آراء

صافي الدين البدالي يكتب .. مسيرة 8 يوليوز 2018 و ما بعدها

في سباق مع الزمن السياسي في بلادنا كانت مسيرة 8 يليوز 2018 بالدار البيضاء التي دعت لها فيدرالية اليسار الديمقراطي و منظمات سياسية و حقوقية تقدمية و جمعيات المجتمع المدني ، مسيرة لها منطلقاتها و رمزيتها وأهدافها ، جاءت في اللحظة من حيث المكان و الزمان . أما المنطلقات فهي مستمدة من التاريخ النضالي لليسار الذي ظل وفيا للشعب المغربي ، مضحيا من أجل التحرير و الديمقراطي و العدالة الاجتماعية و حقوق الإنسان و من أجل التوزيع العادل للثروات الوطنية و من أجل الحرية و إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بما فيهم العسكريين و الإسلاميين زمن الرصاص . أما رمزيتها فهي مدينة الدار البيضاء التي عرفت معتقلاتها السرية ، كدرب مولاي الشريف ، تعذيب اليساريين و التنكيل بهم و محاكمتهم في الستينات و السبعينات من القرن الماضي ، و الآن محاكمة معتقلي حراك الريف ، الدار البيضاء التي اغتيل فيها أحد رموز اليسار ، الشهيد عمر بنجلون على يد الظلاميين بدعم من النظام المخزني لكبح اليسار و امتداده عبر الوطن و عبر التاريخ ، الدار البيضاء التي لا زالت في احشائها القبور السرية لشهداء انتفاضة 23 مارس 1965 و انتفاضة يونيو 1981 . الدار البيضاء التي كانت مسرح العمل الإرهابي للظلاميين بداية القرن الحالي مخلفا عددا من الضحايا . أما أهدافها فهي تعبئة الرأي العام الوطني و الدولي من أجل إدانة الأحكام القاسية التي صدرت في حق معتقلي شباب الريف على خلفية الحراك الاجتماعي الذي عرفته المنطقة منذ ما يزيد عن سنة ، و أيضا للتنديد بالسياسة العامة التي ينتهجا النظام المخزني و التي كانت وراء إفقار المواطنين والمواطنات و في مقدمتهم أبناء الريف و أبناء اجرادة و زاكورة و أبناء الأطلسين ، الكبير و المتوسط . و من أهدافها كذلك محاكمة شعبية لسياسة النظام المخزني الذي أصبح يكرس الفوارق الطبقية الاجتماعية و المجالية من خلال دعمه لرموز الفساد و الإقطاعيين الجدد و ناهبي المال العام و الثروات الطبيعية البرية و البحرية على حساب أغلبية الشعب المغربي .

إن مسيرة يوم 8 يوليوز 2018 بالدار البيضاء ، مسيرة لم تكن تحت الطلب من أية جهة كانت تريد من خلالها تحقيق أهداف معينة ، و إنما كانت انسجاما مع مبادئ و أهداف اليسار و القوى الديمقراطية بشكل عام و المتمثلة في الدفاع عن معتقلي الريف و إطلاق سراحهم ، و الدفاع عن حق الشعب المغربي في الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان في أفق بناء الدولة الحداثية قوامها الديمقراطية الحقة ، من الشعب و إلى الشعب ، و العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروات و استقلال القضاء و ربط المسؤولية بالمحاسبة و عدم الإفلات من العقاب .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *