اقتصاد

تعويم الدرهم المغربي..هل يسير هذا الخيار في الاتجاه الصحيح؟

يشكل الانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة خطوة مهمة قطعها المغرب ضمن مسار تحوله الاقتصادي. ويبدو أن هذا الإصلاح التدريجي، الذي تم إطلاقه في سياق ماكرو اقتصادي متين، يسير في الاتجاه الصحيح لتمكين المغرب، الذي يتجه بعزم نحو العالمية، من تفادي الصدمات الخارجية.

ويتم تنزيل إصلاح نظام سعر الصرف، الاستراتيجي والمدروس بعناية، بسلاسة وفي مناخ يتسم بالهدوء. وعلاوة على هدفه الرامي لتعزيز الخيارات الاستراتيجية للمغرب من حيث الانفتاح الاقتصادي، فإن هذا الإصلاح يأتي في الوقت المناسب لدعم التحولات الهيكلية التي شهدها الاقتصاد الوطني مع تعزيز تنافسيته. وكان المغرب قد قرر في 15 يناير 2018 تعويم الدرهم، حيث تتحدد قيمة العملة الوطنية في حدود نطاق التذبذب زائد/ناقص 2,5 في المائة، مقابل زائد/ناقص 0,3 في المائة في الماضي. وقد أثارت هذه المسألة نقاشا كبيرا، سواء في صفوف المتتبعين للمشهد الاقتصادي أو المواطنين. غير أن نطاق التذبذب ظل دون تغيير، مما يعني أن الإصلاح تم استيعابه بشكل جيد من قبل البنوك والأسواق.

وهكذا، فقد تبددت حسب المراقبين كل المخاوف التي سبقت الانتقال إلى هذا النظام الجديد منذ الأيام الأولى لتفعيل هذا الإصلاح. وكان مختلف الفاعلين في السوق يخشون في السابق من ارتفاع نسبة التضخم وانخفاض محتمل لقيمة الدرهم، لكن كل هذه المخاوف تبددت قبل أن يتم احتواؤها والتحكم فيها.

وكان بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية قد أعلنا، غداة إطلاق إصلاح نظام سعر الصرف، أن هذا الإصلاح سيؤدي إلى زيادة في النمو الوطني بنسبة 0,2 في المائة في 2018 وذلك على أساس فرضية انخفاض قيمة الدرهم بنسبة قصوى قدرها 2,5 في المائة. وهو مؤشر مطمئن خصوصا وأن روح هذا الإصلاح ترتكز على مواصلة بنك المغرب التدخل في سوق الصرف بهدف ضمان سيولته.

وبعد ستة أشهر على دخول هذا الإصلاح حيز التنفيذ، أعرب والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجوهري، خلال ندوة صحافية، عن ارتياحه لنتائج هذا الإصلاح، واصفا العمل الذي تم القيام به مع الأبناك، على وجه الخصوص، بالإيجابي والمفيد للغاية.

ونوه الجوهري كذلك بمضامين التقارير المنتظمة حول المعطيات الخاصة بالشروط المطبقة على الزبائن، بالإضافة إلى المراقبة اليومية من قبل بنك المغرب للتفاصيل الدقيقة لسوق الصرف الأجنبي، بما في ذلك حجم المشتريات/المبيعات أو التقارير ذات الصلة.

ويتطلب الانتقال التدريجي إلى مرونة الدرهم، بالإضافة إلى ذلك، مراقبة تنظيمية يتعين أن تترجم بتكثيف المسؤولية التدبيرية لبنك المغرب. وهذا الشرط في طريقه إلى التحقق بفضل إصلاح القانون الأساسي لبنك المغرب، الذي سيشكل، بحسب خبراء اقتصاديين، مرحلة مهمة في مسار الملاءمة مع المعايير الدولية.

ويروم مشروع القانون رقم 17-40 المتعلق بالقانون الأساسي لبنك المغرب، الذي تمت المصادقة عليه بالأغلبية من طرف مجلس النواب، مراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي من خلال توسيع نطاق مهامه، لتشمل على الخصوص المساهمة في تفادي المخاطر النظامية وتقوية الاستقرار المالي.

كما يهدف إلى تعزيز استقلالية بنك المغرب الذي سيتم تخويله صلاحيات جديدة من أجل تحديد هدف استقرار الأسعار. وي جمع العديد من الخبراء على أن النتائج المأمولة من نظام تعويم الدرهم على الاقتصاد الوطني، لا يمكن أن تتجلى بوضوح إلا إذا اقترن هذا الإصلاح بإجراءات أخرى تتوخى التنمية الاقتصادية المتوخاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *