضائية لشخصين من الجنس نفسه؟..”، تتساءل ابتسام لشكر مستنكرة قبل أن تضيف: “لذلك يجب الدفاع عن الحرية الجنسية، بشكل عام، عبر التربية الجنسية في المدارس ومحاربة الأحكام المسبقة والصور النمطية والتمييز القائم على أساس الجنس والنظام الأبوي”.

وتضيف عضوة حركة “مالي”: “المغرب يعاني مما نسميه ‘هوموفوبيا الدولة’، فالدولة نفسها تعادي حقوق المثليين، وهذا لا يساعدنا على تغيير عقلية المجتمع”.

“قلة فقط من الحقوقيين من يدافعون عن حقوق المثليين، وغالبية الجمعيات الفردية هوموفوبية أيضا. هذا يدفعنا إلى التكتل والتضامن من أجل التحسيس والتوعية بحقوق الحريات الفردية في المجتمع”، تردف المتحدث ذاتها.

متوكيل: لا نقبل الوصاية

“إذا كانت المثلية الجنسية مثيرة للاستفزاز والامتعاض المجتمعي، فذلك بسبب من يريدون فرض الوصاية على غيرهم من فئات المجتمع، كما أن الجرائم في المجتمع سببها الرئيسي الفقر والقمع وغياب العدالة الاجتماعية وليس المثلية”.​

بهذا توضح هاجر متوكيل، وهي شابة مغربية اختارت أن تكون تكون مثلية ودافعت عن حريتها الفردية هذه أمام الجميع، موقفها من تجريم المثلية في المغرب.

تقول هذه الشابة ملخصة استمرار تجريم المثليين في المغرب: “للأسف لا يزال المغرب متأخرا جدا في رفع التجريم على المثلية الجنسية، وهذا ما تبين من الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، التي أصدرتها الدولة المغربية مؤخرا”.

تقول هاجر متوكيل إن هذه الخطة الرسمية “لا تتحدث إطلاقا عن المثلية ولا الحريات الفردية”، مضيفة: “اكتفت الخطة بطرح مسألة الحريات الأساسية، مما يطرح سؤالا: هل هناك حريات أساسية وأخرى غير أساسية؟”.

“هدفنا الأساسي الآن هو إلغاء التجريم القانوني الذي يطال أجسادنا وهوياتنا الجنسية والجندرية بمقتضى فصول جنائية”، تقول متوكيل مستطردة: “ليس هناك تراتبية في الدفاع عن الحقوق الفردية أو المثلية، فنحن كأفراد مجتمع (الميم) لا نقبل المزايدة على حقوقنا، ونحمل الدولة المسؤولية الأولى في تكريس هذا الخطاب الذي يصرح به الرميد في صفحته بفيسبوك”.

ناجي: التيار الإسلامي عائق

“أرى أن التيار الإسلامي في المغرب هو الذي يقف حاجزا أمام تطور المجتمع المغربي وحقوق المثليين، وضد أي مشروع حداثي. ومصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان، صاحب التدوينة، ينتمي إلى هذا التيار”، هكذا يوجز مؤسس مجلة “أقليات”، طارق ناجي، الأسباب التي يرى أنها تؤخر الاعتراف بحقوق المثليين في المغرب.

ويضيف طارق ناجي أسبابا أخرى تتمثل، حسبه، في التعليم الذي “يلعب دورا كبيرا أيضا في هذا التأخر، فهو لا يواكب العصر ولا متطلبات الدولة الحديثة ويخدم في جانب كبير منه الدين”.

ويسترسل مؤسس مجلة “أقليات” التي تعنى بحقوق الأقليات في المغرب، بما فيها الأقليات الجنسية، قائلا: “وسائل الإعلام هي الأخرى لا تقوم بالدور المنوط بها في التعريف بهذه الحقوق وإيصال أصوات الأقليات وخصوصا المثليين، ولا تعكس سوى الصوت الداعي إلى التجريم والتحريم”.

​ويرى ناجي، تعليقا على تدوينة الرميد، أن هناك ضرورة لإلغاء الفصل الجنائي المعاقب لعلاقات المثليين الجنسية، مضيفا: “ما دام يوجد حق الزواج بالنسبة للمغايرين فمطلب الزواج للمثليين بعدها يبقى حقا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *