مجتمع

حالات انتحار رجال الشرطة بالمغرب: ظاهرة أم حالات معزولة؟

انتحار شرطي في سرية الدرك ملقيا نفسه من الطابق الرابع”، “انتحار شرطي بميسور بواسطة سلاحه الوظيفي”، “انتحار شرطي شنقا”.. هذه بعض العناوين الإخبارية التي نشرتها وسائل الاعلام، تكشف عن حالات انتحار في صفوف رجال الشرطة خلال السنوات الأخيرة.

آخر هذه الوقائع، تلك التي سجلت الثلاثاء بالعاصمة الرباط، حيث أقدم شرطي برتبة حارس أمن يعمل بمفوضية الشرطة الخاصة بمطار الرباط سلا، على وضع حد لحياته مستخدما سلاحه الوظيفي.

بحث في الأسباب

بالنسبة للخبير والإطار الأمني المتقاعد، محمد أكضيض، فإن حالات الانتحار في صفوف رجال الأمن “ليست لها أية صلة بطبيعة العمل الذي يمارسونه”.

“الانتحار ظاهرة عالمية” يقول أكضيض، مبرزا أنها “لا ترتبط بطبقة أو مهنة معينة، بل إنها تضرب كل الطبقات وكل المهن لأسباب متعددة”.

ويتابع المتحدث، موضحا أن المغرب “يشهد حالات انتحار على غرار ما يحدث في دول العالم ككل”، مبرزا أن تلك الحالات، وإن كانت تشمل رجال أمن، إلا أنها “تبقى ضئيلة مقارنة بما هو عليه الحال في بلدان أخرى”.

وعما إذا كان لطبيعة العمل أي دور في حالات الانتحار تلك، فإن المتحدث يقر بأن “عمل الشرطة ليس عملا في فندق خمس نجوم” على حد تعبيره، مشيرا إلى أن هذه المهنة “تتطلب نكران الذات والعمل لساعات طوال، في أية ظروف من أجل الوطن”.

إلا أن ذلك لا يعني، وفق أكضيض، أن هناك ضغوطا قد تؤدي إلى الانتحار، إذ يؤكد أن “من يلتحق بهذا العمل يكون واعيا بما يتطلبه”.

كما يلفت في السياق نفسه إلى أن هناك “مراقبة نفسية”، بالإضافة إلى خضوع كل شخص مرشح للالتحاق بهذا العمل لـ”تقييم نفسي لمدى قدرته على أداء هذه الوظيفة”.

من ثمة يرى الخبير الأمني المغربي أن “أسباب الانتحار غالبا ما تكون ذاتية ولا علاقة لها بطبيعة المهنة”، مشيرا إلى حالة موظف الشرطة الذي انتحر هذا الأسبوع، وهو “حديث الالتحاق بالوظيفة”.

عمل ضاغط

“الضغط النفسي لوحده لا يمكن أن يؤدي بالإنسان إلى الانتحار”، يقول المختص النفسي، فيصل طهاري، الذي يوضح أن الوصول إلى مرحلة الانتحار يأتي نتيجة “تراكم مجموعة من ضغوطات الحياة اليومية، بما فيها الأسري والمهني”.

ويتابع المختص النفسي، أن تراكم تلك الضغوط من شأنه أن “يوصل الشخص في مرحلة ما إلى أعراض الاكتئاب” الذي قد يتطور ويبلغ بالشخص لاحقا إلى مرحلة الانتحار، في حال لم يتم الانتباه إليه واللجوء إلى معالج نفسي.

من ثمة يؤكد فيصل طهاري أن “رجال ونساء الشرطة مثلهم مثل باقي الناس، يمرون من مشاكل قد تكون أسرية، صحية، مهنية أو غيرها”، مردفا أن وقوع حالة انتحار في صفوف هؤلاء “لا يعني بالضرورة أن السبب هو ضغط العمل”.

وإذا كانت دوافع الانتحار، انطلاقا مما سلف، لا تسمح بالتمييز بين عناصر الأمن ومن يزاولون مهنا أخرى، فإن الوسائل المستخدمة في الانتحار “تفرض بالضرورة التمييز بين هؤلاء”.

ففي الوقت الذي قد يلجأ الأشخاص من مزاولي مهن أخرى إلى “أساليب تقليدية للانتحار”، وفق طهاري، وذلك باعتماد “الوسائل المتاحة في وسطهم”، فإن “الشرطي حين يفكر في الانتحار فإن أول وسيلة تتبادر إلى ذهنه هي السلاح الوظيفي”.

انطلاقا من ذلك، يدعو المتحدث إلى ضرورة منع الحالات التي تبدو عليها أعراض الاكتئاب، من حمل السلاح، على اعتبار أن السلاح في تلك الحالات يهدد سلامة حامليه وسلامة الآخرين أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *