آراء | متابعات

مقتل الطالب بدري بجامعة ابن زهر..أحمد الدغرني: هذه ملاحظاتي

الصراعات الدموية تتكرر في الجامعات المغربية بشكل مستمر،  ويقل أن تمر سنة جامعية بدون القتل والعنف والجروح. يوم السبت 19ماي 2018 يفقد الوسط الطلابي ضحية جديدة بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير، وازدادت لائحة القتلى والجرحى، والمعتقلين في صفوف هؤلاء الشباب، وازدادت الأحقاد، وتنامى الشعور بالحقد الخطير في الجامعات.. ورغم مرور السنين لم ينته هذا المشكل الذي يستغله المستثمرون في زرع كل هذه الشرور لأغراض سياسية، ودينية، وأيديولوجية.

في هذه المقالة لا نكتفي بواجب ادانة القتل، والتنديد بالعنف، بل سنحاول التطرق الى الموضوع من جذوره وأسبابه. ونبدأ أولا: من تصحيح لغة الصحافة التي تتحدث عن فصيلين تعتبرهما مختلفين، وتقول عنهما “الطلبة الأمازيغيون” و”الطلبة الصحراويون”، وتجعلهما فصيلين بهويتين، وكأن الصحراويين ليسوا أمازيغ، والأمازيغ ليسوا صحراويين…وهذا التصنيف الخطير تسرب حتى الى اللغة المخزنية في التقارير التي يحررونها، ونذكر كنماذج ملفات الطلبة أوسايا، وأعضوش بمكناس، وملف عمر ايزم بمراكش .. والحقيقة أن الطالب عبد الرحيم بدري المقتول هو من قرية أسرير، ومن قبيلة إزافاضن Izafaden التي ينطقها البعض”أزوافيط” وهي قبيلة أمازيغية، عريقة، لايزال أفرادها ناطقين بالأمازيغية، تتمحور مواقعها حول مدينة “نول لمطة”، وهي مدينة تنطق أيضا “مدينة نُون ” اشتهرت في زمن دولة المرابطين Imrabden بصك النقود التي كانت تستعملها الدولة، ويشتهر أهلها بالكرم، وحسن الضيافة، وعنهم انتقلت كلمة Azafata الى اللغة الإسبانية التي تعني بالفرنسية Hôtesse التي انتقلت الى شبه الجزيرة الإبيرية مع المرابطين وهم من أمازيغ صنهاجةً..

ثم نضيف ثانيا بأن الطلبة المعرضين لخطر العنف هم ضحايا الجهل بتاريخ عائلاتهم وأصول أمهاتهم وآبائهم، وذلك ناتج عن سياسة التعليم العمومي والمناهج الدراسية التي تعتمد على سياسة تعريب الطلبة، والتشويش على هويتهم، وتزوير التاريخ..

وثالثا: إن حوادث القتل والعنف والجروح والإعتقالات في الجامعة، تقع تحت مسؤلية مؤسسات تعليمية عمومية كان يجب عليها أن تعلم الطلبة دروسا ترتكز على الحضارة الجهوية لسوس والصحراء، وتعلمهم بأن أسماء الأماكن في مواقع أزوافيط هي أمازيغية، مثل تيغمرت، وأسرير، وايت بلا، وأزدار، وتامسوغت، وتاوعرونت، وتارمكيست….فيكون الضحايا من الطلبة نتيجة البرامج الدراسية التي تحاول فصل الأجيال عن تاريخ وجغرافية بلادهم وتفكيك عناصر الوحدة الأصلية لحساب الوحدة الوهمية مع الشرق الأوسط..

رابعا: إن حادثة قتل الطالب عبد الرحيم بدري تزامنت مع تجييش الشعب بواسطة التعبئة المغشوشة حول القدس، وفلسطين، والانتقام من الرئيس الأمريكي بواسطة أحزاب ودكاكين الأصولية والقومية العربية قصد تحويل الرأي العام عن المقاطعة لبعض المواد التجارية، وتحويل الأنظار عن محاكمات نشطاء حراك الريف، وحراك جرادة، وتأجيج وتخويف المجتمع بدق طبول الحرب الوهمية مع البوليساريو الذي أصبح غولا سياسيا مصطنعا يهدد المجتمع بالنفخ في صورته، ودفع الناس البسطاء مثل بعض الشباب الطلابي الى تخيل الحرب الخيالية مع عدو وهمي في الكركرات..

خامسا: إن تحليل الظرفية الحالية يفيد أن تأجيج العنف في الجامعات ينتج عن انفصال الشباب عن الدكاكين السياسية الحزبية والنقابية، وعن البروقراطية الحزبية التي تسيطر على قيادات الأحزاب، وهو تحول مهم لكنه يحتاج الى فتح المجال للبدائل السياسية التي تعرقلها وتمنعها السلطات الحاكمة، وهي التي تتحمل المسؤولية في سد أبواب النضال السلمي في المجتمع .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *